5كلمة حرة

يا أهل الطيبة: عظة من الشيخ رأفت عويضة

ليس خافيا على احد الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد عامة ونحن خاصة، ومما فاقم صعوبة هذه الأوضاع هو التقليصات التي تضمنتها الخطة المالية الجديدة لوزير المالية لبيد، التي ستكلف كل مواطن من الطبقتين المتوسطة والضعيفة 650 شيقلا شهريا كما تشير الإحصائيات المالية.

الشيخ رأفت عويضة - إمام مسجد بلال بن رباح
الشيخ رأفت عويضة – إمام مسجد بلال بن رباح

واذا أضفنا الى ذلك عبء الأعراس الآخذة بالارتفاع وتيرتها، فان ذلك معناه زيادة الوضع الاقتصادي صعوبة وسوءا، الامر الذي يفرض علينا مراجعة حساباتنا المالية من جديد، وبناء خطط مالية سليمة تتناسب مع الوضع الجديد وتقينا أفرادا وأسرا الأزمات المالية والديون الخانقة.

ويبدو أننا يا أهل بلدي لن نستطيع السماح لأنفسنا بعد اليوم بالاستمرار بحالة البذخ والإسراف التي نعيشها بدون استثناء- الا من رحم ربي ومن قتر عليه رزقه- وفي شتى مظاهر الحياة وميادينها، هذا ان أردنا ان نجنب أنفسنا الأزمات الاقتصادية الضاغطة الخانقة، وقد قالوا قديما: “الاقتصاد نصف المعيشة”.

فمظاهر الإسراف وحتى التبذير –أحيانا- تشربت بها حياتنا الطيباوية حتى النخاع ولم ينج من ذلك رجل او امرأة كبير ام صغير حتى الأطفال، مع أننا نهينا عنه وحذرنا من عواقبه الوخيمة، قال الله تعالى: “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين”، وقال أيضا: “ولا تبذر تبذيرا. ان المبذرين كانوا إخوان الشياطين .وكان الشيطان لربه كفورا”.

لم نعد نفرق بين الضروريات والحاجيات ولا التحسينات والكماليات، فكل شيء أضحى عندنا ضرورة لا غنى عنها، نلهث وراء الكماليات بنهم دون توقف ..يقلد بعضنا بعضا دون وعي او إدراك.. ونتباهى ونتفاخر فيما بيننا وكأننا في سباق محموم مع الزمن والمادة.. نريد ان نفوز بأكبر قدر منها قبل نفاذها وزوالها بزوال هذه الدنيا الفانية التي غرقنا في بحار متعها المادية وشهواتها البدنية. ونسينا او تناسينا ان النعم لا تدوم وان دوام الحال من المحال، وان الديون والفقر هما النتيجة الطبيعية للترف والتبذير وللإسراف وسوء التخطيط، ولكفران النعم وعدم التفطن للفقراء والمعوزين.

 ولو أردت ان اعدد نماذج للأمور التي أسرفنا فيها وتجاوزنا الحد كثيرا لطال بنا المقال، لكني أسوق لنفسي ولكم بعض النماذج لعلها توقظنا من غفلتنا وتفتح عقولنا وقلوبنا على خطورة ما نحن فيه دنيويا وأخرويا ان لم نرشد نفقاتنا واستهلاكنا :

– كم مرة نخرج من غرفنا تاركين المكيف شغالا!

– كم من المصابيح نضيء في بيوتنا بحاجة وبغير حاجة!

– كم من المياه تهدرها نساؤنا وهن يشطفن وينظفن!

– كم كيلو من بقايا الطعام نلقي بها يوميا في حاويات القمامة!

– من منا لم يشتر لابنه او ابنته تلفونا نقالا متقدما حتى صار لكل فرد في الأسرة جهازا خاصا به؟

هذه فقط بعض الأمثلة القليلة لواقع الإسراف الذي نعاني منه في المأكل والملبس والمشرب والمركب والمسكن والخدمات، بل وفي كل جوانب حياتنا المعنوية والمادية على حد سواء.

  اما المخرج والعلاج لما نحن فيه فيكمن- والله أعلم- فيما يلي:

أولا- ان نعترف جميعا بإسرافنا وتقليدنا الأعمى لغيرنا.

ثانيا- ان نستشعر المخاطر التي تتهددنا دنيويا ودينيا في حالة استمرارنا في النهج الحالي. وبان عملية الترشيد والتعديل ضرورة حياتية فضلا عن كونها فريضة دينية.

ثالثا- ان نتسلح بالقناعة ،لان غنى النفوس هو قناعتها وليس مقدار ما تحقق من متع الدنيا ولذائذها، وبالصبر لان الصبر على الشهوات يمكننا من التحكم فيها بدل ان تتحكم فينا، فليس كل ما يشتهى يقتنى، ورحم الله ابن الخطاب عندما قال لابنه واعظا: “اكلما اشتهيتم اشتريتم”.

رابعا- ان يضع كل منا خطة ترشيد استهلاكي، بان يوازن بين مدخولاته ونفقاته، وان لا يسمح بان تزيد مصروفاته الشهرية على وارداته. وان نتحرر من حمى الشراء وهوس التسوق.

خامسا- ان نتجنب الديون ما استطعنا الى ذلك سبيلا ،الا في أقصى الحالات، وبقدر الحاجة.

سادسا- ان ننمي لدى أطفالنا ثقافة الاستهلاك الرشيدة المتزنة وان نهيؤهم لخشونة العيش وليس فقط لرغده، لان النعم لا تدوم كما نعلم، وصدق من قال: “تخوشنوا فان النعم لا تدوم”.

واختم نصيحتي التي اوجهها لنفسي قبلكم بحديث النبي الكريم: “من اقتصد أغناه الله عز وجل، ومن بذر أفقره الله عز وجل” (رواه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال).

  • الشيخ رأفت عويضة – إمام مسجد بلال بن رباح

***

ملحوظة: إذا كان في ذهنك ما تريد قوله لأهل مدينتنا الطيبة، فهذا منبر حر يتيح لك المجال لمخاطبة الجميع بحرية. ارسل مقالك وصورة لك على العنوان: [email protected]

‫3 تعليقات

  1. حلو جدا وبتمنى انك برضوا من المنبر بتحكي عن هاي الاشياء
    وبالنسبة للي قلتو عن النساء الي بشطفن بالماء زي تقولو المي ببلاش, عاليوم لو انهن واعيات, حتى بالشتوية بتبقى مطر وببقين يشطفن الشارع بالبربيش(وبنفس الوقت مطر)

  2. כל הכבוד לשייך ראפת,הנושא חשוב ויש לתכנן תכנית הדרכה כדי לצאת מהמצב הגרוע הזה,הרבה סיכסוכים נגרמים בין בני הזוג בעקבות ההוצאות המיותרות האלה.
    אני תומך בתנועה האיסלאמית כאשר עוסקת בנושאי פנים ופחות תומך כאשר מדובר בנושאים חיצוניים

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *