2الأخبار العاجلةفلسطين 67

تسع سنوات على الانقسام دون مصالحة

في مثل هذا اليوم بدأت الجولة الأخيرة من القتال بين حركتي فتح وحماس في قطاع غزة، والتي انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة أو ما بات يعرف “بالانقسام الفلسطيني”، تسع سنوات مرت دون أن ينجح طرفا الانقسام في إعادة اللحمة إلى جناحي الوطن أو الوصول إلى آلية تضمن إنهاء آثار الانقسام، وخلال التسع سنوات جرت عدة جولات لإنهاء الانقسام تنقل فيها الطرفان بين عدة عواصم عربية دون أن يفضي ذلك إلى مصالحة حقيقية.

0

اكد المحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن المصالحة الفلسطينية أضحت ضرورة لدي جميع الأطراف، مؤكدا أن الوطن والفصائل والسلطة والمنظمة كلها تعاني من مأزق لا يمكن الخروج منه إلا بالمصالحة الفلسطينية وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني.

وأشار المدهون إلى أن المصالحة الفلسطينية تمر بتعقيدات وعدة عراقيل لنقلها من الحالة النظرية إلى الحالة الواقعية أبرزها الاحتلال الإسرائيلي المستفيد الأول من الانقسام ويعمل على توسيعه ويمنع أي فرص لإعادة اللحمة الفلسطينية ويبقي عليه لأنه يدرك بأنه بعودة اللحمة سيخسر كثير من الأوراق التي كسبها من خلال الانقسام.

وبالإضافة إلى الاحتلال الإسرائيلي أشار المدهون إلى أن الواقع الميداني على الأرض سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة يعيق تحقيق المصالحة بالإضافة إلى التدخلات الخارجية التي تعمق الوضع الفلسطيني القائم.

وقال المدهون: “أيضا هناك الواقع الميداني على الأرض في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث لدينا واقع ميداني مختلف عن الواقع الذي سبق حالة الانقسام بالإضافة إلى الرغبات والإرادات الإقليمية والدولية المعنية أن يبقى الواقع الفلسطيني بهذا الضعف لاستغلاله واستثماره “.

الانقسام أعاق الاستثمار في المقاومة والسياسية

ولفت المدهون إلى أن الانقسام الفلسطيني أعاق استكمال المشروع التحرري والنضج الفلسطيني ووقف الانقسام في وجه نمو المقاومة بشكل جيد وأضاف:”نحن الآن عالقين لا نستطيع استثمار القوة الثورية التي برعت فيها حركة حماس ولا نستطيع الاستثمار في الدهاء السياسي الذي برع فيه الرئيس محمود عباس ولهذا فان الحل أن تتكامل جهود النضال العسكري مع النضال السياسي”.

حوارات الدوحة ونوايا المتخاصمين

المحلل السياسي معين الكفارنة أكد أن نتائج حوارات الدوحة رهينة لنوايا كافة الأطراف المتخاصمة مشددا:”حوارات يفترض بها أن تنهي الانقسام إن توفرت النوايا”كما قال.

وتطرق الكفارنة إلى تصريحات بعض قادة حركة حماس التي أطلقتها من غزة قبل التوجه للدوحة بتقديم الرئيس محمود عباس وقادة حركة فتح لمحاكم وتحميلهم مسئولية حصار غزة مؤشر سلبي لا يعطي الأمل بإنهاء الانقسام وأضاف:”الهدف من هذه التصريحات التي تستخدم لأول مرة هي إيجاد حالة خوف لدى الرئيس وقادة فتح للتراجع عن المصالحة.

الانقسام افقد الفدائي قيمته

ويؤكد الكفارنة أن الانقسام الفلسطيني افقد الفدائي الذي مثل لسنوات العزة والكرامة والشموخ والكبرياء قيمته مشددا أن نظرة الافتخار التي كانت تنظر للفلسطينيين استبدلت بان أصبحنا نموذج للانقسام مشيرا إلى التراجع السياسي وانهيار النسيج الاجتماعي وفقدان القيم والأخلاق التي خلفها الانقسام بالإضافة إلى حب الحزب ومصلحته على حساب الوطن.

المصالحة تلك الحكاية التي لا تنتهي أحاديثها

وقال المحلل د. أحمد يوسف: إن غياب الثقة وفذلكات البعض هنا وهناك بددت الفرص، التي لاحت في الأفق على مدار عقد من الزمان تقريباً، وجعلت كل طرف – للأسف – يعمل على مأسسة الانقسام، وتعقيد إمكانيات الحل والخلاص من المأزق السياسي الذي وصلنا إليه.

إن نظرة واحدة للشارع كافية للحكم بأن الناس قد فقدت ثقتها بقياداتها السياسية، وأن منسوب الأمل قد تراجع لديها إلى أدنى الدرجات، ولم تعد أحاديث المصالحة تطربها أو تشغل بالها، وقد استسلمت لقدرها بأن التغيير لن يتحقق إلا بشرط “حتى يغيروا ما بأنفسهم”. أي يجب أن يغيب عن المشهد بعضاً من هؤلاء وأولئك، الذين كانوا طرفاً في الأزمة، وليس لديهم من واقع الخطاب أو السلوك ما يوحي بأنهم جزءٌ من خريطة الحل.

اليوم، هناك تحركات متسارعة باتجاه الدوحة والقاهرة، فهل تحمل في طياتها بشريات أمل جديد، أو هي جولات ليست أكثر من مراوحة في المكان؟!

هل وجوه المشكلة وتعقيدات الأزمة التي نشاهدها هنا وهناك قادرة على الوصول إلى حل يعيد إلى الوطن أهله، أما أن لقاءات “المكاذبة”، كما يحلو للبعض تسميتها، ستظل هي ديدن واقعنا السياسي المضطرب، والمثخن بالفشل والإحباط ؟!!
كما قلنا وكتبنا مئات المرات، إن الإشكالية ليست في نقص الأفكار والمبادرات للخروج من نفق الأزمة، والتوصل إلى حلول تريح الطرفين، ويجتمع معها شمل الوطن، فهذه والحمد لله عندنا فيها ترف ووفرة في الخيارات، بالطبع إذا توفرت الإرادة السياسية، وتخلصنا من التبعية الإقليمية في تقديرنا لمواقفنا ومصالح شعبنا .

لقد تابعت خلال الأسابيع القليلة الماضية الكثير من الكتابات والتصريحات لقيادات سياسية من مختلف فصائل العمل الوطني والإسلامي، والكثير منها في مبادراتها تعكس نبرة إيجابية قد تعين على جمع الصف، وتدفع بسفينتنا الفلسطينية للوصول إلى شاطئ الأمان.. لقد أثقلتا سنوات التيه، برغم الوضوح الذي نشاهده في بوصلة هؤلاء.

إن أستعرض بعض العناوين والمضامين لأطروحات إخواننا من جهابذة التصريحات النارية في فتح وحماس، والتي تحمل نبرة تشاؤمية، لا تتناسب مع ما نرمي إليه ويرجوه شعبنا من مصالحة تنهي الانقسام، وخاصة ونحن بدأنا نحط رحالنا في القاهرة والدوحة، وربما تجمعنا مكة من جديد، بأمل أن يصبح عندنا هذا العام بدل العيد عيدين؛ عيد الفطر وعيد المصالحة.

المصالحة: النجاح واحتمالات الفشل

السؤال الذي يطرح نفسه: إذا فشلت جهود المصالحة فماذا أنتم فاعلون؟ وما هو المطلوب عمله؟
لا شكَّ في ظل هذه الحالة المأساوية وطنياً، والتي يعيشها شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، تفرض علينا أن نفكر بطريقة عملية تجعل تلك القيادات تدرك أننا لسنا قطيعاً من الأغنام يمكن العبث بأقدارنا ومصائرنا، بل نحن شعبٌ عصي على الانكسار والترويض تحت إغراءات هذا الطرف أو ترهيب الطرف الآخر. إننا بحاجة إلى جملة من التحركات وأشكال الفعل التي تجعل من استمرار الانقسام حلاً مريحاً لهذا الطرف أو ذاك.

وعليه؛ فإنني أقترح بعض إمكانيات الفعل، التي تردع استمرار حالة الانقسام، وتدفع الجميع للعودة إلى حاضنتهم الشعبية، وتقديم كل ما يلزم لتستقيم حالتنا السياسية، ويجتمع شمل الوطن، ومنها:

_ حملات شعبية تنزع الثقة من الجميع، وتظهر نتائجها إعلامياً في استطلاعات الرأي بطريقة صادمة للطرفين، كتلك التي قدَّمت مؤشرات بتراجع مكانة الرئيس أبو مازن وفقدانه لثلثي شعبيته، وتراجع التأييد لسياسته.

_ حركات طلابية داخل الجامعات بواجهات وطنية وليست حزبية، تدعو إلى اجتماع الصف ونبذ الفرقة والانقسام.

_ الدعوة إلى إطار وطني جامع يتخطى ما هو قائم من فصائل وتنظيمات، ويتحرك بأجندة توافقية تستجيب لمطالب شعبنا في الحرية والاستقلال، وتحمي ثوابتنا وحقوقنا الوطنية .

_ المطالبة بتغيير الوجوه التي تفاوض، والاتفاق على رؤية وطنية لإنهاء الانقسام، وحضور فاعل للإطار القيادي كضابط إيقاع لما يتم التوافق عليه.

_ إشراك واسع للكل الوطني في حوارات المصالحة في الداخل الفلسطيني، والتسليم ومنح الثقة بما يتم التوافق عليه من حلول بين الجميع.

ختاماً.. إن السياسة التي يلعب على حبلها البعض بالعمل على تغييب الحل واستمرار المناكفات، ستكون هي الشرارة لتمرد الشارع وثورته، والدافع وراء تغيير الخريطة السياسية والحزبية لهذا الوطن عاجلاً أم آجلاً.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *