أخبار الطيبةالأخبار العاجلةنفحات دينية

ألا لعنة الله على الراشي والمرتشي!، بقلم: الشيخ ابو عكرمة الطيباوي

جلس وسط أصحابه الأثرياء في أرقى الفنادق متقهقها قائلا بكل غرور وكبرياء : أنا لا يمنعني أحد أن أصل لكل منصب ووظيفة ، فالجميع يعمل لي ولمالي ألف مليون حساب ، لأن يدي سخية وأدفع نقدا أي مبلغ ، والجميع طماع فيشترى ويباع بالمال !.

3

هل عرفتم ؟أن هذا الغني المتعجرف يتعامل بالرشوة، والتي تعتبر من كبائر الذنوب ،وأنها كسب خبيث وأكلٌ أموال الناس بالباطل والحرام، وإعانة على الظلم والعدوان ،لما يترتب عليها من ضياع الحقوق وفساد المجتمعات، وقد توعد الله أكلة أموال الناس بالباطل بالطرد والإبعاد من رحمته،لقوله تعالى في سورة البقرة 188. : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) . وروى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :(لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم – الراشي والمرتشي ) رواه الترمذي، وصححه الألباني . وفي رواية و (الرائش). “الرائش يعني الذي يتوسط بينهما ” .والرشوة من الأمراض الإجتماعية الخطيرة التي لا يأمن معها أفراد المجتمع على مصالحهم ، ولا يأخذ كل ذي حق حقه، فهي مرض خطير ، حذر منه الإسلام ، فالإسلام حرمها بأي اسم كانت وبأي صورة سواء سميت هدية أو مكافأة أو… فالاسم لا يغير الحقيقة! فما خالطت الرشوة نظاما إلا أفسدته وقلبته ، ولا قلبا إلا أظلمته، وما فشت في أمة إلا وكان الغش والخيانة والظلم ، محل الأمانة والعدل.! والرشوة هي ما يُعطى من ( مال أو بيت أو سيارة أو أرض أو مأكولات..) لإبطال حق أو إحقاق .

والرشوة : من الرشاء وهو ” الدلو ” أو “الحبل الذي يدلى في البئر من أجل الحصول على الباقية .فهو يمد للحاكم حبال مودته الكاذبة من أجل أن ينال ما يريد منه بأيسر طريق ، وأخس وسيلة غير مبال بما يترتب على ذلك من العواقب المهلكة والجرائم المزرية بالأخلاق والقيم .

index

والرشوة ثلاثة أنواع :

النوع الأول : وهو من أشد الأنواع جرما، وأعظمها إثما ، وأكبرها خطرا على المجتمع . حيث يتوصل الراشي به إلى أخذ شيء بغير حق ، كالتي يدفعها الجاهل الآثم لحاكم أو مسئول من أجل الحصول على إعفاء من شيء وجب عليه أداؤه ، أو للحصول على شيء قبل أوانه ، أو من أجل:( أن يحكم القاضي لصالحه ،او لترويج سلعة فاسدة ، أو ليحظى بصيد ثمين في مزاد علني أو مناقصة لوزارة، …) .

النوع الثاني : ما يتوصل به إلى تفويت حق على صاحبه ،انتقاما منه بدافع من الغيرة والحقد والحسد .

النوع الثالث : ما يتوصل به إلى منصب أو عمل ،وهو حرام بإجماع الأمة ، وتشتد الحرمة إذا كان الراشي ليس جديرا بهذا

المنصب ، ولا أهلا لذاك العمل .

لقد أجاز شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال : ” فَأَمَّا إذَا دفع “الرشوة” فأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً لِيَكُفَّ ظُلْمَهُ عَنْهُ أَوْ لِيُعْطِيَهُ حَقَّهُ الْوَاجِبَ : كَانَتْ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ حَرَامًا عَلَى الآخِذِ “المرتشي”، وَجَازَ لِلدَّافِعِ “الراشي” أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ ” . واستدل بما رواه الامام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فَأُعْطِيهَا إِيَّاهُ فَيَخْرُجُ بِهَا مُتَأَبِّطُهَا ، وَمَا هِيَ لَهُمْ إِلا نَارٌ ، قَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ ؟ قَالَ : إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ إِلا أَنْ يَسْأَلُونِي ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ ) صححه الألباني .

ولهذا أجاز لك أهل العلم دفع الرشوة للموظف الظالم ،ويكون التحريم والإثم على الموظف الذي أخذها،لكن بشرطين :

1- أن تدفعها لتأخذ حقك ، أو لتدفع بها الظلم عن نفسك، أما إذا كنت تدفعها لتأخذ ما لا تستحق ،فهي من كبائر الذنوب وحرام .
2- ألا يكون هناك وسيلة أخرى لأخذ حقك ، أو لدفع الظلم عنك إلا بهذه الرشوة .

الشيخ أبو عكرمة الطيباوي .

‫2 تعليقات

  1. جزاك الله كل خير يا ابا عكرمة….الطيبة محتاجة لدروسك الدينية وخاصة للشباب …..على كد ما في ناس متدينة وتخاف الله في تصرفاتها على كد ما في ناس فاسقة وبعيدة عن الدين يحزنني على ما هي عليه الطيالرسول بة …قال الله وقال السول وهم ليسوا من الاسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *