عبد الناصر في ذكرى الرحيل- فصل استثنائي في تاريخ العرب

تمر اليوم السبت،   الثامن والعشرون من شهر سبتمبر، الذكرى الـ 49، على رحيل الزعيم جمال عبدالناصر، الذي نالت شخصيته حب الجماهير المصرية والعربية، وبقيت كاريزمته حية رغم مرور كل هذه السنوات، وتزايدت مع ظهوره في المشهد السياسي المصري، ومع مرور الأحداث السياسية في جميع الفترات العصيبة التي شهدتها مصر.

ويعتبره مؤيدوه في الوقت الحاضر رمزا للكرامة والوحدة العربية والجهود المناهضة للإمبريالية.

ورغم مرور كل هذه الأعوام على رحيل جمال عبدالناصر، وعدم معاصرة الجيل الحالي له، إلا إنه يبدو وكأنه غادرنا بالأمس، فصورته حاضرة في العقل المصري والعربي، ويبدو فيها رمزا عصيا على الرحيل والغياب، بشخصيته المتفردة، وكاريزمته الجذابة وحضوره الطاغي، فقد عاش عبدالناصر بمقاييس الزمن حياة قصيرة، إلا أن السنوات الـ 18 من حكمه مثلت فصلا استثنائيا في المشهد المصرى والتاريخ العربي كله.

جمال عبدالناصر حسين (15 يناير 1918 – 28 سبتمبر 1970)، هو ثاني رؤساء مصر، حيث تم اختياره رئيسا للجمهورية في 25 يونيو عام 1956، طبقا للاستفتاء الذي أجري في 23 يونيو، وبقى في السلطة حتى وفاته في عام 1970، وهو أحد قادة ثورة 23 يوليو التي أطاحت بالملك فاروق (آخر حاكم من أسرة محمد علي).

وتوفي عبد الناصر، عقب انتهاء قمة جامعة الدول العربية التي عقدت عام 1970،  إثر تعرضه لنوبة قلبية. ، و”بكى الرجال والنساء، والأطفال، وصرخوا في الشوارع” بعد سماع خبر وفاته. وشيع جنازته في القاهرة أكثر من خمسة ملايين شخص.

واعتبر المواطن العربي ناصر زعيمه بلا منازع، أرجع المؤرخ عديد دويشا الفضل في ذلك إلى “كاريزما” عبدالناصر، والتي عززها انتصاره في أزمة السويس، واتخاذه من القاهرة مقرا لإذاعة صوت العرب، التي نشرت أفكار عبدالناصر في جميع أنحاء العالم الناطقة باللغة العربية.

وحتى يومنا هذا، يعتبر ناصر شخصية بارزة في جميع أنحاء الوطن العربي، ورمزا للوحدة العربية والكرامة، وشخصية مهمة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، ويعتبر أيضا بطل العدالة الاجتماعية في مصر، حيث أضفى شعورا بالقيمة الشخصية والكرامة الوطنية، التي كان المصريون والعرب لا يعرفونها منذ 400 عام، وخلال الربيع العربي، ظهرت صور جمال عبدالناصر في القاهرة والعواصم العربية خلال المظاهرات المناهضة للحكومات.

ومن خلال تصرفاته وخطبه، كان ناصر قادرا على تجسيد الإرادة الشعبية العربية، واستوحيت العديد من الثورات القومية في الوطن العربي من أفكار ناصر. كانت إنجازات عبدالناصر غير مسبوقة بالنسبة للزعماء العرب الآخرين، ومدى مركزية ناصر في المنطقة جعلت إحدى أولويات الرؤساء القوميين العرب إقامة علاقات جيدة مع مصر، من أجل كسب شعبية بين مواطنيه.

مرت نحو خمسة عقود على وفاة عبدالناصر، ومازالت ذكراه خالدة حتى يومنا هذا، ولايزال يتربع في قلوب الكثيرين، خاصة بسطاء الشعب المصري، وهو ما تعكسه المناسبات السياسية والشعبية والتى غالبا ما تكون فيها صورة عبدالناصر قاسما مشتركا في المشهد، لم يكن جمال عبدالناصر زعيما ولا رئيسا عاديا في التاريخ، بل كان ملهما لأمة بأسرها، وعلامة فارقة بين عصر وآخر، بين الاستعباد ومجتمع النصف في المائة، بين مجتمع التبعية والشخصية المصرية المستقلة، بين الاحتلال والسيادة الوطنية والعروبة.

Exit mobile version