همسة عتاب:هذا اليوم ليس للعشاق فقط
منذ أن لاح موعد ما يعرف بـ”عيد الحب” أو ما يطلق عليه البعض “عيد العشاق”، ومزاجي يتقلب بين الرغبة في البكاء والرغبة في الضحك على ما أرى من مشاهد تدفعني إلى هاتين الحالتين.
ففي كل مجلس يتم ذكر هذا اليوم ولو بصورة عابرة نجد على الفور من يقفز من بين الجالسين ويكاد يستل سيفه ليدافع عن الدين بقوة وشجاعة وكأنه يخوض معركة حاسمة من الفتوحات الإسلامية.
ما هذه الحماسة المفرطة ؟ وضد من ؟ مهلا أخي إنك تهب في وجه من يؤيد المحبة بين الناس ! فهل أنت من دعاة الكراهية ؟ وإنك تعادي من يريد إظهار المحبة للآخر، فهل تريده أن يبدي له العداوة ؟
قد نكون في هذه المدينة المنكوبة بالكراهية والجريمة من أحوج خلق الله إلى قليل من المحبة والتسامح وتحمل الآخر والإمساك بيد الضعيف ومساندة المحتاج وتشجيع الطموح والأخذ بيد التائه حتى يستدل دربه.
لا أسهل من إبداء المحبة للآخر لأنها ليست بتعقيدات العداوة وضراوة الكراهية، فهي ابتسامة الصباح للجار، وهي البشاشة عند لقاء الصديق، وهي الكلمة الطيبة للأهل وهي الدعوة الصادقة للأولاد وهي التحية بلا تكلف لمن نعرف ومن لا نعرف. المحبة هي أن تنتشل الآخر قبل أن يغرق وأن تحتضنه قبل أن ينهار أمامك وأن تمسح دمعته قبل أن تنزلق من عينه.
ليت أيامنا تكون مليئة بالمحبة لا بالعداوة، عندها وفقط عندها ستعود معاني الحياة إلى عروقنا، وسندرك كم فاتنا قبل الاستسلام لهذه الطيبة الخالصة وقبل الاسترخاء في حضن الطمأنينة وقبل التخلص من الكآبة.
لا أريد خوض جدال لا معنى له مع من يدعو إلى حرمة الاحتفال بهذا اليوم، “يوم المحبة”، وأتمسك بتسمية “المحبة” وليس “الحب”، كي لا يتهمني البعض بالميل إلى معنى العاشقين في هذا اللفظ. ارفض جدالا كهذا لأنه يأتي ليعلمنا النطق بينما أصبحنا نتقن الغناء وليس النطق فقط. أولم يقل من هم أكثر منا حكمة: “الله محبة” ؟
مع تحيات أختكم: أم سامي