2أخبار الطيبةنفحات دينية

ايها الإرهابيون نبرأ الى الله من جرائمكم وسفككم للدماء ! بقلم الشيخ ابو عكرمة الطيباوي !

 في الحقيقة يجب ان نفرق ونميز ما بين انه”يحرم ” علينا المشاركة في حفلات الكريسمس ، وبين الإعتداءات والتفجيرات على البشر في دور العبادة.

tn1

وإنني أسال الله ان يلهمني ويوفقني أن أكتب بنزاهة وإنصاف ، بعيدا عن التعصب والتهور والتذبذب والتخاذل، بل ألتزم الموضوعية والحقائق. لأن ما يحدث من سفك للدماء في دور العبادة لا يرضى به الله تبارك وتعالى ولا أهل الاسلام !. لأنه يعبر عن أحقاد فتاكة سامة ، واعمال اجرامية تخريبية تدميرية، يبرأ منها اسلامنا الحنيف. حيث عبر تاريخنا المشرق الناصع ، اتصفت معاملة النبيّ الكريم لغيرِ المسلمين كاليهود والنصارى بالإنصاف والعدل . حيث ضمنَ لهم حقوقَهم، وكان يحكمُ لغير المسلم على المسلم ،إذا كان صاحب حقٍ، كما وشدّد على احترام المعاهدات التي تُعقد معهم. وقد جاءت الأحاديث الكثيرة التي تدلّ على رعاية أهل الذمّة الذين يعيشون داخل الدولة الإسلاميّة .

فكفُّل لهم حريّة العمل والكسب. ومن الأمثلة على حُسن التعامل معهم، أنّ رسولنا الكريم مرّ يوماً بجانب أسيرٍ فناداه: يا محمّد، يا محمّد ، فجاءه النبيّ وخاطبه: ما شأنُك، فأجابه الأسير بأنّه جائعٌ يريدُ الطعام، وبأنّه عطشان يريدُ الماء، فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام بسقايته وإطعامِه. ولهذا قال روبرتسن: “إنَّ المسـلمين وحدهم جمعوا بين الغيرة لدِينهم، وروح التسـامح نحو أتباع الديانات الأخرى”.

إنَّ أساس علاقة المسـلمين مع غيرهم يتمثَّل في قول الله عزَّ وَجـل في سورة الممتحنة.َّ:”لا ينهاكم الله عن الَّذين لم يقاتلوكم في الدِّين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم وتقسطوا إليهم إنَّ الله يحبُّ المقسـطين..”

إن لأهل الذِّمة في دار الإسلام حقُّ الحماية من كلِّ عدوان خارجي، ومن كلِّ ظلم داخلي.ولقد سار المسلمون سلفًا وخلفًا ،عبر تاريخهم المُشَرِّف وحضارتهم المشرقة النقية، وأخلاقهم النبيلة السمحة، التي دخلوا بها قلوب الناس قبل أن يدخلوا بلدانهم .يقول رسـول الله صلى الله عليه وسلم : «مَن ظلم معاهدًا، أو انتقصـه حقًا، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة» رواه البيهقي وأبوداود.

ويقول النبي المختار : «من آذى ذمّيًا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله» رواه الخطيب بإسناد حسن.

ودماء أهل الذِّمة وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم معصومة باتّفاق المسلمين، وقتلهم حرام بالإجماع: «مَن قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا» . إن الإسلام دين التعايش، ومبادئه لا تُقِرُّ العنف والإرهاب.بل تمنح للبشرية حريَّة وحقِّ الاعتقـاد،وحسابهم على ربهم. لذلك إسلامنا لم يقم على اضطهاد مخالفيه، أو تحويلهم بالإكراه عن عقائدهم ،لقوله سبحانه: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ سورة الكهف. ووصية الخليفة الراشدي أبي بكر الصديق لجيش أسامه بن زيد – رضي الله عنهم توضح الكلام :” يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني :”لا تخونوا ، ولا تَغُلُّوا ، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً أو شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نحلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ”! . هذا هو موقف الإسلام من أماكن العبادة، والنهى عن قتل الأبرياء والغدر بالمدنيين والنساء. والمسلمون وحدهم الذين يستطيعون الحفاظ على دور العبادة من الهدم ، وضمانً الأمن والسلامة للناس ،قال تعالى: “وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا “.

وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعهد لأهل القدس على حريتهم الدينية، وأعطاهم الأمانَ لأنفسهم، والسلامةَ لكنائسهم، وكتب لهم بذلك كتابًا:”بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبدُ الله عمرُ أميرُ المؤمنين أهلَ إيلياء من الأمان، أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تُسكَنُ كنائسُهم، ولا تُهدَمُ، ولا يُنتَقَصُ منها ولا مِن حَيِّزها، ولا من صَلِيبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرَهون على دينهم…”

وبهذا يتضح أن هدم الكنائس وتفجيرها أو قتل وترويع أهلها من الأمور المحرمة، التي لم تأتِ بها الشريعة السمحة.

كما أن في الاعتداء على الكنائس والتعدي على المسيحيين من أهل مصر وغيرها من البلاد الإسلامية نقضًا لعقد المواطنة؛ حيث إنهم مواطنون لهم حق المواطنة. فالتعدي عليهم وترويعهم وهدم كنائسهم فيه نقضٌ لهذا العقد . قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ سورة المائدة:1.

كما وأوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقبط فقال: «استَوْصوا بالقِبْطِ خيرًا؛ فإن لهم ذِمَّةً ورَحِمًا». ورَحِمُهم: أن أمَّ إسماعيل عليه السلام منهم.

اللهم انا نسألك أن تجعل بلاد المسلمين تمتلأ بالأمن والأمان والطمأنينة ، وارزق اهله الطيبات الحلال، وامطار الخير والبركات!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *