3أخبار الطيبةالأخبار العاجلةكلمة حرة

لا أريدُ أن أصبحَ معلّمة! بقلم: دعاء عبد القادر-جبالي

ولا أريدُ أن أكتب من وحي قلمي بل من وحي تجربتي، ما زلتُ أذكر جملتي هذه ” لا أريد أن أصبح معلمة! ” وما زلتُ أذكر جمل أبي وأمي والجارات عن فضائل مهنة المعلمة للبنت والمرأة، ما زلت أذكر رفضي لتحديد قدراتي في قفصِ هذه المهنة! وكيف لهم ان يحددوا لي سقف طموحي تحت سقف بيت الزوجية والأمومة وعمل المنزل والرجوع باكرا الى البيت.

1

نعم حتى هذه اللحظة وكلما استرجعت شريط الماضي أتذكر اني دخلتُ كلية دار المعلمين وليس بي نقمة على الواقع لا بل دخلت ُ وانا مستعدة لبداية جديدة ، بداية أعلم جيدا انها لن تكون النهاية.

ومرّت الأيام ، ومرّت بعدها السنة تلو السنة ، كنتُ أشعر انّ شيئا في داخلي يتغير ، واني انضج شيئا فشيئا ، وان أيامي في الكلية ما هي الا تحضيرٌ لمستقبلي الجديد!

لا أنكر ، فكما وهبنا الله ان نذوق الطعم الحلو وهبنا أيضا أن نذوق الطعم المرّ والأمر!  كانت هنالك المحاضرات المملة وكانت هنالك المحاضرات الرائعة ! كان هنالك المحاضرون والمحاضرات الذين مهما تكلموا يبقى لدي الشغف لسماع المزيد منهم، كما كان هنالك المحاضرون الذين كنت انتظر الدقيقة التي انتهي من سماع تفكيرهم!بغض النظر، لقد كان تفكيري ينضج حتى مع رؤية السلبيات وبلورة الانتقاد في نفسي ، نعم أؤمن انه بإمكاننا دائما ان نتعلم حتى من تلك الأمور المزعجة والسلبيات التي حولنا وكما بإمكاننا ان نتميّز بكل ما يميزنا أينما كنا!

رحلتي في كلية بيت بيرل كانت رحلة مميزة ، أتاحت لي فرصة لأتعرف على نفسي أكثر وأعطتني الوقت الكافي لأحدد مستقبلي كل يوم من جديد ، أتاحت لي ان انكشف على العالم الصغير وأحمل به منظارا آخر يكبر لي خفايا العالم الأكبر.

وبالطبع ، اني لا أكتب مقالي هذا لأشرح عن أجواء كلية دار المعلمين، بل أكتب الآن بقلم شابة طموحة رفضت ان تكون معلمة وها هي الآن المعلمة والزوجة والأم وبنت والديها وبنت المجتمع وبنت كل المسؤوليات من حولها ! معلمة تحمدُ الله على نعمة أنها أصبحت معلمة !

ليس بإمكاني الانكار كم كنتُ أتمنى مهنة  أخرى وتخصصا آخرا يلائمني ويلائم طموحي وكل ما أحب وأميل اليه، فكم فكرت في علم النفس وكم فكرت في عالم الاجتماعيات وعالم حب مساعدة الناس وفهم أعماقهم ، وكم فكرت في علم ٍ يقربني من وطني ومجتمعي وبكل ما استطيع ان اقدم له.

ولكنه بإمكاني الآن ان أقول بأن مهنة ” المعلمة ” التي استهنتُ بها أتاحت لي ان احقق كل ذلك في نفسي! وبإمكاني ان اتحدث عن كل معلمة كان لديها القدرات العالية وكان بإمكانها ان تدخل اعلى التخصصات وان تفتخر بدخولها الجامعة واختارت ان تكون معلمة!بإمكاني ان أقول لها مجتمعنا بحاجتك! وبحاجتك انت بالذات! للأسف فان مهنة المعلمة قد نزلت رفوف منزلتها وقيمتها ولذلك أصبح بإمكان أي فتاة لم تجد حلمها ان تذهب الى مهنة التعليم بغض النظر ان كانت ملائمة او لا ! ومدارسنا بحاجة لمعلمات يحملن الطموح ويحملن الضمير ويحملن حب علم الاجتماع والنفس والعطاء بتميّز، مجتمعنا بحاجتكِ ان كنتِ ترين في نفسك التميز! ولن تكون النهاية،فان تصبحي معلّمة هي بداية أحلام وطموحات جديدة.

فلم يخطئ مجتمعي حين حددّ اريحية مهنة التعليم للمرأة رغم كل مصاعبها! لم تخطئ أمي حين قالت لي غدا ستصبحين أمّا وأفضل مهنة هي المعلمة فهي كذلك، فهي كذلك رغم اني لم أفكر يوما ماذا يعني ان أكون “أمّا” ولم أفكر الا في طموح وحلم وكتاب!

 حتى لو كنتِ في بداية عمرك فكّري أيضا بهذا اليوم!  وقد أخطئوا حقا حينما حددوا مهنة المعلمة كمهنة أقل من مهنة الطب وعلم النفس وغيره ! مهنة التعليم اذا كنتِ ملائمة لها بطموحكِ العالي وقدراتك العالية ستكون لك قوّة ، وقوة اعظم من ان تكوني طبيبة! فهي ليست صفة ضعفٍ لطموحك العالي بل هي بداية لحب نفسك وعطائك لبيتك ومجتمعك ووطنك. هي بداية ُ كل يومٍ جديد بشمسِ أمل ٍ جديدة فوق طريقٍ ليس ورديا تماما وليس رماديّا دون نور في آخر الطريق.

‫4 تعليقات

  1. الى الخنساء والجميع … اولا مثلما تقولين ان الحق على المعلمون الذين لا يصلحون ليكونون معلمون ، هل تظنين انه من السهل تعليم اربعين طالب في صف واحد ! ومن بعد الانتهاء من الحصة والذهاب لحصة اخرى ولصف اخر ويكون فيه ايضا حوالي اربعين طالب . اود ان اقول شيء صغير انه ليس من حقنا لوم المعلمين ولكن علينا انا نشغل تفكيرنا بحق الطلاب الذين جاءوا للمدرسة ليتعلموا ووجدوا الصف يملأه طلاب كثيرون . علينا تقليص عدد الصلاب في الصفوف لكي يكون اقل فوضى وتشويش في الصف وكذلك يجب زيادة عدد الصفوف او بناء مدارس جديدة فالطيبة هي مدينة وليست قرية اتظنون ان اربعة مدارس تبتدائية تكفي لاولاد شعبنا ؟؟

  2. الى المعلمة دعاء لك خالص الشكر على كلامك الواضح والجميل كم أعجبني حين غيرت رأيك وقررتي ان تصبحين معلمة، فان الأهل يرشدون اولادهم الى الطريق الصحيح ،وانت اكملت المشوار بكل ثقة واعتزاز ،فانها كانت لك تجربة فريدة ومميزة وجعلتك مميزة كذلك. اتمنى لك دوام النجاح والتقدم نحو الامام لمستقبل مزهر . من رؤى حاج يحيى

  3. عزيزتي تحية وبعد
    مهنة التعليم مهنة مقدسة لانها عبارة عن بناء مجتمع ونفوس ، اذا ادى المعلم او المعلمة مهمته بامانة واخلاص وعدل
    بينما اليوم مهنة التعليم اصبحت مهنة محتقرة وافتقر المعلم للاحترام وينظرون باستعلاء للمعلم او المعلمة وكان من يتعلم مهنة التربية والتعليم هم ” صعفاء” وليسوا متفوقين والاهل يركضون وراء العلامات فاذا كان المعلم شديدا وليس سخيا باعطاء العلامات فيصبح المعلم مذموما والطلاب يحبون المعلم المتساهل وغير الشديد
    ويرى الاهل بالمعلم عبارة عن حاضنة ביבי סיטר لذا ينتقدون العطل والمناسبات ״ المعلمين بعلموش وبوخذوا مصاري وهم نايمين” هههههه
    مع ان كل ام لها ولد او ولدين لا تطيقهم وتنتف شعرها من مشاغبتهم فكيف عندما يقابل المعلم عشرات الطلاب باليوم من كل النوعيات
    المدير والمفتش والاهل والوزارة ويا ويلاه المعلم هو الحلقة الاضعف ناهيك عن المسبات والاهانات التي يسمعها المعلم ويسكت
    لذا اصبحت مهنة المعلم منبوذة وللاسف يوجد معلمون ومعلمات لا يستحقون ان يكونوا بهذا المجال ويسيؤون للمهنة لانهم لا يؤدون الواجب ويخونون امامة المهنة ومع الاسف المحسوبيات بالتعيين جعلت من مهنة المعلم ” مسخرة” يعينون مرشدات هن بحاجة لارشاد ومفتشين بلا ضمير لذا مستوى التعليم لن يتغير حتى يحدث تغيير جذري بداية بالتفتيش والادارة والمنهاج وهذا طبعاًبالاحلام
    ارجو لك التوفيق عزيزتي واتمنى ان يتغير الوضع ربما يولد عهد جديد مشرق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *