يا ليلة العيد “انستينا وقلبتي المواجع فينا” ، بقلم ضياء حاج يحيى

من مذكرات طيباوي في ليلة العيد ، يكتبها في احد المقاهي الجانبية للمدينة “ليلة العيد”.

تعيش الطيبة هذه الليلة ” ليلة العيد”، حالة استثنائية ، حشود الناس تغلق الشوارع، كانهم في “الصفا والمروة” اسراب اسراب، تغدو وتروح، وكلٍ منشغل بذاته .

ليلة العيد : وجوه طافحة بالحلم بما هو آت ووجوه ضاحكة ، ووجوه مبتسمة واخرى حزينة واخرى دون اي تعبير، نفوس تريد تفريغ الطاقة الزائدة من اوجاع لا تاتي الا في ليلة العيد .

ليلة العيد كافيه ان تعيد للشباب المتامل ما فقده وقت اللزوم والجد ، ومن تجاربي السابقة مع ليالي العيد ، اسال نفسي دائما ، هل للفرح معنا اخر عندنا ؟.

الطيبة الان الساعة 22:00 من منطقة “ابو صالح” الى منطقة البنوك اخذ من الوقت بالسيارة لا يقل على الـ 50 دقيقة اي من الطيبة الى بئر السبع تقريبا ، الشوارع مزدحمة والاجواء جميلة ، هنالك مهرجان وهنالك العاب وهنالك معرض وعروض ومسيرة ، كل يتجه الى هواه والكل مسرور.

الساعة الان ال 1:30 من مقهى طيباوي متواضع في هذه اللحظة للقهوة طعم اخر ، وانا جالس عند شرفة المقهى اسمع تفوهات من السكان بهمس ، هذا ليس عيد، هذا شيئ مخزي، هذا يوم حزين .

جلس بجانبي صديق في اوائل الخمسينات من عمره ، وسالته عما يجري ، فاجاب بنبرة مقلقة وهادئة ، :”اني اشتاق الى الطيبة واقسم لك اني في طريقي الى هنا، وانا ابحث عن ابتسامة استاجرها هذه الليلة فقط ، واعيدها ما رايك ؟” وضحك ، واومأت براسي متفهما لحاجته .

الساعة الان 2:30  بشكل مباغت لم تقف صفارات الاسعاف ولو لحظة الامر مقلق ، تتراكض سيارات تمشي بسرعة طائرة، شباب ثمل حتى الاغماء (تقحيطات في الطرق) ، وشباب يتجمع ويغلق الشارع ، اقتربت قليلا وكل ما في الامر ، “طوشة” جماعيه بين شبان ، حدث هذا في منطقة البنوك  ليلة العيد ، سكاكين وعصي ومسدسات ، محلات اغلقت خشية على زبائنها واصحابها انفسهم، هرولة ركض صراخ واناس تركض خلف  اناس ، وشباب يصفق لتقحيطات السيارات وكانهم ابطال ، هذا هراء لقد اقلق هؤلاء ليل المدينة وزرعوا الخوف في شوارع كانت قبل قليل مضاءة وضاحكة ، وافسدوا فرحة السكان في ليلة العيد ، مشاجرات استمرت حتى الساعه ال  3:45 عندما اصيب شابين اثر اطلاق نار عليهم ، وسالت الدماء بالمجان ، ما الذي اصاب الناس؟ ماذا حل بالمدينة ؟

 الساعة الان الخامسة صباحا في فجر عيد الاضحى المدينة هادئة نسبيا ويمتلكني شعور بان حرب ما حصلت في المدينة والكل ينتظر الى متى تنتهي .

 الساعة الان 5:45  اسمع اصوات صكيك لابواب حديدية ، وهذا يعني ان محلات ستغلق غير ان هناك محلات رغبت بالبقاء .

لم يبق على  شرفات المقاهي الا من يتقنون التامل  وعمال  المقاهي .

تكبيرات  العيد قد هلت وغمرت المكان طمانينة واعادت البسمة الى قلوب اهل المدينة ، مناظر تخشع لها القلوب ، ام مع اربعة اطفالها يمسكون في ثوبها باتجاههم الى صلاة العيد ، شباب صبايا رجال نساء شيوخ  ، كلهم يتجهون الى العبادة ، الاعداد في تزايد ، هذا بعكس ما كانت عليه البلد قبل ساعتين من الزمن ، شتان بين هذا وذاك .

 بعد الصلاة التقيت باحد الاصدقاء وقال : كل وانتم بخير ، وان تكون البلد والامة قد تحررت من الجهل والفساد ، كم هو جميل هذا المنظر في صلاة العيد ” كم يلزمنا من الوقت يا صديقي حتى نعيد نتاج احلامنا …. كم يلزمنا حتى نضحك من القلب ” .

 كل عام وانتم بخير والبلد بخير والوطن بخير ، كل عيد ونحن بلا اوجاع فوضى وفساد ودماء .

 فيا ليلة العيد انستينا وقلبتي المواجع فينا ونسال الله ان يجمعنا على حب البلد والوطن وحب الناس والتسامح وحب الغير ويجعل هذا البلد امنا مستقرا.

Exit mobile version