قانون شرعنة المستوطنات – بقلم ناضل حسنين

صادقت الكنيست الليلة الماضية بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون شرعنة المستوطنات المعروف بتسميته العبرية “חוק ההסדרה” وذلك بتأييد 60 نائبا ومعارضة 52 وغياب نتنياهو عن التصويت إذ كان في طريق عودته من زيارة الى لندن.

تمهيد:

يحظر القانون الدولي على الدولة التي تحتل أراضي دولة أخرى ان تشيد عليها منشآت مدنية أي كانت بينما يسمح العرف الدولي بأن تقيم الدولة التي احتلت الأراضي منشآت عسكرية باعتبار الأراضي المحتلة غير خاضعة لسيادة الدولة التي احتلتها وانما تسيطر عليها عسكريا ولهذا فإن المتصرف بهذه الأراضي الجديدة هو الجيش الذي احتلها وليست حكومته. أي الحكم عسكري والبناء ينبغي ان يقتصر على المقتضيات العسكرية.

ولكن إسرائيل لم تتقيد بهذا القانون الدولي وراحت منذ عام 1967، منذ احتلالها الأراضي الفلسطينية، راحت تقيم المستوطنات واسكان المواطنين فيها. ولكي تتجنب الانتقادات التي انهالت عليها في البداية من كافة الدول، سنت الكنيست قانونا يحظر الاستيلاء على أراض فلسطينية مسجلة بملكية شخصية، أي ان أصحابها هم مواطنون فلسطينيون يملكون أوراقا ثبوتية بذلك.

بهذه الطريقة تمكنت إسرائيل تجنب الانتقادات الدولية الى حد ما، بالادعاء ان الأراضي التي تستولي عليها لا تعود لأحد، وتعتبرها أراضي أملاك دولة تناوب على ملكيتها السلطان العثماني ومن ثم المندوب السامي البريطاني ومن بعده الأردن وهي الآن بيد إسرائيل. واستنادا الى ذلك نشط الاستيطان الإسرائيلي بوقاحة مقابل انتقادات خجولة من الرأي العام الدولي، طالما لم يتعرض المستوطنون لأرض المواطن الفلسطيني الشخصية. وعلى هذا الأساس تم اخلاء وهدم مستوطنة عامونا.

القانون الجديد:

لم يكتف اليمين الإسرائيلي بالوضع القائم الذي يستولي بموجبه على ما يشاء من “أراضي الدولة” الفلسطينية وبحث عن وسيلة لتجنب تكرار مع حدث في مستوطنة عامونا، أي تجنب اخلاء مستوطنات او أجزاء منها لكونها أقيمت على قطع ارض تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين. وتقول بعض الأرقام ان هناك نحو 2000 بيت أقيمت في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية فوق أراض بملكية خاصة للفلسطينيين وان هناك مداولات قضائية في المحاكم قد تفضي الى ما افضت اليه عامونا من هدم هذه المنازل وإعادة الأرض الى أصحابها الفلسطينيين، واولها تسعة بيوت في مستوطنة عوفرا التي كان ينبغي هدمها لغاية الأربعاء من هذا الأسبوع ولكن تم ارجاء ذلك، ليحل القانون الجديد ويسقط عنها قرار الهدم.

على ماذا ينص القانون؟

القانون الجديد الذي سعى اليه وزير المعارف، نفتالي بينيت، رئيس حزب “البيت اليهودي” الذي يعتمد على أصوات المستوطنين في الأساس، نص على ألا تهدم بيوت المستوطنين المقامة على أراض فلسطينية بملكية خاصة، وانما تتحول الى ملكية الدولة الإسرائيلية (ضم) وان يتم تعويض أصحاب الارض الفلسطينيين إما بقطعة ارض بديلة وإما بمبلغ مالي هو قيمة الأرض التي سلبت منه بإضافة 25% فوق سعرها.

وهذا القانون يعني ان تضم إسرائيلي قطع ارض متفرقة الى سيادتها وتقدمها للمستوطنين الذين اقاموا بيوتهم عليها، أي هي صاحبة السيادة عليها، وهذا امر مناف للقانون الدولي إذ لا يمكنك سن قوانين تتعلق بالأراضي المحتلة طالما لم تضمها لسيادة الدولة، أي ان قوانين تتعلق بالأرض تسري فقط حيث سيادة الدولة التي تسن هذه القوانين، والأراضي الفلسطينية لا تعتبر خاضعة للسيادة الإسرائيلية، وعليه فمن المتوقع ان ترفض محكمة العدل العليا هذا القانون غير القانوني.

ويرى بعض المراقبين ان هذا القانون لا بد سيسقط في المحافل الدولية ولن تعترف بتداعياته أي جهة دولية او دولة. والآن تنتقل ساحة السجال الى المحكمة العليا لنتابع ما ستقوله. في هذه الاثناء أعلن المستشار القضائي للحكومة ماندلبليت انه غير مستعد للدفاع عن هذا القانون في حال تقدم معارضوه باستئناف امام المحكمة العليا، كما اصدر تعليماته لنائبه بعدم الدفاع عن القانون هو الآخر. بنفس الروح تحدثت منذ يومين القاضية المتقاعدة دوريت بينيش – رئيسة المحكمة العليا السابقة، وقالت اذا كانت الحكومة الإسرائيلية تريد سن قانون كهذا فعليها أولا ان تضم الضفة الغربية الى سيادتها ومن ثم سن قوانين تتعلق بالأرض هناك، وإلا فإن هذا القانون يتناقض مع القانون الدولي وهو ما يضع إسرائيل في خانة الدول التي لا تتماشي مع القوانين الدولية وسيجلب لجهاز القضاء الإسرائيلي الكثير من المتاعب مع المؤسسات القضائية الدولية.

إقرأ ايضا

كرمال عيون اللصوص من عمونا، بقلم: ناضل حسنين

احدى المستوطنات. آرشيف.
Exit mobile version