كلمة حرة

“قانون منع التصوير” تشريع جديد لجنود الإحتلال لإغتيال الصحفيين

تشريع جديد تبناه وأقره الكنيست الإسرائيلي يعطي الضوء الأخضر لجنود الإحتلال لإرتكاب المزيد من الجرائم والمجازر و لتوسيع دائرة الإرهاب الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا الفلسطيني وليطال هذه المرة الصحفيين بدون أي محاسبة وتحت حماية القانون الذي شرعه لهم في مس خطير بالعمل الصحفي وتهديد العمل الصحفي بمجمله لأن منع التصوير بمثابة إعلان منع العمل وفيه مس مباشر بالصحفيين ومنع نقل الصورة والفيديو التي توثق جرائم الاحتلال أمام الرأي العام العالمي وخصوصاً بعد المواقف الدولية والشعبية التي بدأت تدين وتستنكرت صرفات جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص على المدنيين العزل .

الغلاف

بقلم / د. وسيم وني – مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان

 نص القانون حسب كيان الاحتلال:

ينص مشروع القانون على أن “أي شخص يقوم بتصوير شريط أو يلتقط صورًا أو يسجل فيديو  لجنود الاحتلال في أثناء قيامهم بوظيفتهم، بهدف زعزعة معنويّات الجنود والمواطنين، ستكون عقوبته السجن 5 سنوات، أما إذا كان بهدف المس بأمن الدولة فإنّ العقوبة تكون 10 سنوات”، كما اقترح القانون “منع نشر مضامين التصوير أو التسجيل في وسائل التواصل الإجتماعي”.

وبحسب كيان الإحتلال الإسرائيلي فإن تبريرها للقانون أنه منذ سنوات  طويلة يواجه الكيان “ظاهرة مقلقة”، تتمثل في “توثيق جنود الجيش الإسرائيلي، بواسطة تصوير فيديو أو تسجيلات صوتية من منظمات معادية لـ” كيان إسرائيل” وداعمة للفلسطينيين حسب زعم الإحتلال ويخشى من إستخدام تلك المقاطع والصور وخصوصاً مقاطع الفيديو التي توثق جرائمهم ضد المتظاهرين في قطاع غزة والضفة و خشية من إستخدام هذه المقاطع لمحاكمة قيادات جيش الإحتلال وجنوده في المحكمة الجنائية الدولية .

ويأتي طرح هذا القانون بالتزامن مع تقديم فلسطين شكوى لدى المحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال، في الوقت الذي تواصل فيه نقابة الصحافيين الفلسطينيين مساعيها لإنهاء الملفات القانونية لتقديم شكاوى لدى المحاكم الأوروبية والجنائية الدولية ضد الجرائم المرتكبة بحق الصحافيين والهدف الأساسي من القانون هو تضليل العدالة وتوفير غطاء رسمي لارتكاب مزيد من الجرائم وتوفير الغطاء القانوني للإغتيالات الاسرائيلية .

ارتباط القانون بإغتيال عبد الفتاح الشريف :

إن هذا القانون مرتبط كل الإرتباط  بواقعة إغتيال الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف والذي قام المجند الإسرائيلي ” أليؤو أزاريا” بإغتياله وإعدامه  بدم بارد على مرآى ومسمع من العالم أجمع و دون أن يكون قد مثلَ هذا الشاب أى خطر على جيش الاحتلال، حيث كان مصابًا ولا يقوى على الحِراك، وكانت الصورة التي التقطها أحد الناشطين هى التي فضحت تلك الجريمة التي ارتكبها جنود الاحتلال.

وبرغم أن تلك الجريمة  الموثقة بالصورة  إلا أن الكيان الاسرائيلي قد قام بحماية هذا الجندي المجرم بل و قام وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان بزيارته في السجن  كنوع من التشجيع على الإجرام بحق شعبنا وأن الجندي يمارس حقه بالدفاع عن نفسه ،  وليعلن لاحقاً في مؤتمر صحفي أن “ازاريا” غير مذنب .

و أود الإشارة هنا  إلى أن إجرام الجندي “أزاريا” وتعمده قتل الشهيد عبد الفتاح الشريف ليست الأولى ولا الأخيرة من نوعها في تاريخ الإجرام الإسرائيلي  فهناك مقاطع مصورة تظهر قيام جنود الاحتلال بإطلاق النار على الشهيد ياسين سراديح في في أريحا وسط الضفة ، والعديد من الإغتيالات التي طالت المئات من أبناء شعبنا ، بالإضافة إلى مقاطع أخرى تم تصويرها على حدود قطاع غزة تظهر تعمد قناصة الاحتلال استهداف المتظاهرين وتباهيهم بذلك ضمن مقاطع فيديو توثقها.. و كل ذلك كان كفيلا بالبحث عن إصدار قانون لعله يواري قليلاً بعضاً من الجرائم الاسرائيلية المرتكبة بحق أبناء شعبنا منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 إلى الآن .

حماية الصحفيين بالقانون الدولي :

 وفق القانون الدولي فإن الصحفيين في العمليات الحربية مشمولون بالحماية الدولية من خلال معاهدة لاهاي ومعاهدة جنيف الثالثة لعام 1949، وعلى كافة الأطراف احترام حقهم في توثيق العمليات الحربية وتوصيل كافة المعلومات للرأي العام، وهو ما يؤكد عليه أيضا قرار أممي صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1970 ويحمل رقم 2643 والذي يؤكد على ذلك، وحتى لو كان الصحفيون تابعين لأحد الجيوش المتعاركة مراسلين حربيين فإنهم يخضعون للحماية الدولية التي تشمل المدنيين رغم أنهم مراسلون حربيون .

ويعد هذا القانون خرق  واضح لكافة  القوانين والبرتوكولات الدولية التي تتعلق بالعمل الإعلامي والصحفي، و يتعارض مع فكرة ديمقراطية الدولة، والتي يتغنى بها الاحتلال الإسرائيلي في المحافل الدولية وفي منطقتنا العربية خاصة ، و أود الإشارة هنا  إلى أن الدولة الديمقراطية هي التي تتيح حق الحصول على المعلومات وإرسالها والتعامل معها بالشكل الذي يراه المُتلقي ولعل الكيان الاسرائيلي قد نسي أو يتناسى بأنه وقع على العديد من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الصحفيين وعدم الاعتداء عليهم وتقديم التسهيلات لهم لنقل الصوت والصورة للرأي العام .

 وأخيراً إن تشريع هذا القانون يأتي لحجب كافة المعلومات التي قد تشكل مستقبلاً أداة إدانة لجنود الإحتلال وقادتهم ويمكن استخدامها لدى محكمة الجنايات الدولية على أنها جريمة حرب  ( كون كيان الاحتلال لديه سجل اجرامي حافل بجرائم الحرب سواء في فلسطين أو خارجها  ) وهنا يظهر الإستياء والخوف لدى قادة الاحتلال من المثول أمام القضاء الدولي وخصوصاً بعد توجه فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية ، والعقوبة التي وضعت مبالغ فيها جداً فعشرة سنوات لمن يقوم بتصوير عمليات عسكرية اسرائيلية  ويُظهر الخوف الاسرائيلي من الرأي العام العالمي الذي بدء يتشكل ضد ممارسات الاحتلال الاجرامية وخصوصاً الأخيرة في مسيرات العودة السلمية في غزة والضفة ولكن هذا القانون لن يمنع شعبنا من ممارسة حقه بنقل الصورة التي توثق جرائم الاحتلال للرأي العام ولمحاسبته لاحقاً وكل الدلائل تشير بأن هذا القانون بالنسبة لأبناء شعبنا حبر على ورق ولم ولن يكسر عزيمتنا في دحر الاحتلال وتحرير فلسطين كل فلسطين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *