أخبار عالميةالأخبار العاجلة

هيومن ووتش: الفيفا ترعى مباريات على أراض “مغتصبة”

“هيومن رايتس ووتش” تقول  إن الفيفا (الاتحاد الدولي لكرة القدم) ترعى مباريات في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية على أراض انتزعت بشكل غير قانوني من الفلسطينيين.

1

أصدرت “هيومن رايتس ووتش” بحثا جديدا اليوم قالت فيه إن الفيفا (الاتحاد الدولي لكرة القدم) ترعى مباريات في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية على أراض انتزعت بشكل غير قانوني من الفلسطينيين.

وطالبت الفيفا تحمّل مسؤولياتها في حقوق الإنسان، ومطالبة “الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم”، الذي يُشرف على مباريات في مستوطنات غير قانونية خارج حدود إسرائيل تعود للفلسطينيين، بنقل جميع الألعاب والأنشطة التي ترعاها الفيفا إلى داخل إسرائيل.

وقالت ساري بشي، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في إسرائيل وفلسطين: ” تشوّه الفيفا لعبة كرة القدم الجميلة، بإقامة مبارياتها على أرض مسروقة. المسؤولون الجدد الذين تولوا زمام الفيفا قطعوا التزامات جديدة في مجال حقوق الإنسان هذا العام، وعليهم اشهار البطاقة الحمراء في وجه أندية المستوطنات، والإصرار على التزام الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم بالقواعد”.

وحقّقت هيومن رايتس ووتش في أوضاع الأندية التي تلعب في الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، وتقيم مبارياتها الرسمية خارج إسرائيل، في ملاعب تقع في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية التي استولت عليها إسرائيل واحتلتها عام 1967. المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي الإنساني، لأن نقل القوة المحتلة للسكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة يشكل انتهاكا لـ “اتفاقية جنيف الرابعة” ويعتبر جريمة حرب. بنيت المستوطنات على أراض صودرت من الفلسطينيين.

وقال تقرير المنظمة ان مباريات الاتحاد الإسرائيلي في المستوطنات هي بالفعل موضع نزاع بينه وبين “الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم”، الذي يدعي أن الاتحاد الاسرائيلي ينتهك قوانين الفيفا التي تحظر أعضاءها من إقامة مسابقات في مناطق اتحادات أخرى دون إذن. الاتحاد الفلسطيني عضو في الفيفا منذ عام 1998، باعتبار أراضيه تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، المعترف بها دوليا كـ “الأراضي الفلسطينية المحتلة” أو فلسطين. يقول الاتحاد الإسرائيلي، وهو أيضا عضو في الفيفا، إن على الفيفا السماح له بمواصلة إقامة المباريات في المستوطنات، وينبغي عدم اتخاذ أي موقف بشأن الوضع في الضفة الغربية. يحكم الجيش الاسرائيلي الضفة الغربية على أنها أرض متنازع عليها تحت الاحتلال العسكري، ويعتبرها المجتمع الدولي خاضعة للاحتلال، ولكن الحكومة الإسرائيلية وحدها تقريبا تشير إلى الضفة الغربية على أنها “أراض متنازع عليها”.

أنشأت الفيفا العام الماضي لجنة مراقبة لحل القضية، وقالت اللجنة إنها ستقدم توصياتها إلى اجتماع مجلس الفيفا في 13 أكتوبر/تشرين الأول بزيوريخ.

أبرزت أبحاث هيومن رايتس ووتش أن المسألة ليست مجرد خلاف بين الاتحادات الوطنية على تفسير قوانين الفيفا. فمن خلال سماح الفيفا للاتحاد الاسرائيلي بإجراء مباريات داخل المستوطنات، تنخرط بذلك في نشاط تجاري يدعم المستوطنات الإسرائيلية، خلافا لالتزامات حقوق الإنسان التي أكدتها مؤخرا.

وحدّد تقرير كتبه جون روجي، مؤلف “مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان”، بتكليف من الفيفا وصدر في 16 أبريل/نيسان 2016، مسؤوليات حقوق الإنسان للشركات، وقدم توصيات محددة للفيفا لتنفيذ هذه المبادئ في أنشطتها. تولى رئيس الفيفا المنتخب حديثا جياني إنفانتينو الرئاسة متعهدا بتوجيه الفيفا بعيدا عن فضائح حقوق الإنسان والفساد في السنوات الأخيرة، حتى يمكن للجماهير واللاعبين التركيز على “لعبة كرة القدم الجميلة”. قالت هيومن رايتس ووتش إن ممارسة الأعمال التجارية في المستوطنات لا يتفق مع هذه الالتزامات.

وطلبت هيومن رايتس ووتش تعليقات من الفيفا والاتحاد الإسرائيلي والاتحاد الأوروبي لكرة القدم. قالت الفيفا إنها سترد في وقت لاحق، بينما رفضت اليويفا الرد. وأرسل الاتحاد الإسرائيلي ردا في 23 سبتمبر/أيلول 2016. أرسلت هيومن رايتس ووتش أيضا ملخص التقرير إلى منظمي نوادي المستوطنات، داعية إياهم إلى الرد، فاستجاب مسؤولو 4 من هذه النوادي.

وثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا كيف تساهم الشركات التجارية في الضفة الغربية في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وتستفيد منها: فهي في أراض أخِذت بصورة غير قانونية من الفلسطينيين، وتستغل الموارد الطبيعية التي تعود للفلسطينيين، والتي يتم تخصيصها بطريقة تمييزية لصالح الإسرائيليين، في إطار نظام تمييزي يقدم الامتيازات للشركات الإسرائيلية في حين يمنع الشركات والمؤسسات الاجتماعية والبنية التحتية الفلسطينية من التطور. ينتهك نقل سلطة الاحتلال للسكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة القانون الإنساني الدولي أيضا. تتطلب المبادئ التوجيهية من الشركات احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومعايير القانون الدولي الإنساني أيضا. طبّقت هيومن رايتس ووتش نفس التحليل على مباريات الاتحاد الإسرائيلي التي تُقام في المستوطنات وترعاها الفيفا.

أولا: بُنيت ملاعب المستوطنات، بما فيها ملعب في قاعة مغطاة، على أرض أخِذت بصورة غير قانونية من الفلسطينيين، ومعظمها بمصادرة أراض تابعة لأفراد فلسطينيين أو قرى فلسطينية، وإعلانها تابعة للدولة، ثم تخصيصها للمدنيين الإسرائيليين فحسب. يحصر القانون العسكري في الضفة الغربية دخول المستوطنات على المواطنين الإسرائيليين والمقيمين الإسرائيليين وحاملي التأشيرات الإسرائيلية، أو الأفراد من أصول يهودية. لا يُسمح لسكان الضفة الغربية الفلسطينيين البالغ عددهم 2.5 مليون، دون اعتبار سكان القدس الشرقية، بدخول المستوطنات، باستثناء ما يقرب من 26 ألف عامل يحملون تصاريح خاصة. يمكن للمواطنين العرب والمقيمين في إسرائيل، مثل نظرائهم اليهود، دخول المستوطنات.

ثانيا: أظهرت الوثائق المالية التي راجعتها هيومن رايتس ووتش أن الاتحاد الاسرائيلي انخرط في نشاط تجاري يدعم المستوطنات. توفر أندية كرة القدم في المستوطنات عمل بدوام جزئي وخدمات ترفيهية للمستوطنين، ما يجعل المستوطنات أكثر استدامة، وبالتالي تدعم نظاما قائما على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

ثالثا: توفر النوادي خدمات للإسرائيليين ولكنها لا تقدمها للفلسطينيين ولا تستطيع فعل ذلك، إذ لا يُسمح للفلسطينيين بدخول المستوطنات إلا كعمال يحملون تصاريح خاصة. لذلك لا تتاح فرق كرة القدم في المستوطنات إلا للإسرائيليين فقط، ولا يستطيع الفلسطينيون في الضفة الغربية المشاركة واللعب في الفرق أو حتى حضور المباريات كمتفرجين. تتلقى الأندية في معظمها تمويلا من بلديات المستوطنات والمجالس الإقليمية، التي تدفع لهم أساسا لتنظيم الخدمات الرياضية والترفيهية للإسرائيليين فقط.

النشاط التجاري للأندية الأعضاء في الاتحاد الإسرائيلي، والفيفا بصفة عامة، يرمي إلى تطوير كرة القدم في مستويات متنوعة في منطقة جغرافية واسعة، لتشجيع كرة القدم للمحترفين كرياضة وهواية وطنية ودولية. تعمل أندية المستوطنات على انتداب وتدريب لاعبين للفرق الإسرائيلية المحترفة التي توفر للاتحاد الإسرائيلي والفيفا عائدات مالية من مبيعات التذاكر وحقوق البث. لا توفر فرق المستوطنات إيرادات مباشرة للاتحاد الإسرائيلي والفيفا، مثل معظم الفرق التي تلعب في دوري الدرجات الدنيا، لكنها جزء من صناعة كرة القدم الاحترافية المتجذرة في المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتوفر 33 مليار دولار سنويا، وتساعد في الحفاظ على كرة القدم كالرياضة الأكثر شعبية في العالم. الفيفا اتحاد غير هادف للربح مثل الاتحاد الإسرائيلي ونوادي المستوطنات، ولكنها تشارك في نشاط تجاري كبير وفقا لتقرير جون روجي.

وتظهر السجلات المالية أن الفيفا والاتحاد الأوروبي لكرة القدم أرسلا في السنوات الأخيرة ملايين الشيكلات سنويا إلى الاتحاد الإسرائيلي كجزء من علاقة مالية متبادلة يُمكن من خلالها للفيفا والاتحاد الأوروبي كسب المال من الألعاب الإقليمية والدولية التي تخوضها الفرق الإسرائيلية.

وتظهر حالة ناد يلعب في مستوطنة جفعات زئيف أن الاتحاد الاسرائيلي وبالتالي الفيفا، يقيم مباريات على ملعب خارج الحدود يعود لعائلتين فلسطينيتين من بيتونيا المجاورة، لم تتمكنا من الوصول إلى أراضيهما بعد أن بنَت إسرائيل المستوطنات عام 1977، ومنعت الفلسطينيين من دخولها. قال ربحي دولة رئيس بلدية بيتونيا لـ هيومن رايتس ووتش إن بلدة بيتونيا الفلسطينية فقدت معظم أراضيها الزراعية بسبب الأوامر العسكرية الإسرائيلية التي تمنع الوصول والحواجز المادية. بنَت إسرائيل “جدارا عازلا” منذ أكثر من عقد من الزمن، يقطع الأجزاء المبنية من بيتونيا عن الأراضي المفتوحة. تقع أجزاء كبيرة من الجدار، بما في ذلك في بيتونيا، في الضفة الغربية المحتلة. اعتبر رأي استشاري لـ “محكمة العدل الدولية” أن الجدار غير قانوني ودعا الدول إلى “عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناتج عن تشييد الجدار وعدم تقديم العون أو المساعدة في الإبقاء على الوضع الناشئ عن هذا البناء”.

في حديثه عن ندرة المساحات المفتوحة في بيتونيا، تساءل ربحي دولة: “نريد بناء ملعب لأطفالنا كي يحظوا بفرصة اللعب وتطوير مهاراتهم بطريقة مهنية، ولكن أين يمكننا أن نفعل ذلك إذا لم يكن لدينا أي أرض؟”.

وقال صلاح الدين قرط (67 عاما)، أحد المالكين المسجلين للأرض التي أقيم عليها ملعب جفعات زئيف، لـ هيومن رايتس ووتش إن والده فقد إمكانية الوصول إلى أرضهم أواخر سبعينات القرن الماضي، عندما بنَت إسرائيل المستوطنات وأعلنت أنها محظورة على الفلسطينيين. ابن شقيق قرط لاعب كرة قدم في نادي بيتونيا، الذي يضطر للتدريب واللعب في بلدة مجاورة لبيتونيا لأنه لا يوجد فيها ملعب يلبي شروط الفيفا.

وقال مديرو أندية المستوطنات لـ هيومن رايتس ووتش إن النوادي تقدم خدمة هامة لمجتمعاتهم، بما فيها مساعدة الأطفال من خلفيات محرومة وممارسة الكبار للياقة البدنية والحياة الصحية. قال بن حداد، مدير ملاعب كرة القدم البلدية في معاليه أدوميم لـ هيومن رايتس ووتش إن ناديه يوفر الترفيه الآمن للأطفال في المجتمع، بمن فيهم الذين يأتون من خلفيات عائلية أو اجتماعية أو اقتصادية سيئة.

لا تنفي هيومن رايتس ووتش أن أندية المستوطنات توفر الخدمات لمجتمعاتها. قالت هيومن رايتس ووتش إنه من خلال توفير نشاطات المستوطنات هذه للإسرائيليين دون الفلسطينيين، وعلى أرض استولت عليها السلطات الإسرائيلية بصورة غير قانونية من فلسطينيين، تسهم هذه الأندية في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بغض النظر عن النوايا الحسنة للمسؤولين عنها. قالت هيومن رايتس ووتش إنه بمعزل عن الخلاف السياسي الدائر حول مصير المستوطنات وأندية كرة القدم فيها، تتناقض رعاية مباريات في المستوطنات مع التزام الفيفا التي أكدت عليه مؤخرا، باحترام حقوق الإنسان في أنشطتها التجارية. قالت هيومن رايتس ووتش إن ادعاء البعض أن المستوطنات سيتم ضمها إلى إسرائيل في المستقبل، وبالتالي يجب السماح لها بالاستمرار، هو ليس تخمينا وحسب، بل تجاهلا أيضا لانتهاكات لحقوق الإنسان الخطيرة، الذي يشكلها وجود المستوطنات ويتسبب به اليوم.

وقالت بشي: “بغض النظر عن القرارات السياسية التي ستتخذ بشأن المستوطنات في المستقبل، فهي تمثّل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الوقت الحالي وتسهم فيها. لهذه المشكلة حل وحيد: أن تُعلم الفيفا أندية الاتحاد الإسرائيلي أنه يُمكنها التدريب واللعب كما تشاء، ولكن داخل إسرائيل فقط.

المصدر: وكالة معا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *