كيف خربت قطر البهجة السعودية؟ بقلم: ناضل حسنين

الغزل بين إسرائيل والسعودية لم يعد خفيا على أحد وسيجني ثماره حجاج البلاد بالسفر المباشر من مطار اللد الى مطار جدة

 

ليس من الصعب قراءة ما يجري في الخليج من ازمة بين قطر وعدد من الدول التي تدور في الفلك السعودي، على انه محاولة قطرية لتخريب البهجة السعودية منذ ان طلبت إسرائيل ودها.

انا لا أؤمن بالمؤامرات ولكني اتبين الألاعيب المكشوفة أصلا. السعودية صعدت من نبرتها ضد إيران مؤخرا بالتوازي مع خفض النبرة الإسرائيلية تجاه إيران. أي انه يجري الآن تبادل للأدوار بين إسرائيل والسعودية في “التصدي” لإيران.

إسرائيل لم تفلح بترهيب العالم من البعبع الإيراني والمشروع النووي الذي تطوره طهران منذ عدة سنين، ولكنها على ما يبدو تمكنت من بث الرعب في نفوس دول الخليج وفي مقدمتها السعودية. ومما ساعد إسرائيل على هذا هو الدور الذي تلعبه الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، والانعطاف الحاد في السياسة الخارجية حيال طهران والتلويح مجددا بالخطر الإيراني والتهديد بإلغاء الاتفاق النووي معها.

التقت المصالح الإسرائيلية والأمريكية والسعودية في محور واحد وهذا امر يستحق التوقف. فإسرائيل تسلم دور التصدي للبعبع الإيراني للملكة العربية السعودية في الوقت الذي تستغل الولايات المتحدة ذلك لبيع أكبر كمية من الأسلحة للسعودية على طريق الاستعداد لهذا التصدي. ولاحظوا ان إسرائيل على غير عادتها، لم تعترض على هذه الصفقة اطلاقا مما يثير الشكوك إن كانت واشنطن فعلا ستزود الرياض بها في نهاية المطاف.

في هذه الاثناء، بدأنا نسمع عن رحلات الحجاج المباشرة اعتبارا من العام القادم من مطار بن غوريون الى مطار جدة. وكذلك شاع ان السعودية ستسمح قريبا للطائرات المدنية الإسرائيلية بالمرور من فوق اجوائها في رحلاتها الى دول اسيا. وتتناقل المصادر المختلفة انباء عن لقاءات بين مسؤولين اسرائيليين ونظرائهم السعوديين في عواصم اوروبية لتنسيق صفقات تجارية بمسميات وهمية كي لا تنكشف العلاقة الصريحة رغم ان كل من يتجول في سوبرماركت سعودي سيتعرف على العديد من السلع الاسرائيلية التي تباع هناك.

وسط كل هذه الغبطة التي تدغدغ القصر الملكي السعودي ولا سيما تعهد ترامب للملك سلمان بعدم نقل سفارة بلاده الى القدس مكافأة له على الصفقة التاريخية لشراء الأسلحة بقيمة 450 مليار دولار (الإنتاج القومي السنوي للسعودية يقارب 700 مليار دولار) بما يعادل أكثر من نصف الناتج القومي السنوي للملكة، وسط كل هذا جاء صوت امير قطر ليخرب الفرحة بتصريحه بأن إيران دولة اعتبارية في المنطقة ولا يمكن التغاضي عنها وعلى دول الخليج ان تحافظ على علاقات طيبة معها.

هنا فقدت السعودية صوابها امام هذه التصريحات. فبعد ان عملت أشهر طويلة على اعداد الرأي العام في السعودية بضرورة هذا التسلح وان إيران تهدد الامن القومي السعودي، جاءت قطر لتقول عكس ذلك…قطر الصغيرة التي يحتقرها السعوديون جاءت لتتفوه بما يخالف الجوقة الخليجية التي تشدو نفس الاغنية بتوجيهات واضحة من ترامب في حين تقف إسرائيل خلف الكواليس تفرك يدا بيد فرحا بتوريط السعودية والامارات في هذه اللعبة.

الموقف القطري لا يفاجئ كل من يتابع السياسية الخارجية القطرية التي تحاول لعب دور أكبر من حجمها بكثير، والادهى من هذا وذاك ان قطر تحاول في كل مرة الإمساك بالعصا من الوسط. فهي تدعم حماس من ناحية وتغازل إسرائيل من ناحية أخرى…هي تدعم جبهة النصرة في سوريا وترفض اعتبار حزب الله منظمة إرهابية مثلما فعلت بقية دول الخليج… تحاول الإبقاء على علاقة طيبة مع طهران بينما هي عضو في مجلس التعاون الخليجي… هي عضو في التحالف العربي في اليمن فيما تدعم من تحت الطاولة سياسيا ومعنويا الحوثيين…

هذه المواقف كانت تثير امتعاض السعودية باستمرار ولكنها كانت تتحملها على مضض. ولم تكن السعودية لتتخذ هذه الخطوة بعزل قطر لولا انضمام مصر الى هذه الحملة مقابل استبدال الايداعات القطرية في البنوك المصرية بإيداعات سعودية (نحو 6 مليارات دولار).

Exit mobile version