الجزء الثاني- أيها الظَّالِمِ مصيرك الى عَذَابٍ أليم ! بقلم: الشيخ ابو عكرمة الطيباوي

الظلم ذنب عظيم، وخلق لئيم، وأذى مؤلم، ينشر الأحقاد والعداوات بين الناس، ويأكل حسنات الظالم، ويجلب له العذاب والعقوبات، وما انتشر في شعب أو مدينة إلا حل فيها الدمار والخراب والهلاك.

قال تعالى :﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا ﴾. في زماننا الحاضر عم وانتشر شر الظلم في بلاد المسلمين ، وظهر واضحا بالتعدي على حقوق الناس بالحرام والباطل. ويقسم الظلم الى ثلاثة أنواع :

أولها: أن يظلم الناسُ فيما بينهم وبين الله تعالى؛ وأعظمه الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال تعالى في سورة لقمان 13: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم ٌ} .

ثانيها: ظلم بين العبد وبين نفسه ؛ وهذا ما قصده الله تعالى في سورة القصص 16 ، على لسان نبيه موسى عليه السلام : {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} .

وانني سأتطرق الى النوع الثالث وهو (ظلم العبد للناس) ؛ وإياه قصد الله تعالى في سورة الشورى 42: {َ {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} .

وقد أنزل الله تعالى شريعته السَمحة، وأُعطى كلَّ فردٍ حقوقه كاملة ، وإذا أساء شخص لآخر عوقب بنفس قدر الإساءة، وإلا كان ظالمًا لا يحبه الله جل جلاله،لقوله في سورة الشورى 40 ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ﴾ . ولا يجوز لأحد كائناً من كان، أن يظلم عباد الله، أو يعتدي على مصالحهم، وفي هذا العصر كثرت المظالم بين الناس ،وامتلأت المحاكم بالقضايا والخصومات، يقول الله سبحانه وتعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ). ! اليكم نماذج من الظلم :

1) ظلم الحاكم والرئيس والقائد، لشعبه بإهدارحقوقهم وأموالهم، وبخسهم مصالحهم ! .

2) ظلم المدير للموظفين، بأن لا يعطيهم مستحقاتهم ،وربما حرمهم رواتبهم !.

3)الظلم البيِّن في قسمة الميراث ، حيث حرم الأب بناته من حقهن في الميراث ، أو يعطى أبن أكثر من اخوته وأخواته ، بدون حق أو سبب واضح مقنع ؟! .

4) ظلم الزوج لزوجته فيهدر حقوقها : من مهر ونفقة وكسوة، وربما طلاق ظالم ، قال تعالى في سورة البقرة: 231: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ﴾ . وربما كان الوضع أن الزوجة ظلمت زوجها ولا توفيه حقوقه الزوجية !.

5) أكل أموال الناس وأخذها ظلماً بالباطل؛ قال تعالى في سورة النساء: 29، : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ْ …﴾.

6) ظلم الجار لجاره ، والإعتداء على جداره او أرضه او شجره أو ماله.

7) ظلم البائع للمشتري ومنها : بيع بضاعة فاسدة، واستغلال أسعار مرتفعة، وعدم الوفاء بالاتفاقيات، وغش وظلم ، …!

8) ظلم الناس بقتلهم وضربهم وشتمهم والتعدي عليهم لضعفهم !. وقد نقل عن بعض السلف قوله: ” لا تظلم الضعفاء فتكون من شرار الأقوياء “!

9)المماطلة برد الحقوق والديون مع القدرة على الوفاء.واحيانا ظلم الأجير والعامل بعدم إعطاءه اجرته كاملة، ويبدأ باللف والدوران والتحايل .

10) أكل مال اليتيم: قال تعالى في سورة النساء10: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا… ). لقد بلغ السيل الزُبى، والظلم لن يدوم ولن يطول، وسرعان ما ينتهي ويزول، وسيعلم الظالمون عاقبة غرورهم بقوتهم ، وحتما الزمان عليهم سيدور …

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته» ، ثم قرأ قول الله سبحانه وتعالى : {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} رواه البخاري ومسلم .

الشيخ الداعية ابو عكرمة الطيباوي

Exit mobile version