الجزء الثاني- بكلامكم الإيماني اللطيف “تفتحون” قلوب رؤسائكم للمحبة ! بقلم: ألشيخ أبو عكرمة الطيباوي

قال تعالى في سورة طه 44 :” اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ، فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى”. توجيه وأمر ربانيٌّ كريمٌ لرسولينِ كريمين ، موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام ، بُعِثا إلى أكبر طغاة تاريخ الإنسانية الى فرعون الطاغية الكافر المتمرد على دين وشرع الله.

وأُمِرَا بالرفق واللين معه في القول الحسن الرقيق ، وسهولة المعاملة ، ليس فيه ما يغضب وينفر المستمع، وذلك من أجل تبليغه رسالة توحيد الله . دخل واعظ على أحد الملوك، قال إني سأعظك وأغلظ عليك، فقال له الملك وكان أفقه من الواعظ، ولما الغلظة يا أخي؟، لقد أرسل الله تعالى من هو خير منك نبيه وخليله موسى، إلى من هو شر مني الطاغية فرعون الذي قال:” أنا ربكم الأعلى” ، فكيف بمن يردد :”سبحان ربي الأعلى”! .

إخوتي الأفاضل اذا تمكنا من التوصُّل إلى أهدافنا السامية في لين الكلام ولطافته،فلا حاجة للتحدي والتهجم والخصام ! .كما وضح وأشار جلَّ وعلا في سورة النحل :” ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِي َأَحْسَن” .وإنني أحث الدعاة من أهل الإيمان اتباع طرق الحكمة والمداراة الواضحة “صفة مدح ” مع الحكام والرؤساء و…حيث أحيانا كثيرة أسلوب التلطَّف والتحبب يخرج منهم الخير والحقَّ، ويردَّهم عن الباطل والظلم… وأنني أنبذ سبل أهل النفاق المداهنة والتمييع والتملق”صفة ذم”، لأن المداهن المنافق يتلطَّف بالرؤساء ليقرهم على ظلمهم وباطلهم !.

والعبر المستفادة أن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف، يجب أن يكونا بالتسامح والموعظة الحسنة، والنصيحة المخلصة، فالحق أعظم وأسمى من أن نتخذ أساليب غير مشروعة لنشره ، فالأهداف النبيلة تتحقق بوسائل نبيلة !، وبجب أن لا نتبع أساليب وسبل الكفار المجرمين :القسوة ، والتحريض، والعنف والحقد ، فهذه الأساليب الفاشلة التي صنعها أعداء المسلمين ، ما أنزل الله بها من سلطان ،سببت الدمار والخراب لبلادنا، وشوهت سمعتنا وإسلامنا، واستقر في أفكار البشر أن الإسلام إجرام ، وبدأ العالم بأسره يكافح ويحارب الإرهاب الإسلامي!. قال الله تعالى : (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ …ِ﴾.

وما أروع اقوال الامام القرطبي رحمه الله: (ينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لينا، ووجهه منبسطا طلقا، مع البر والفاجر ، والسني والمبتدع، من غير مداهنة، ومن غير أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يرضي مذهبه ..﴾.ومسك الختام كلمات ماسية للسلف الصالح:”يا ربنا ، اذا كان هذا رفقك بالكفار ، فكيف رفقك بالأبرار ؟، وهذا رفقك بمن جَحدك ، فكيف رفقك بمن وحّدك . وهذه تحببك إلى من تعاديه ، فكيف إلى من تواليه وتناديه “.

Exit mobile version