أخبار الطيبةالأخبار العاجلةكلمة حرة

رسالةٌ أُعزّي بها نفسي بوفاة أغلى الناس على قلبي ” جدتي”

ولأنني شعرتُ بأن جانبًا من حياتي انطفأ اكتب الان ….

images

بقلم : روان مجدي مصاروة

ومع أولى زهرات الربيع تساقطت أولى قطرات الحزن ،وخبر كالصاعقة حلّ علينا لا ندري ما الذي حصل ؟

كعادتي وفِي كل يوم منذ أن فارقتينا أقف صامتة،  وحزينة لفراقكِ ،أنام وصورتك الجميلة محفورة في ذاكرتي ،أتأمل عينيكِ الصغيرتين وقلبكِ المشرق والمفعم بالأيمان .

خسارتك بالنسبه لي كبيره لم يسبق أن خسرت أغلى شيء من قبل، فأكاد لا اصدق إني فقدتك، لساني حقًا يعجز عّن وصفك ،وتكاد  تخنقني العبرات فكثير من المواقف واللحظات التي قضيتها بجانبك لا يسعني أن أتذكرها الان لأنني في صدمهٍ لم اتوقعها في حياتي .

لم اتخيل يومًا أن يأتي رمضان وأنت لست بيننا ،فأنت عامود البيت  وحلقةُ وصلٍ بين جميع الأفراد ،بسبب وجودك كنّا نجتمع حولك ،تشاركيننا الامك وتعبك عسى أن نخفف عنك ،ولكن عندما مُتِ تزعزع كل من  فالبيت ،وعقلي لم يتصور يومًا أن أرجع من صلاة العيد ولا ألقاك تنتظرينا ونُعد معًا مائدة الفطورِ ..بأي حال يا عيد ستهل علينا؟؟ عساك جئت باكرًا

 آهٍ.  يا صديقتي كم قاسيةٌ هي الحياه بدونكِ

لقد خسرناك بكل ما تحمله الكلمة من معاني ،خسرنا حبكِ ،خسرنا حنانكِ وعطفكِ ،خسرنا كرمكِ وعطاءكِ الا محدود، خسرنا روحكِ النقية وصفاء قلبكِ وانسانيتكِ الا متناهية

كل شي مختلف بدونك ،لم يعد بيتنا كما كان،اختفت بهجة الفرح في حياتنا ،صحيح أنها ايام قليله منذ أن فارقتينا ولكنها بمقدار سنين بالنسبة لنا، عرفنا أن الحياه أظلمت من بعدك فقد كنت كالشمعة المضيئة بيننا، ولكن المرض والتعب أنهكاك وبدأت تذوبين يومًا بعد يوم ،

كنت نٍعمَ الام والأخت والصديقة والزميلة الحنونة ،المعطاءة ،الطيبة.

 آهٍ.    لو تبصرين الحياه مرة واحدة لوجدتني تائهة وكأنني في منفى لا يغمض لي جفن في الليل ولا انام لأحلم أن صباحًا مشرقًا ينتظرني وأن كل ما حدث يكون مجرد لقطات عابره من فيلم عنوانه لا حياة بعدك .

لا زال يوم فراقك مرسوم في مخيلتي مسحوب بأدق التفاصيل ، لا أنسى حينما قفزت واقفةً من فراشي لا أدري باي حالِ كنتُ ،لقد دقّت نواقيس القلق برأسي وهرعتُ بأقصى سرعةٍ عندي وما ان وصلت ورأيتُ تسارْع الايدي لأن تحتضنكِ والدموع كالسيلِ تنهمر على الوجنتين والصراخُ يملأ المكان ،شعرت أن لا مكانة لي في هذه الحياه ،وحينما جلست أتحسس يديك الدافئتين ،شممتُ رائحه مسكٍ تعجّ بالمكان، فلم استغرب من ذلك فأنت تستحقين اكثر فاكثر .

 أماه.   لقد حظيتِ بالمحبة في الدارين ، في الدار الاخرة قبل دار الدنيا ، حظيتِ بمحبة الله ورسوله ،ومحبة كل فردٍ في عائلتكٍ

لو رأيتٍ الكم الهائل من الدموع التي ذُرفت عليك سواءً من شخصٍ قريبٍ أم بعيد لعرفتٍ مكانتك في قلوبنا .

لا ننسى تلك الايام التي كنّا بقربك مذعورين،نعانق ليالينا بوجهك المستسلم لكل المتاعب والمِحن التي مررتِ بها ، وحتى نبضات قلبك تتمّوج بين أنين الياس والامل وتتراكض مسرعةً لأن تحظى بوجود اقرب الناس اليها من أقاربٍ وجيرانٍ وأصدقاء

لقد كانت لوعةُ الفراق تحرقها وتُشعرها  بأن عمرها بدأ بالنقصان، وبنفس الوقت تمسُكها في الحياة تجلى في دعائها ومناجاة ربها ،عساهُ أن يزيح هذه الغمامة السوداء عنها.

 هكذا حال الانسان  ففي طبيعته  يحب الحياة لذلك يحاول أن يتمسك بقدر مستطاعهِ لأن يظل بين أهله وأحبابه .

جدتي .   اختارك الله من بين سائر مخلوقاته لأنك مميزه بأفعالك ، متألقة في صفاتك ،فقد كان ثالوث حياتك مرتكز على الصبر والمحبة وقيام الليل ،فكل اعمالك مقرونه بالحرص والاعتناء والثبات على ما قُدّر لك .

لقد عُرِفت عيناك بكثرة دموعها من خشية الله، كنت تفيقين في الهزيع الأخير من الليل لتناجي ربك وترددين آيات من القران حتى يحل الصباح

لقد كانت ايامك مباركه وحتى يوم رحيلك كان كذلك

 الان اشعرُ في أنينٍ يدق في قلبي ونبضه يتراكض بلا توقف ،أشتاقُ لرضاك وأدعيتك وابتسامتك الحزينة القصيرة

لم ينتظرك الفرح وسرعان ما خطفكٍ العمر وأنت ما زلت تكتبين صفحتك البيضاء وتُشعلين الأنوار الضئيلة في حياتنا .

 جدتي ….كل العبارات تخذلني،فلا يسعني الا أن اقول أن مُروركٍ بيننا كان كجدولِ عذبٍ هادىٍ ومريح ورحيلكٍ عذبًا مريحًا

ولتكن ذكراك كعطرٍ ورديٍ يعبق في حياتنا .

 فأبرياء نحنُ البشر

دائمًا نصف القادم بأنه الاجمل ولكن الواقع أنه مخيف جدًا لأننا لا نعلم عنه شيء غير امنياتٍ رسمناها في مخيلتنا عند كل ليلة ولكن القدر يتغيّرُ بأي لحظةٍ ،وتتبعثرُ أيامنا ونحاول أن نُلملمها حتى ترجع كما كانت

لكن قدرُ الله أقوى من كل شيء.

 الى روح امنا الطاهرة….

الى التي رَبَّت أبناءً صالحين قادرين على تحمل الشدائد

الى التي علمتنا أن سلاحنا فالحياة تقوى الله ومخافته

الى التي خصصتُ لها مكانًا في قلبي

رحمك الله رحمة واسعة واسكنك في الفردوس الأعلى

بقلم : حفيدتك التي لطالما رغبت بأن تبقي الى جانبها .

                              روان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *