ايها الطائشون: كفى عبثا بالسلاح…فطباخ السم لا بد ان يذوقه ذات يوم !

جل التوجيهات الصارمة والصادرة بمنع استخدام الاسلحة واطلاق الأعيرة النارية في مناسبات او لمجرد العبث بالسلاح، لم تجد آذانا صاغية، اذ ان هذه الظاهرة ما زالت مستمرة ومستشرية بشكل يومي في مدينة الطيبة!

تسود مدينة الطيبة حالة من الذهول والغضب الشديدين، اثر مقتل الحاجة نادية برانسي عقب تعرضها لرصاصة طائشة، اصابت صدرها عندما كانت تجلس في شرفة منزلها. فقد انعكست هذه الحادثة على جميع عائلات وأطياف المدينة، وظهر ذلك جليا بالمشاركة الغفيرة في تشييع جثمانها.

البعض رأى بالجنازة استفتاءً على رفض ظاهرة انتشار السلاح في المدينة، والبعض الآخر أصر على محاربة ظاهرة اطلاق النار في الافراح وفي مقدمتهم رئيس البلدية شعاع مصاروة الذي توعد هؤلاء بالسجن وبغرامة مالية عالية.

يعود انتشار ظاهرة حيازة السلاح والاتجار به، الى عدم وجود ضوابط امنية تحد من هذه الظاهرة. فهذه الظاهرة ادت الى مقتل وجرح عشرات المواطنين وهم أمنون داخل منازلهم دون ذنب اقترفوه، بل وبعض الجرحى بقي معاقا او فقد احد اعضاء جسده، علاوة على انها ظاهرة تثير الرعب والفوضى .

هذا لا يدل على ثقافتنا وحضارتنا العريقة!

يؤكد مواطنون أن مشهد إطلاق العيارات النارية في السماء بات مشهدا مألوفا في موسم الأعراس ومناسبات اخرى، ومما يزيد من خطورتها إطلاقها داخل الأحياء وبين البيوت. وتنتشر هذه العادة القاتلة في الغالب بين فئة الشباب .

من المسؤول ؟

وارجع المواطنون مسؤولية محاربة هذه الظاهرة على جميع افراد المجتمع، بدءاً بالأسرة. فعلى الأسرة مسؤولية توعية ابنائها ، وعلى ائمة المساجد والمدارس، ومنظمات المجتمع التوعية بخطورة هذه الظاهرة. اضافة الي الدور الهام للشرطة بمنع حمل السلاح منعا باتاً، ووضع ضوابط امنية، وفرض عقوبات رادعة على كل من يطلق الرصاص .

حراك خجول

حراك خجول بدأته الشرطة في ملاحقة مطلقي النار في الآونة الاخيرة بلا جدوى حتى الان ، وقد شهدت مدينة الطيبة في الايام الاخيرة، مطاردات بوليسية.

لسان حال ابناء الطيبة: كفى لهذه الظاهرة!

الهم الاول لدى المواطن بات القضاء على هذه الظاهرة المخيفة والتي لم يشهدها تفاقمها مثل اليوم فهناك فئة شبابية لا تتردد في استخدام سلاحها الظاهر في اي مكان حتى وان كان على مسافات قريبة من المنازل التي تعج بالأفراد .

ان يصل الحال بالمواطنين الى مرحلة اليأس، أمر في غاية الخطورة كحال اهالي مدينة الطيبة الذين اعتبروا ان مشهد إطلاق العيارات النارية في السماء ان كان في مناسبة ام لا، بات مشهدا في غاية الخطورة ، ووصل الامر الى حد لا يطاق. و تكمن الخطورة في إطلاقها داخل الأحياء ولا تقتصر الخسائر على الارواح فحسب ، نتيجة انهيار الرصاص الطائش الذي لا يميز بين بشر وحجر. واكبر دليل على خطر هذه الظاهرة مقتل نادية برانسي ومن قبلها الحاج احمد حبيب في العام المنصرم.

 

المحرر الصحفي ناضل حسنين

“فشة خلق”

وكتب المحرر والكاتب الصحفي ناضل حسنين على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، كلمة تحت عنوان “فشة خلق”، قال فيها:” لقد روضونا على الصمت…وعودنا على الموت التافه… فتعلمنا صمت الخراف يسقوننا الى مذبح العيد. !”

وخاطب حسنين القيادات العربية والمؤسسات الرسمية في الداخل الفلسطيني قائلا: “أرأيتم يا سادو يا كرام… أن لا جدوى من الإضرابات الرتيبة كرتابة الفعاليات في روضة الأطفال…لا جدوى يا متابعة…لا جدوى يا مشتركة…لا جدوى يا مشايخ…لا جدوى يا بلدية…فالأسلحة في بيوتنا نحن، لا في بيوتهم … وعلى الزناد اصابعنا نحن، لا اصابعهم…العيب فينا أولا…الجريمة من صنعنا أولا…نحن القتلة لا هم…نحن المجرمون لا هم…ونحن الضحايا لا هم”!

وواصل:” لقد ودعنا الضحية التالية الى مثواها الاخير… حقا غضبنا ولطمنا ودفناها ثم اعربنا عن حزننا وأسفنا بأغلظ العبارات وأعمقها…ثم بردت فينا الحماسة وذبلت ذيولنا وتدلت حتى اختفت بين الساقين…لأن حليب طفولتنا كان ملغما بجينات العنف والجريمة”.

وتابع ناضل حسنين: “رغم تجاربنا الغنية من هذه السلطة، إلا اننا وقعنا في نشوة السذاجة حين سمعنا نتنياهو لأول مرة يصرح بما يرضينا فاستبشرنا خيرا حين قال بعد عملية ديزنكوف: ’لن نسمح بدولة داخل دولة…ولن نسمح بأي قطعة سلاح غير مرخص في البلدات العربية…’ ولكنه على ما يبدو، أدرك بسرعة ان سحب السلاح الجنائي من بلداتنا هو أحد مطالبنا الأساسية منذ عقود…فتراجع على الفور عن وعده لأنه لم يعتد على تنفيذ مطالب عربية اطلاقا…”

وأردف: “لقد تشكل فراغ واسع في النشاط الجماهيري الذي يفترض ان تتصدره المتابعة او المشتركة او حتى البلدية…الآن لا جهة من هذه الجهات تفعل شيئا في هذا الاتجاه باستثناء مناورات رفع العتب… هذا الفراغ الذي خلفته القيادات الجماهيرية بات واسعا جدا لدرجة تثير الرعب… لذا فإني أخشى ان تبقى الطبيعة وفية لقوانينها وتملأ هذا الفراغ الشاسع بتحركات جماهيرية تلقائية تطيح بهيبة الجميع وتبهدل الجميع وأولهم كل من يضع ربطة عنق ويختار كلمات منمقة للضحك على ذقون هذه الجماهير…عندها لا لوم ولا عتب يطال هذه الجماهير”.

ودعا حسنين الى مقاطعة حفلات الزفات التي يتخللها استخدام السلاح، قائلا: “نحن في بداية موسم الاعراس…فليقطع كل منا على نفسه عهدا بعدم حضور عرس يطلق فيه عيار ناري واحد”!

عقاب لنا على عدم الالتحاق بجهاز الشرطة

وفي منشور اخر قال حسنين :” مر اليوم الخامس على مقتل ابنة الطيبة مساء السبت ولا نزال ننتظر تحرك الشرطة بل والاهم اننا ننتظر نتائج هذا التحرك، علمنا اليوم ان تقرير التشريح لم يصل لغاية الآن من معهد الطب العدلي “أبو كبير” الى الشرطة لتبدأ التحقيقات”.

ونوه: “في هذه الاثناء ملأت الشرطة الاسرائيلية الدنيا بنداءاتها وباللافتات الموجهة للشباب العرب للإلتحاق بها لدرجة انها استعانت بالمطرب المصري هاني شاكر (من غير علمه) لتروج لحملاتها”.

وخلص حسنين:” اقرأ تقاعس الشرطة الاسرائيلية عن العمل الجدي المجدي في البلدات العربية على انه عقاب لنا على عدم الالتحاق بجهاز الشرطة…وقد اكون مخطئا في تقديري!”.

 

محمد عبد العزيز حاج يحيى

نعيش المشهد المأساوي لنودع ضحية جديدة

ومن جانبه الناشط محمد عبد العزيز حاج يحيى، قال:” ظاهرة اطلاق الرصاص، تتواصل بشكل يومي، ما يهدد حياة الابرياء، منهم المسنين والاطفال، والنساء وحالنا هو الشجب والاستنكار، فمنذ مقتل الحاج احمد حبيب العام الماضي، لم نر كل التدابير التي اتخذتها القيادات العربية، والبلدية والشرطة الاسرائيلية، بانها انهت او قضت على هذه الظاهرة المقيتة، بل نعود ونعيش المشهد المأساوي لنودع ضحية جديدة (نادية برانسي)، انتزعتها من بين اسرتها رصاصة طائشة، فالى متى ايها المواطن!”.
وتابع حاج يحيى:” الرصاص اعمى ولا يفرق بين رجل وامراة ولا طفل، وهذا الرصاص المتأهب في الفوهة يهددنا جميعا، لنستفيق من سباتنا العميق لنحفظ بلداننا، من هذا الخطر المتفشي كالسرطان، ولنفكر بمستقبل اجيال بات حاضرهم ومستقبلهم مجهول”.

الرضوخ لمطامعها

وحمل حاج يحيى الشرطة مسؤولية تفشي العنف وانتشار السلاح، اذ ذكر بان علينا ان نعي بان تقاعس الشرطة في جمع الاسلحة ليس الا ليضعنا في حالة يأس تدخلنا خانة الرضوخ لمطامعها في انخراط الشباب العربي في صفوفها وتحقيق خطتها بالتجنيد، لذا علينا ان نتدارك ما آل اليه مجتمعنا وان تنكاتف من اجل محاربة هذه الظاهرة، ومن هنا اناشد الاهالي بتوعية ابنائهم، قائلا :”لنبدأ من البيت اولا”.

 

الناشط سامي ناشف

يبيعك الرصاص لتطلقه على ابناء جلدتك

اما الناشط سامي ناشف كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك”، ما يلي:” آفة السلاح “انا اشتري الحليب لأولادي من الدكان، وانت من اين تشتري السلاح”، اعلم ان الذي يبيعك السلاح هو نفسه الذي يبيعك الرصاص كي تطلقه على ابناء جلدتك وهو يعلم بانك لن تطلق هذا الرصاص عليه، كي يبيعك مره اخرى وتقتل احدًا اخر”.

الشرطة وحدها الرابح

وتابع ناشف:” ان المكان الوحيد الذي يتواجد فيه السلاح هو المؤسسات الحكومية المسماه بالشرطة فهي تبيعك السلاح وانت تطلق النيران على ابناء بلدك، وهي ذاتها التي تدعو ابناء بلدك للتجنيد بغية مكافحة العنف، وعلى هذا المنوال تدور الاوضاع وعلى الجهتين الشرطة وحدها هي الرابح من كل ما يجري، باستشراء العنف في بلدانا وتجنيد شبابنا لخدمتها وبدورها تبعثهم للخدمة في الوسط اليهودي”.

 

المحامي رضا جابر

المحامي رضا جابر من مركز “امان” لمجتمع امن، قال :” ما دمنا نراوح المكان، ونحن بموضوع مناهضة العنف ومظاهر الانفلات في مجتمعنا نراوح المكان، سيزداد وضعنا سوءا. معالجتنا لمواضيعنا هي سطحية جدا ، اعلامية، لا تحاول مواجهة الاسباب والمسببين بجرأة وحسم. آن اوان تحويل الحديث والبرامج الى فعل وعمل متواصل وتكاتف الجهود لذلك. ولكن يجب ان نتخذ القرار الصعب باننا لن نستطيع مناهضة العنف والانفلات الا بمواجهة المسببات والمسببين بحالة استنفار شعبي ومؤسساتي ينزل الى الشارع والعمل الميداني”.

ارغام الشرطة ومؤسسات فرض القانون

واضاف:”اقترحنا ان يتم تبني مشروع من مستويين: مستوى المسببين بمعنى ارغام الشرطة ومؤسسات فرض القانون ، المجالس المحلية وكل المؤسسات المرتبطة بذلك، بالقيام بواجبها بالكشف عن مصادر الاسلحة ومزوديها والعمل بصورة عينية بكل بلد وبلد بعمل شرطي جدي لجمع السلاح والقصاص من بؤر استعمالها وهي قادرة على ذلك”.

وزاد:”نحن لا نضغط جيدا بهذا الاتجاه. وايضا، على كل المؤسسات الحكومية والسلطات المحلية تبني خطة تعالج اسميا وعينيا الشباب المنخرطون في العنف وأعمال الفوضى ورصد، اسميا، اسماء الطلاب في المدارس والمتواجدين على حافة الجنوح والعمل لتأهيلهم، وايضا محاولة تأهيل السجناء المسرحين وضبط تصرفاتهم وتفعيل دور مكاتب الرفاه الاجتماعي، واقسام التربية والشبيبة..والخ، اعادة السيطرة على الشارع عن طريق تفعيل دوريات من المتطوعين او الشرطة المدينية تكون تحت اشراف السلطات المحلية لتعيد فرض القانون والنظام على الشارع”.

بناء منظومة الاخلاق والتعاملات بين الناس 

واختتم كلامه قائلا:”المستوى الآخر هو اعادة بناء منظومة الاخلاق والتعاملات بين الناس عن طريق تفعيل برامج في المدارس، تأهيل الاهل في التنشئة التربوية والاجتماعية، تفعيل الاطر الدينية، الحزبية والاجتماعية لاحداث تفاعلات ايجابية على امتداد كل مجتمعنا. هذا جزء مما يمكن ويجب عمله. لم نبدأ بعد فلنبدأ، لتكن وصية ضحايا مجتمعنا لنا ان نقوم بواجب الدفاع عن مجتمعنا بدون تهاون وتخاذل”.

المرحومة نادية برانسي
الفقيد الحاج احمد حبيب
Exit mobile version