الأخبار العاجلةشؤون اسرائيلية

هكذا يسيطر المستوطنون على “دولة إسرائيل”

كيف ينجح المستوطنون في فرض ارادتهم على الاغلبية؟ كيف تحول الضعف الى قوة سياسية مضاعفة؟ لماذا يتم وصف نتنياهو بانه رئيس وزراء حكومة نفتالي بينت؟ اسئلة كبيرة طرحها “شالوم يروشالمي” المحلل السياسي لموقع “nrg” العبري وموقع “مكور ريشون”

1

كيف ينجح المستوطنون في فرض ارادتهم على الاغلبية؟ كيف تحول الضعف الى قوة سياسية مضاعفة؟ لماذا يتم وصف نتنياهو بانه رئيس وزراء حكومة نفتالي بينت؟ اسئلة كبيرة طرحها “شالوم يروشالمي” المحلل السياسي لموقع “nrg” العبري وموقع “مكور ريشون” في مقالته التحليلة المنشورة، امس السبت، وجاء فيها:

أثار فيلم “عمري اسنهايم” الذي تناول فيه إطلاق الجندي “اليؤر ازريا” وسط الخليل النار على “مخرب” يحتضر، ظاهرة اصابت كثيرين ومن بينهم “انا” بالدهشة تتعلق بسلسلة القيادة في الميدان.

لقد أدار المستوطنون من سكان مستوطنات الخليل بانفسهم ميدان العمليات الحساس في الخليل، حيث يواجه الجنود خطر السكاكين، وشهدوا اطلاق النار على “المخربين”.

تجول المستوطنون في هذا الميدان الحساس شاهرين مسدساتهم، وأصدروا الاوامر للجنود الذين سارعوا لتنفيذها، ونظموا ايضا عمليات انقاذ المصابين، وأصدروا التوجيهات لسائقي سيارات الاسعاف والطواقم الطبية.

برز نشاط المستوطنين في ظل الهدوء السائد، هذا اذا لم نرد التحدث عن لا مبالاة معينة من قبل قادة الموقع الذين ظهروا مرتبكين في مواجهة الاحداث الدراماتيكية التي تدور حولهم، لذلك لن اكون متفاجئا من ان المستوطن “باروخ مارزيل” وأصدقاءه جلسوا بعد “الحادثة” التي هزت الدولة في مقر قيادة لواء الخليل، وطلبوا توضيحات واستخلاص الدروس، ولا استبعد بعد فترة ان يحاكموا الضباط الذين وبخوا الجندي “ازريا” ويمنحوا لهذا الجنودي وسام رئيس الاركان.

يشبه عدد المستوطنين القابعين في قلب الخليل عدد الجنود الذين يحرسونهم، وهذه حقيقة تتحدث عن نفسها وتشير إلى ان المستوطنين الذين يشكلون اقلية بل اقلية صغيرة بواقع 600-700 الف “مرتبط العدد بالمنطقة التي تحتسب منها خط الحدود الدولية” من بين 8.5 مليون نسمة هم عدد سكان اسرائيل، ورغم هذه الحقيقة نجح هؤلاء المستوطنين في الضفة الغربية وسابقا في قطاع غزة بتحديد جدول الاعمال والأولويات القومية الاسرائيلية على مدى عشرات السنين، ما منع هذا الجدول من التعامل الجدي مع قضايا اجتماعية واقتصادية وتعليمية وصحية.

وحتى هذا الاسبوع تمحور العمل السياسي والحكومي والبرلماني الاسرائيلي حول ايجاد سكن بديل لحوالي 40 عائلة، قررت المحكمة العليا انها تسكن على اراضي فلسطينية خاصة، وأن تسعى هذه العائلات الى “شرعنة” عملها بأثر رجعي.

ان ما يجري حاليا هو انجاز متواصل وغير مسبوق حققه مجتمع المستوطنين، وتشير قضية “عمونا” الى كيفية تدمير منظومة مؤسسية كاملة لصالح “ضاحية” واحدة مقامة على اطرف مستوطنة “عوفرا”.

تمردوا في المرحلة الاولى على المحكمة العليا وغيروا قراراتها، وبعدها جروا الحكومة الى مواقع ومشاهد لم تكن ترغب في الوصول اليها، ووضعوا الدول على حافة اتخاذ قرار بفرض السيادة الاسرائيلية على المنطقة، وهذا القرار من شانه ان يهدد طابع وطبيعة اسرائيل اليهودية وهويتها، وكذلك يورطون الحكومة والدولة وقادتها مع حكومات ومنظمات خارجية وأمام المحاكم الدولية.

وكما كان الحال في “حادثة الخليل” من يدير الامور هذه الايام هم اشخاص من امثال “يوسي دغان من مستوطنة الون شفوت، وايحاي بوارون من مستوطنة عمونا رغم وجودهم حاليا خارج طاقم مكتب نتنياهو لكنهم يؤثرون وكأنهم يجلسون في قلبه”.

واكثر الامور سخافة هو فقدان حزب المستوطنين “البيت اليهودي” الذي يشكل الوجه “الحديث” لحزب “المفدال” خلال الانتخابات الاخيرة التي جرت قبل عام ونصف ثلث قوته، حيث تراجع “نفتالي بينت” و”ايلت شاكد” من 12 مقعدا الى ثمانية مقاعد فقط، ماذا يحدث هنا؟ كيف تحولت الاقلية الى اغلبية؟ كيف تحول الضعف وتراجع القوة الى قوة سياسية مضاعفة؟ لماذا يوصف نفتالي بينت على انه رئيس للوزراء او ان نتنياهو يعمل رئيسا لحكومة نفتالي بينت؟ كيف تتلاعب الاقلية الدينية- القومية اسرائيل والعالم على اصبعها؟.

تطهير ايديولوجي داخل الليكود

فكرت في هذه القضية وتوصلت الى نتيجة بضرورة توجيه الاضواء الكاشفة نحو حزب الليكود وهو حزب السلطة وليس الى البيت اليهودي.
التفسيرات توجد داخل حزب الليكود دون غيره، حيث شهد هذا الحزب قبل 11 عاما ثورة بدأت حين اخلى “ارئيل شارون” في اب 2005، مستوطنات غزة البالغ عددها 2 مستوطنة ليقيم بعد ثلاثة اشهر فقط من هذا التاريخ حزب “كاديما” الذي اقصى حزب الليكود بعيدا عن مركز الساحة، حيث حصل الليكود خلال انتخابات 2006 على 12 مقعدا فقط لا غير، ومر على اثرها بعملية تطهير ايديولوجي داخلي، حيث ترك اعضاء اليمين المعتدل الداعمين لفكرة التسوية السياسية واللذين يتبنون نظرية ليبرالية مدنية الليكود ودخلوا مع شارون في حزبه الجديد “كاديما” ليختفوا من الحياة السياسية باختفاء الحزب الجديد بعد وفاة شارون وسجن اولمرت.

وتعلم من بقي داخل صفوف الليكود الدرس وتمترسوا خلف مواقفه، واضطر من عاد الى الليكود بعد ان هجر “كاديما” الى الخضوع لامتحانات “وطنية” كثيرة وصعبة، لكن هناك من اندمج بشكل طبيعي في هذه البيئة مثل “زئيف الكين” وهو مستوطن من سكان مستوطنة “الداد” فيما مر افي ديتر وتساحي هنغبي برحلة عذاب طويلة، ولم ينجحوا حتى اليوم في العودة لموقعهم السياسي الذي كانوا فيه قبل خروجهم مع شارون.

وتحول حزب الليكود منذ تلك الايام ال حلقة دراسية متواصلة ومتطرفة تتعلق بكيفية الحفاظ على ارض اسرائيل الكاملة وكيفية تحقيق هذا الهدف الذي يمكن لأجله تحطيم وتدمير كل القيم والاعتبارات الاخرى اذا اقتضت الحاجة، وحتى يتمكن عناصر اليمين الايديولوجي في الليكود من اجتياز انتخابات الكنيست بنجاح، وجهوا الليكود وفقا للرياح السائدة التي يقودها ويوجهها حزب الاقلية “البيت اليهودي” لذلك يمكننا القول الان ان المستوطنين لم يعودوا مع نهاية 2016 مسيطرين على حزب البيت اليهودي فقط بل على الليكود ايضا، لذلك من راى اعضاء الكنيست من حزب الليكود البالغ عددهم 26 عضوا يوقعون بحماسة كبيرة على عريضة لصالح اقرار قانون” تسوية المستوطنات” وذلك خلافا لموقف رئيس الحكومة والمستشار القضائي ومن راى هذا الاسبوع رئيس الوزراء وهو ينجر خلفهم ويعقد جلسات الكابينت الامني والسياسي لأجل قانون يهدف الى شرعنة المستوطنات المقامة على اراضي محتلة اراضي لا تعود لناومن راى وزير الجيش ليبرمان يشرح ويتنبى موقفا سياسيا معتدلا او وزير المالية كحلون يتلوى مثل افعى هندية مقابل القانون غير القانوني ومن راى وزير القضاء السابق “تساحي هنغي” وهو يشرح لاعضاء مؤتمر الليكود سبب عدم توقيعه على لعريضة، مؤكدا لهم تأييده للقانون وانه فقط لم يوقع على العريضة من راى كل هؤلاء ادرك كيف تحول الليكود التاريخي الى “البيت اليهودي” المعاصر.

باتت سيطرة اليمين العقائدي على اعضاء الكنيست من حزب الليكود مطلقة وملزمة لا تحمل أي وسطية في أي مجال كان ويجب على اعضاء الكنيست من حزب الليكود، ان يعلنوا بوضوح امام مؤتمر الحزب انهم يؤيدون ارض اسرائيل الكاملة، وان يرفضوا بالمطلق ويعبروا عن ازدرائهم لفكرة حل الدولتين، وان يعارضا طريقة انتخاب القضاة، وان يظهروا ازدراءهم لقرارات المحكمة العليا، ويجب عليهم المحاربة لأجل اقرار قانون “تسوية المستوطنات” وان يدعموا ما قام به الجندي “ازريا” او عدم معارضته على اقل تقدير.

يعتبر وزير الجيش السابق “بوغي يعلون” معارضا شرسا لفكرة حل الدولتين، ما منحه تأييدا واسعا لان هذه المعارضة باتت شرطا ضروريا للنجاح في حزب الليكود لكنها ليست كافية فحين اعرب “يعلون” عن معارضته الاخلاقية والقيمية لما قام به الجندي “ازريا” فقد جميع اسهمه في الليكود ما سمح لنتنياهو ان يقيله بكل سهولة من وزارة الجيش والحكومة.

ان عملية “النجاة” داخل حزب السلطة “الليكود” تلزم عضو لكنيست عن هذا الحزب بعدة بنود اخرى يتم تعديلها وتطويرها وفقا لتطورات الوضع في الميدان، مثل ضرورة ان يعارض كل سياسي في الليكود فكرة حكومة الوحدة الوطنية مع حزب العمل كما يجب رفض محاولات الاتحاد مع ليبرمان الذي يعتبره اليمين مترددا ومناورا سياسيا لا يمكن الاعتماد عليه.

يجب على كل سياسي رفيع في حزب الليكود، ان يشن الحرب على سوء الاعلام اليساري ومنظمات حقوق الانسان وكل من يساهم في تمرير قوانين او تعديلات قانونية مضادة لفكرة اقامة “اتحاد البث العام” او قوانين غير ديمواقراطية من قبيل قانون وضع علامات مميزه للجمعيات “حقوق الانسان” تحقق له وعد الجنة الموعودة في حزب البيت اليهودي والانتخابات الداخلية في حزب الليكود ايضا.

ما لا يدركه اهود باراك

خرج وزير الجيش السابق “اهود باراك” هذا الاسبوع كعادته عبر تغريدته الثابتة ضد نتنياهو، وكالعادة كانت هذه التغيردة رسالة مباشرة وحادة وفظة ضد “الشوفينية” والجمود السياسي والخوف الذي يقود رئيس الوزراء ودرسا بلاغيا لقادة المعارضة الرسمية “يائير لبيد” اللاهثون وراء حكومة نتنياهو و”هرتصوغ”.

لقد قام باراك نفسه بخطوة اخرى الى الامام، ودعا هذه المرة الى تشكيل حركة شعبية تضم الكثير من النشطاء الذين سيطرقون ابواب المنازل منزلا اثر اخر، لإقناع الجمهور بالخطر الذي يشكله نتنياهو حتى يتحقق النجاح ويستبدلونه.

واختتم “يروشالمي” مقالته بالقول” من الوضح ان حركة كهذه لن ترى النور والشوارع لن تغص بحملة رايات وأعلام اهود باراك الذي لم يحظى بالكثير من الاهتمام فور عودته للعمل السياسي او لن يحظى بأي اهتمام من باب الاصل.

من وقائع سنوات خبرته وتجربته، يجد باراك صعوبة في فهم الفلسفة السياسية التالية: اولا.. الجمهور في اسرائيل هو يميني، ثانيا.. الجمهور في اسرائيل مستعد للتسويات والتنازلات السياسية ربما بعيدة المدى، ثالثا.. الجمهور في اسرائيل مستعد ان يقبل قيام زعماء اليمين بتنفيذ سياسة اليسار لانه لا يثق بقادة اليسار.

المصدر: وكالة معا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *