2أخبار الطيبةالأخبار العاجلةكلمة حرة

موعظة دنيوية – بقلم: ناضل حسنين

انتشرت في هذه السنوات الاخيرة رغبة لدى البعض في تغيير الآخرين، فيما يتعلق بالمعتقدات الدينية والتمثلات الروحانية. وقد شاع ذلك من منطلق أن الاخر مخطئ وانك انت وليس سواك على صواب وما يمت الى هذه القاعدة من التفكير بصلات.

1

برأيي ان السعي وراء تغيير الآخر لهو ضرب من ضروب العبث، وذلك لسبيين اساسيين: السبب الاول هو استحالة تغيير الآخر من كافة منطلقات الاعتقادات الروحانية. يقول الله تعالى في كتابه الحكيم: “انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين”، وهذه آية واضحة لا لبس فيها وتعني انه لا يمكنك ان تغير أي شخص، لا سيما ان هذا التغيير هو في حد ذاته نوع من انواع الانتصاب في موضع الله تعالى للإقرار بمن هو ضال ومن هو مهتد.

عندما تريد ان تغير الآخر فهذا يعني انك تتصور نفسك على صواب والآخر على خطأ. في حين ان الله تعالى يقول بصريح قوله: “إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين”.

إذن بالنسبة للسبب الاول فإن تغيير الآخر امر مستحيل لأن الله هو الهادي علاوة على انه نوع من الاستيلاء على دور الله عز وجل.

أما السبب الثاني فهو متصل بالاختلاف. فمحاولة تغيير الآخر تعني محاولة تنميط المجتمع وفيه يصبح كل الناس لهم نفس الرؤية للعالم ونفس التمثلات الروحانية ولهم نفس المعتقدات. وهذا مخالف لإرادة الله حيال الكون وهذا مخالف لإرادة الحياة. يقول الله تعالى: “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم….”

إذن فإن الخلق نفسه في جوهره ينبع من التباين والاختلاف. والاختلاف اساسي، وهو اختلاف من ارادة الله تعالى الذي خلق كل شيء في الكون. فهل نريد السير ضد ارادة الله معتقدين اننا بهذا نحاول تنفيذ ارادة الله؟ ثمة نوع من التناقض العميق هنا!

يقول الله صراحة: “ولوشاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا أفأنت تُكرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين”. قد يقول احد: كيف نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر إذن؟

بغض الطرف عن ان مفهومي المعروف والمنكر، فهما مفهومان متحولان ومتغيران يختلفان حسب السياقات التاريخية حتى وإن استندا الى تقليد روحاني واحد. بغض النظر عن هذا فالمطلوب وفق الحديث النبوي الشائع “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع بلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان”.

هنا المطلوب هو تغيير المُنكَر وليس المنكِر. ان تغيير المنكر كأن ترى اوساخا وقاذورات في الشارع فتحملها بعيدا. كأن ترى امرا يعيق طريق الناس فتخفف عنهم وتبعده عن دربهم. وتغيير المنكر باللسان هو بالدعوة الى ما تراه انت صالحا بكل لطف وبكل ود. يقول الله تعالى: “ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة….”.

وأحيانا يكون التغيير في القلب لأنه فعلا تأكيد على عدم القدرة على تغيير الآخر. فأنت مثلا عندما تسمع الناس يغتابون بعضهم بعضا، وهذه رياضة عربية بامتياز حتى من يدعون التقوى منهم، يمكنك حين تستمع الى اناس يغتابون بعضهم بعضا ألاّ تشاركهم الحديث.

كل هذا يعني ان ارادة الاختلاف التي جعلتنا نحيا معا في تعدننا وتنوعنا هي امر يجب ان يحترم. وأن تغيير الكون وتغيير الآخر يمكن ان يكون اساسا بتغيير انفسنا. يقول الله تعالى: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.

ولكن لأن تغيير النفس صعب ولأنه طريق وعر ولأنه يحتاج ارادة وصبرا ومثابرة وتجربة وهو مصحوب بالألم في كثير من الاحيان واحيان يتراجع امام اليأس ثم يتقدم مع الاصرار ، لذلك كله فضل بعض الناس ان يمضوا وقتهم يتتبعون ما يتصورنه سقطات الآخرين وعوراتهم بدلا من ان ينتبهوا الى انفسهم وتطويرها نحو الافضل.

‫9 تعليقات

  1. المشكله هنا انه لا توجد شىء اسمه خصوصيات عندنا. تجد من هب ودب يعطي رأيه ويتدخل بما يعنيه ولا يعنيه ويفرضه وكأنه يفهم في كل شيء دون احترام لخصوصية الاخر واختياره وهذا نوع من الاذى بحد ذاته. الحياه تكون اجمل لو ترك كل واحد الاخر بشأنه!! موضوع مهم. شكرًا

  2. اهم شىء الأسلوب! يوجد فرق بين ان تقول رايك او ان تفرض رايك على الآخرين، فرق شاسع. اعتبر الأخير قلة أدب. ارى ان اغلب الذين يتتبعون عورات الآخرين مليىين عيوب. لو سعى كل انسان الى إصلاح ذاته وانشغل بها لكان أفضل

  3. ها انت وقعت في الخطأ الذي حدثتك عنه. انت ترى الحجاب من امر ربي و”التبرج” معصية وهذا امر مختلف عليه ولا يجوز لك اعتباره صراطا مستقيما وان تفرضه على غيرك. ثم ان الربا التي تتحدث عنها قد وردت بتسمية أخرى في البنوك الاسلامية وقالوا عنها “مرابحة” بفتوى المفتين وهي الربا بعينها.. ولهذا فلا يمكنك ان تقول ان الربا محرمة والمرابحة محللة… هذه امور تحتمل الصواب والخطأ لأنها من منظور بشري وكل يراها من منطلق المامه وفهمه للدين.. ولهذا اختلف الفقهاء حولها.. فكيف لك ان تقدمها انت وكأنها امور متفق عليها…هنا تقع وتوقع بالخطأ (عن حسن نية طبعا)

    1. ايها المراقب افتح عينيك جيدا لتراقب جيدا فانت تخلط الحابل بالنابل وتقول من غير علم . هذا دين . والصراط المستقيم وضعه الله عز وجل وليس البشر. فالمقياس الشرعي هو ما فرض الله. اما من اراد ان يتعامل بالربا والتبرج فهذا شانه . من اراد فليؤمن ومن اراد فليكفر , لهذا ثواب ولذاك عذاب كما وصف ربنا في كتابه العزيز .

      1. ابو البلد انصحك ان تركز حديثك فيما اعقب وان لا تتحدث عن شخصي.. هذه عادة مقيتة يتبعها من لا يجيد الرد. ثم هل تعرف انت ما هو الصراط المستقيم.. ؟ هل تخبرني كم طوله وكم عرضه ومن اين الى اين يمتد؟ هل تسير عليه امة محمد لوحدها ام امة عيسى وموسى؟ هل يصل بين الروح والنفس ام يربط بين الجنة والنار ام بين الحياة والاخرة؟ هل تعرف اين هو الصراط المستقيم؟ اخبرني!
        ثم تتحدث عن المقياس الشرعي، هل تعلم يا سيدي ان المقياس الشرعي يعني المقياس البشري للدين؟ هل تعلم ان الشرع يكاد يكون خاليا من الدين لأنه نتاج تفسيرات بشرية تعتمد على مدى معرفة الشخص الذي يتناول هذا الامر. وإذا كانوا هؤلاء مثلك بعلوم الدين، سامحني، فلا بد ستدعونا الى الزرداشتية او الى البهائية او لأي عبادة أخرى بعيدة عن الاسلام.
        ارى ان مقال الاستاذ هنا في مكانه وهو لا يدعي المشيخة مثلكم، ولكنه على الاقل يقول ما يفكر به دون ان يفرض رأيه على احد وهو رأي منطقي جدا ومفهوم. انتم تتشنجون لأنكم تعتقدون ان الدين حكر عليكم ولا احد يفقه شيئا منه سواكم.. لعلمك ان الدين اسهل بكثير مما تصورونه للناس فلا تجعله معقدا كي تعطي لنفسك صبغة الفاهم بالامور المعقدة وسواك من البسطاء… انا على يقين انك لا تجيد التشكيل الصواب اثناء التلاوة.. ما رأيك؟

  4. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,

    الأخ ناضل, ما هو الهدف من هذه المقالة بالضبط ؟
    أرى أن فيها الكثير من المُغالطات العلمية الشرعية .. فلو تقيّدت بالعنوان – في كونها موعظة دنيوية – لكان أسلم.

    فإن الله تعالى بعث رسوله صلى الله عليه وسلم للناس ((ليُغيّرهم)) بتغيير ما فيهم من مُنكر ومخالفات شرعية ..
    فتارك الصلاة مثلا, يُنكر عليه تركُه لصلاته ليتغير من كونه عاصيًا لربه إلى كونه مطيعا له ..

    وكذلك الكذاب .. يُدعى إلى ترك كذبه ليتغير من كونه كاذبا إلى كونه صادقا ..

    وكل مسلم – وإن كان فيه عيوب – مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتغيير الناس من كونهم مُخالفين لأمر الله تعالى إلى طائعين .. وتأمل هذه الآية الواضحة :
    قال تعالى : “كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز”

    فأمر ليُخرج الناس من ضلالهم ويغيّرهم بإذن الله تعالى – أي بالاستعانة به على الدعوة.

    فرسول الله صلى الله عليه وسلم مأمور بهداية الناس – هداية الدلالة والبيان – كما قال تعالى : “وإنّك لتهدي إلى صراط مستقيم”

    فالكافر يتغير إلى المسلم ..
    والمسلم العاصي يتغير إلى المسلم الطائع ..
    والمُرابي إلى ترك الربا
    وشارب الخمر إلى غير شارب ..
    وتارك الصلاة إلى غير تارك لها ..
    والفاسق إلى طائع ..
    والضال إلى الراشد ..
    وهكذا ..

    وقد التبس عليك أن توفّق بين قوله تعالى : “إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء”

    وبين قوله تعالى : “وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم”

    فالهدية الأولى المنفيّة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن غيره من المخلوقين هي هداية التوفيق إلى الهدى وهذه يختص بها رب العباد – وهي خلق الإيمان في القلوب.
    وأما الهداية المذكورة في الآية الأخرى, فهي هداية الدلالة والبيان المأمور بها كل مسلم بقدر استطاعته.

    فتغيير الناس أمر واجب على من يملك ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة .

    والحمد لله رب العالمين.

    1. “فإن الله تعالى بعث رسوله صلى الله عليه وسلم للناس ((ليُغيّرهم)) بتغيير ما فيهم من مُنكر ومخالفات شرعية ..” هذا ما تقوله انت، وهو مطابق لما يقوله كاتب المقال: تغيير ما فيهم من منكر.. اي ليس تغيير الشخص وانما تغيير الشيء المنكر…
      ثم ان الهداية الى الصراط المستقيم يبقى امرا منوطا بمدى فهمك او ادراكك لهذا الصراط المستقيم، فمن الممكن ان تكون قد ادركته بصورة خاطئة ولهذا فإنك لا تستطيع ان تقود الناس الى طريق خاطئ…

      1. خطأ ..
        الطريق المستقيم واضحة المعالم ، بيّنة ظاهرة .
        فالحلال بيّن والحرام بيّن ..
        فإذا رأينا شخصا يتعامل بالربا مثلا فهذا في غير الطريق المستقيم بنص كلام ربّنا وليس لأحد أن يناقش فيه أو يجادل ..
        وإذا رأينا متبرجة مثلا فهي على معصية بنص كلام ربنا لا نقاش فيه .. والحجاب في ذلك هو الطريق المستقيم بنص كلام ربنا !
        فالطريق المستقيم واضح قد جاءت به الرّسل من عند ربّنا .
        فمن الخطأ أن نقول أن الطريق المستقيم يتعدد بحسب رؤية البشر !
        قال تعالى : “وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله”
        فأشار الله تعالى إليه مع التأكيد لأنه واضح جلي ! وأمر عباده باتباعه وسلوكه.

  5. نفسي امام مسجد يقول :
    اللهم ابعد الدواعش عنا
    اللهم ابعد الحكام المتامرين علينا في الخليج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *