3أخبار الطيبةالأخبار العاجلةنفحات دينية

الجزء الثاني- تعلمنا التبين والتثبت ! لنحكم فلا نأثم ولا نندم !، بقلم: الشيخ ابو عكرمة الطيباوي

في عصرنا الحاضر أصبحت معظم سلوكيات الرجال كأشباه الصغار المراهقين ،وأصبحنا نصدر الأحكام والشهادات على الناس عن اليمين وعن اليسار كأننا قضاة عصرنا !.

3

بمجرد أن أسمع خبرا أو كلاما، أدعي بهتانا أن صديقي الحميم لا يمكن أن يكذب وينقل لنا الأخبار الساخنة الطازجة ، ونحن نصدقه دائما على ” العمى” بكل ما يخبرنا، وقبل ان تصل اخباره الى أذناننا نقوم بننشرها في المواقع والفيس بوك والمجالس ، فينطبق علينا قول الله عز وجل :{ إذ تلقونه بألسنتكم.. }، ولهذا قال تعالى تلقونه بألسنتكم، حيث ليس هناك وقت ولا فاصل بين التلقي والإرسال.ونحن مباشرة نرسل التعليقات من غير ترويّ ولا تثبت !.

والعجيب أنه بعد فترة وجيزة يتبيّن لنا أن صاحبها بريء : ( كبراءة الذئب من دم نبي الله يوسف ) ! . وقتها نندم على تهورنا ووقوعنا في أعراض البشر بدون علم أو اثبات !. وذلك لأننا تغافلنا ونسينا: (أن الكلمة كالرصاصة القاتلة، إذا انطلقت لا يمكن إرجاعها) . وإنني أوجه أسئلة ليحاسب كل مسلم نفسه : كم شخص اتهم كذبا بأنه عميل وأدخل السجن ظلما ؟ كم زوجة طلقت وشرد أهل بيتها وأولادها بخبر كاذب ؟ كم مسلم صالح قتل مظلوما بكلمة من منافق حاقد ؟ كم فتاة اتهمت بالزنا فقتلت بنبأ ملفق من شرير؟ كم من “حرب” قامت بين الجيران وأهل البلد بخبر وهمي من لئيم مخادع ؟ كم من مؤسسة دمرت بخبر من حاسد مفسد؟.

لقد حذر الرسول المختار أشد التحذير من نقل الشخص لكل ما يسمعه، فعن حفص بن عاصم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ) رواه مسلم . وفي رواية عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع ) السلسلة الصحيحة.

إن الأنباء والأخبار الكاذبة والمصطنعة من النمامين الأشرار ،قطعت أواصر المودة بين الأهل والأحباب ، وفككت الأُسر والعائلات ، وحولت المحبة إلى عداوة ، والألفة والمودة إلى جفوة وغلظة بين الأصحاب!. وكل هذا لأننا لم نستمع، ولم نطبق ،ولم نتبين ، ولم نتحرى، ولم نتثبت الصدق.قال تعالى في سورة الحجرات 6:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ). وتجرأنا في التهجم على العلماء الأفاضل ،الذين ينتظر الناس كلمتهم، ويتبعون مواعظهم وأقوالهم !. حتى وصل أن قسم من المسلمين تجرأ بوقاحة وكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونسبوا إليه أحاديث ، وقصص لا تصح عنه بتاتا ؟! . لذلك وجب علينا ان كنا مؤمنين أن نتحرى ونتثبت من الأخبار عموما ، وفي حق النبي صلى الله عليه وسلم أشد وأشد، وذلك وفق المنهج القرآني:{ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } .!

ولكن اليوم واقع الناس يشهد تساهلاً مُفرِطاً في نقل ما يسمعون من أحكام وفتاوى وأخبار وأحداث ، سواء تعلّقت بعلماء أو رؤساء او مشاهير أو …. وكلما كثر جهل المتحدث، وقل ورعه وتقواه كان أشدّ وأجرأ في هذا المضمار والمجال . حيث لم ينتبه لقوله تعالى في سورة الإسراء 36 :(وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ).

المربي الشيخ أبو عكرمة الطيباوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *