3أخبار محليةالأخبار العاجلةشؤون اسرائيليةفلسطين 67

قرار مجلس الأمن.. أسئلة وأجوبة

قرر مجلس الامن الدولي، امس الجمعة، بأغلبية 14 صوتا، وامتناع دولة واحدة هي الولايات المتحدة الامريكية صاحبة حق النقض “الفيتو” الذي بقي بعيدا هذه المرة على رقبة القرار، الذي اثار جنون اسرائيل وأركان الادارة الامريكية القادمة على حد السواء.

2

وكثرت التحليلات والتوقعات والتقارير المتعلقة بهذا القرار الذي ذهب البعض الى وصفه بالتاريخي، فيما فضل البعض الاخر الحفاظ على توازن الموقف والقول بان الامر يتعلق بمجرد قرار جديد لا قيمة فعلية له، وذلك لاختلال موازين القوى بشكل صارخ لصالح إسرائيل والمعسكر المادي لروح ونص هذا القرار.

وفضل موقع “هأرتس” الالكتروني الاستعانة بعنوان اشهر كتاب الحاخام اليهودي الفيلسوف “موسة بن ميمون” والمعروف ايضا باسم “رمبام” صاحب كتاب “دلالة الحائرين” وبالعبرية “مورية هنبوخيم” كمقدمة لطرحها اسئلة تعتبرها مفصلية وتغلق باب النقاش حول هذا القرار، على الاقل في هذه المرحلة وكانت على هذا النحو:

س: هل يدور الحديث عن قرار غير مسبوق والأول من نوعه الذي يصدره مجلس الامن ضد الاستيطان والمستوطنات؟

ج: لا، لكنه القرار الاول الذي يناقش قصة المستوطنات بهذا التفصيل والتركيز منذ اكثر من 35 عاما، حيث صدر قرار يحمل الرقم 465 في اذار 1980، ومنذ ذلك التاريخ وقعت تغيرات دراماتيكية في قضية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بمدى وحجم المشروع الاستيطاني، وفي مدى تركيز المجتمع الدولي على قضية الاستيطان.

س: هل يغير القرار الوضع القانوني للمستوطنات؟

ج: لا، يحظر ميثاق جنيف الرابع على الدولة التي تحتل أرض دولة أخرى نقل سكانها ومواطنيها للأراضي المحتلة والاستيطان فيها، كما ان غالبية دول العالم تتبنى منذ فترة طويلة موقفا يؤكد ان المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانونية وتشكل خرقا للقانون الدولي.

س: ما هي الاثار والأبعاد السياسية لهذا القرار؟

ج: لن يكون للقرار الذي تبناه مجلس الامن ابعاد سياسية فورية على اسرائيل، لأن القرار لا يتضمن الية تضمن فرضه وتنفيذه وفرض عقوبات على الاطراف التي تمتنع عن تنفيذه، واكتفى فقط بآلية تقديم الامين العام للأمم المتحدة تقارير دورية لمجلس الامن بواقع تقرير واحد كل ثلاثة اشهر، يرصد فيه وضع البناء في المستوطنات، وذلك لان القرار كان تحت البند 6 وبالتالي فهو قرار غير ملزم ولا يزيد عن كونه اعلان نوايا وتوصيات.

ويشكل القرار شكلا من أشكال الرسالة السياسية لإسرائيل، كما انه يحدد ويوثق الاجماع الدولي فيما يتعلق بالموقف من المستوطنات، ما يفرض نوعا من العزلة على اسرائيل فيما يتعلق بهذا الجانب وهذه القضية، وحتى يتحول هذا القرار الى قرار ملزم وواجب التنفيذ بالقوة او عبر فرض العقوبات الدولية، كان عليه ان يكون تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة.

س: ما هي الابعاد السياسية للقرار على المدى البعيد؟

ج: على المدى المتوسط والبعيد يمكن ان تكون لهذا القرار ابعادا سياسية هامة اتجاه اسرائيل والمستوطنات، ويكمن ذلك في بندين اساسيين في نص القرار الاول يقول” ان المستوطنات لا تملك أي شرعية قانونية، وتشكل خرقا فاضحا للقانون الدولي”، علما ان النائب العام في محكمة الجنايات الدولية في “لاهاي” يجري هذه الايام “دراسة تمهيدية” تتعلق بالدعوى التي قدمها الفلسطينيون ضد اسرائيل، ومن ضمنها بند يتعلق بالاستيطان ولان القانون الدولي تجري بلورته وصياغته ضمن اشياء كثيرة عبر قرارات مجلس الامن الدولي، وبناء عليه فان القرار الذي صدر يوم امس قد يؤثر الان على طبيعة “الدراسة التمهيدية” وان يشكل بالنسبة للمدعي العام سببا لفتح تحقيق يتعلق بالاستيطان والمستوطنات.
وهناك بند اخر في القرار، يدعو دول العالم الى “التمييز” بين اسرائيل والمستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية في كل نشاط يقمن به، وهذا البند تحديدا يشكل سابقة لا مثيل لها في قرارات الامم المتحدة الاخرى الخاصة بالصراع الفلسطيني- الاسرائيلي، وهو فعليا يشجع الدول على قطع علاقاتها المباشرة وغير المباشرة مع المستوطنات، وقد يشكل بداية مسار ينتهي بفرض عقوبات دولية على المستوطنات، وعقوبات اخرى تفرضها المنظمات لدولية مثل الاتحاد الاوروبي وكذلك بالنسبة للشركات التجارية وغيرها.

وتشير تقديرات الخارجية الاسرائيلية، الى ان الاتحاد الاوروبي سيمرر عبر مؤسساته المختلفة قرارا مشابها ويستنبط منه خطوات وقرارات عملية وتشريعية.

س: هل هذه هي المرة الاولى التي يمتنع فيها الرئيس الامريكي عن استخدام “الفيتو “ضد قرارات تتعلق بالصراع الفلسطيني- الاسرائيلي؟

ج: لا، منذ عام 1967 سمح الرؤساء الامريكيون بتمرير قرارات تتعلق بالصراع الفلسطيني- الاسرائيلي في مجلس الامن، حيث صدر حتى الان عن مجلس الامن الدولي 47 قرارا يتعلق بهذا الصراع مرت جميعها بموافقة ادارات امريكية غير ادارة الرئيس الحالي “اوباما” فقد سمح الرئيس “جورج بوش” الابن بمرور 9 قرارات كما سمح “بيل كلينتون” بمرور 3 قرارات، فيما تعتبر هذه المرة الاولى التي يمتنع فيها “اوباما” عن استخدام “الفيتو” ضد قرارات مجلس الامن “المعادية” لإسرائيل، وكان اخر تصويت في مجلس الامن على قرار يتعلق بالاستيطان في شباط 2011 وسقط بـ”الفيتو” الامريكي بأمر من “اوباما”.

س: هل خرق اوباما تقليدا يمتد لعشرات السنين، يقول إن الرؤساء الأمريكيين يمتنعون عن إحداث تغيرات تتعلق بالسياسات والمواقف خلال الفترة الانتقالية الواقعة بين إدارتين حالية ومنتخبة؟

ج: لا، هناك الكثير من الرؤساء الامريكيين اللذين استغلوا الفترة الواقعة بين الانتخابات وتولي الإدارة المنتخبة مهامها، وهي فترة يشعر فيها الرئيس القائم بالحرية والتحرر من اية قيود وضغوط سياسية داخلية لتنفيذ خطوات توصف بأنها “اختراق” في مجال السياسة الخارجية، عموما وفيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي على وجه الخصوص.

على سبيل المثال، استغل الرئيس الجمهوري “رونلد ريغان” هذه الفترة عام 1988، لفتح حوار سياسي مع منظمة التحرير الفلسطينية، فيما استغل الرئيس الديمقراطي “بيل كلينتون” هذه الفترة لنشر “خارطة كلينتون للسلام” التي عرض فيها الخطوط الاساسية لحل قضايا الحل النهائي، والقضايا الاساسية في الصراع.

س: هل يمكن للإدارة المنتخبة برئاسة “ترامب” الغاء القرار ؟

ج: نظريا نعم يمكن ذلك، لكن في الواقع يحتاج “ترامب” لإلغاء هذا القرار الى تمرير قرار جديد يعاكس القرار الاول بالمضمون، بمعنى قرار يقول ان المستوطنات هي فعل قانوني ولا تشكل عقبة امام السلام، وان يجند الدعم الضروري لتمرير هذا القرار عبر ضمان تأييد ما لا يقل عن 8 دول اعضاء في مجلس الامن، باستثناء امريكا مقدمة القرار، وكذلك عليه ضمان عدم استخدام روسيا، الصين، بريطانيا، او فرنسا لحق “الفيتو” وهذا احتمال يقارب حدود المستحيل.

وبعد دقائق معدودة من التصويت غرد “ترامب” عبر “تويتر” قائلا بان الامور ستتغير بعد 20 يناير القادم، وان الاوضاع في الامم المتحدة ستتغير بعد هذا التاريخ.

صحيح.. يمكن لترامب ان يؤثر على تصرفات وطريقة عمل مجلس الامن من الان فصاعدا، لكن التاريخ اثبت وجود احتمال يمكن للرئيس “ترامب” ان يجد نفسه مضطرا هو الاخر لعدم استخدام “الفيتو” ضد قرارات تتعلق بالصراع الفلسطيني– الاسرائيلي فمن يدري؟!

س: تربط نتنياهو علاقات جيدة بالرئيس الروسي بوتين لماذا لم يستخدم الاخير الفيتو ؟

ج: تنتهي العلاقات الجيدة بين نتنياهو وبوتين عند حدود مصالح روسيا او قرار تصويتها في مجلس الامن، وتعتبر روسيا احد اكبر الداعمين الرئيسيين للفلسطينيين على السنوات الـ 50 الماضية، حيث صوتت بشكل تلقائي وتقليدي ضد اسرائيل في كل المحافل الدولية.

ربما تتغير هذه الصورة مستقبلا، لكن على الاقل في هذه المرحلة فان الامل بفرض “فيتو” روسي على قرار يتعلق بالصراع الفلسطيني- الاسرائيلي يعتبر قولا في باب الخيال العلمي، اقرب منه الى مجال الدبلوماسية.

س: هل توقف ادارة ترامب او مجلس النواب الامريكي تمويل الامم المتحدة ؟

ج: اعلن “سيناتورات” جمهوريين كبار، وعلى رئيسهم رئيس اللجنة الفرعية للمساعدات الخارجية السيناتور “ليندي غرهام” انهم سيقمون بذلك وسيعملون على تقليص المساهمة الامريكية في ميزانية الامم المتحدة، بل والعمل على موقفها نهائيا.

سبق للولايات المتحدة ان اتخذت اجراء مماثلا ضد منظمة “اليونيسكو” حين قبلت فلسطين دولة كاملة العضوية، وكانت النتيجة ان الولايات المتحدة خسرت حقها في التصويت داخل محافل هذه المنظمة، وبالتالي انخفض تأثيرها على مجريات الامور بشكل دراماتيكي، ما ألحق ضررا فوريا بإسرائيل بعد تقلص قدرتها على الاستعانة بالولايات المتحدة لمنع صدور قرارات أخرى “معادية لها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *