أخبار الطيبةصحة

أمتنا الإسلامية واحدة موحدة …!- الرسالة الثانية: بقلم الشيخ ابو عكرمة

يقول الله تعالى في محكم تنزيله في سورة المؤمنون: “ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ”. بعد ان استقر الإيمان في قلوب المؤمنين وملك عليهم جوارحهم وعواطفهم واعمالهم الصالحة ، ووصلوا الى مرتبة عليا وهي عبادة الله وحده، لتقودهم هذه العبادة إلى التقوى أعلى المراحل ، حيث تعظيم الله وأوامره وشأنه.

الشيخ ابو عكرمة الطيباوي

وانني انتقل معكم الى المدينة النبوية، حيث النبي الحبيب قام ببناء المسجد‏ النبوي، مركز التجمع والتآلف، ثم قام صلى الله عليه وسلم بعمل من أروع ما يأثره التاريخ ، وهوالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، والمؤاخاة تعنى تذويب عصبيات الجاهلية المقيتة ، والتخلص من فوارق النسب واللون والوطن والجنس والتعصب للجماعة والحزب والعأئلة ، ليكون أساس الولاء والبراء كله لدين الإسلام‏.‏

ثم تجلت واضحة نبوة وعبقرية نبينا صلى الله عليه وسلم بعقد معاهدة ، أزال بها ما كان بين الناس من حزازات في الجاهلية، وما كانوا عليه من نزعات قبلية جائرة، واستطاع بفضلها إيجاد وحدة إسلامية شاملة‏.‏ لتصبح أمة التوحيد واحدة موحدة من دون الناس‏،أمة واحدة رغم اختلاف اللغات، وتباعد الأوطان والبلدان، واختلاف الألوان والأجناس،فمنهم الأسيوي والافريقي الأسود ، والروسي والأمريكي والانجليزي الأبيض الأشقر، ‏لقوله سبحانه وتعالى : {َإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعبدونِ}.المؤمنون 52. ولكن المصيبة الكبرى التي حلت بالمسلمين، انهم تشتتوا ، وانقسموا الى أحزاب وجماعات،متناحرة متخاصمة ، وتفرقت كلمتهم ، وتشوهت هويتهم الإسلامية ، فلعب بهم عدوهم كما يلعب بالكرة وأحجار الشطرنج.

ونحن ما زلنا في تعصبنا وحماقاتنا الجاهلية وازدرائنا لبعضنا البعض!. وتدعي كافة الجماعات والاحزاب أنها الأفضل والأعلم من غيرها ! ، ولا ترضى ابدا ان تكون الجماعات والأحزاب الآخرى أفضل منها أو متساوية معها لأنها هي الوحيدة على الطريق المستقيم.

ويجب ان ندرك تماما ان المسألة ليست دعاية وتعصب لجماعة أو حزب، وإنما علينا التحاكم بإطار الشرع الحنيف، الداعي الى المحبة والأخوة بين المؤمنين ، والتعظيم لحرمات المسلمين . لهذا نحن نحتاج إلى الكثير من قيم التفاهم والإحترام لأنفسنا. ولا تأخذنا العزة بالإثم. ولقد آن الأوان لكل جماعة وحزب البحث عن القواسم المشتركة ، لتجتمع كلمتنا ولتتجلى وحدة الأمة الإسلامية ، بالتفافها حول منهاج ربها الواحد، والقرآن واحد، والنبي واحد، والسنة النبوية واحدة ، والقبلة واحدة…، وعلينا نبذ الاختلافات القليلة جدا.

ولكننا نعيش في زمن الهزيمة والخذلان، ويصورنا اعداء الله المفسدون بالأرض بأننا دمويون متخلفون رجعيون …ولهذا لا يجوز الحكم على الأمة كلها وعلى تاريخها العريض العريق من خلال فترة تاريخية محددة معينة في زمانها ومكانها .
والواجب يفرض علينا أن يلتزم المؤمنون أوامر ونواهي الله تعالى فيكونوا جميعًا من الأمة الواحدة التي أرادها الله تعالى، الأمة المؤمنة الآخذة بكتاب ربها وسنة نبيها، السائرة على نهج سلف الأمة الاخيار، وأن يتركوا الأحزاب والجماعات وسبل الأمم الأخرى، ولا سيما في هذا الزمن الذي تداعت فيه الأمم على أمة الإسلام، كما تتداعى الأَكَلَةُ على قصعتها.

ويُقصدُون تفرقتها وتجزئتها في كل مكان، ولا سبيل لصدِّ العدوان ومواجهة مخطَّطات التفرقة، إلا بأن تعتصم الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها وصحابته الكرام ، الذين فقهوا عن الله مراده، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم رسالته ، وبذلك نهضوا فكانوا أمة واحدة، ففتحت القلوب بالإيمان قبل فتح البلاد، وعمرت الدنيا والآخرة ، ونشرت انوار الهداية والعدالة والرحمة للبشرية جمعاء:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}.الأنبياء:107. وختامه مسك اعتقد جازما بأنه لن تصلح أحوال الأمة المسلمة الموحدة، الا بما صلَحَ به أولها وسلفها : {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الأنعام:153.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *