ما يتكتم عليه نتنياهو…بقلم: ناضل حسنين

استقالة ليبرمان جاءت لانقاذ ما تبقى من هيبته في وزارة الامن وهيبة حزبه قبيل الانتخابات


إن وفد الاستخبارات المصري الذي اعتدنا على جولاته المكوكية بين غزة واسرائيل، لم يكن يتوسط بين الفصائل الفلسطينية واسرائيل، وانما كان ينقل الرسائل الخليجية الى اسرائيل…رسائل السعودية وسلطنة عمان والامارات وقطر والبحرين وحتى الكويت بأن “لا تبالغوا في ضرب غزة حتى يبقى في وجوهنا دم امام شعوبنا للتقارب معكم”… هذه هي الدوافع التي صمت عنها نتنياهو والتي ارغمته على القبول بوقف اطلاق النار.

من ناحيته ليبرمان الذي تلقى البهدلة تلو الاخرى في الاشهر الاخيرة، وكان في كل خلاف مع نتنياهو يتراجع ويجلس “كالولد الشاطر المطيع”، بحث لنفسه طوال الوقت عن فرصة يستعيد هيبته وهيبة حزبه امام الناخبين قبل موعد الانتخابات الرسمي… فوجد أمس في موضوع وقف اطلاق النار فرصة لا تعوض وأعلن استقالته وانسحاب حزبه من الائتلاف الحكومي في محاولة ليضمن لنفسه تخطي نسبة الحسم في الانتخابات القادمة.

من الحالات التي وقع خلاف بين ليبرمان ونتنياهو واضطر لبيبرمان في النهاية الى الخنوع هو إرجاء عملية اخلاء “خان الاحمر”… وهذا ضد رغبة ليبرمان، تعيين قائد الاركان الجديد… وهو ضد رغبة ليبرمان، ادخال الوقود القطري الى قطاع غزة … وهو ضد رغبة ليبرمان، إدخال الدولارات القطرية الى القطاع … وهو ضد رغبة ليبرمان، قرار القبول بالعرض المصري لوقف اطلاق النار… وهو ضد رغبة ليبرمان.

كل هذا التباين في المواقف بين رئيس الحكومة ووزير الامن من شأنه، في دول أخرى، ان يدفع الوزير الى الاستقالة منذ الخلاف الاول… ولكن ليبرمان كان يتظاهر بأنه صاحب القرار في كل ما يجري، فكان يغلق المعابر المؤدية الى القطاع عند الفجر ويأمره نتنياهو بفتحها عند المساء…

تباعد واسع وقع بين اعتبارات نتنياهو واعتبارات ليبرمان. فنتنياهو يتصرف وعينه على السلطان قابوس، وهو يتطلع الى كسب ود الملك السعودي على طريق التقارب بين البلدين مؤخرا ولو سرا، وعينه على بقية دول الخليج فلا يريد لحكامها ان تشعر بالحرج امام شعوبها في حال تواصلت الضربات الاسرائيلية الاشد ضراوة على مواقع في غزة.

نتنياهو يريد التقارب مع دول الخليج ليس لكونها اسواقا مستقبلية للسلع الاسرائيلية، او لكونها حليفا استراتيجيا ضد ايران وحسب، بل يريد هذا التقارب أيضاً ليجرد الاردن من وصايته على الاماكن المقدسة في الاراضي الفلسطينية ومنحها للسعودية ليصبح خادم الحرمين مستقبلا، محمد بن سلمان، خادما للأحرام الثلاثة، وهو ما يعرفه الجميع وهو ما دفع الاردن مؤخرا الى عدم الموافقة على مواصلة تأجير منطقتي الباقورة والغمر، كنوع من الارتجاج للعلاقة الاردنية الاسرائيلية.

صدق ليبرمان حين قال أمس، انه يلتقي العديد من المسؤولين العرب الخليجيين وغيرهم في شتى المحافل، وان الحوارات التي يديرها معهم تشهد على ان القضية الفلسطينية لا تعني اي منهم.. نعم انه صادق، فالقضية الفلسطينية ليست قضية الحكام العرب، ولكنها لا تزال تعتبر رومانسية نضالية للشعوب العربية، وفي الخليج تحديدا يعتبرها المجتمع القبلي ثأرا لا يمكن التنازل عنه. وهذا ما يدركه جيدا نتنياهو الذي حاول من خلال القبول بوقف اطلاق النار ان يخفف من الغضب الكامن لدى شعوب الخليج تجاه اسرائيل حتى تبقى ابواب القصور الخليجية مفتوحة امام الضيف الاسرائيلي على الدوام.

Exit mobile version