الجزء الاول- حرام عليكم أكل ميراث النساء بالباطل !، بقلم : الشيخ ابو عكرمة الطيباوي

فرض الله عز وجل توزيع الميراث بين الوارثين(الأراضي والبيوت والأموال والمحلات التجارية و… )، بما شرعه فى كتابه الكريم ، وجاء في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم . ونحن نرى ونلمس أن قسم من المسلمين يخالف هذا التقسيم ، فيقسم ويحرم الأخوات والزوجات والبنات من الميراث ، دون أي حق ! ويسلك بفعله وعمله الجاهلية الأولى، لأن أهل الجاهلية هم الذين يحرمون الإناث من الميراث.

ويقول زورا : (إن البنات لا يرثن أرضًا )، ألا فلتعلمْ أن البنتَ ترثُ كما ورثتَ أنت، لقوله تعالى:{ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْن} !. ولله در شاعرنا العربي :

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند. وتذكر أنه مهما تحايلت على حقوق الضعفاء، سيبقى للنساء والضعفاء حق شرعي في الميراث ! .ومرة ثانية تقول : ” لا أعطيها شيئًا، حتى لا يذهبَ مالُنا وأرضنا وخيرنا إلى الغريب،فهي متزوجة في عائلة غريبِة وبعيدة عنا “! . هذا هو الطمع، الذي أعمى القلوب، والجشع الذي لن يُشبعَ البطونِ ! انتبه واستفق ! لا يدخلُ الطمعُ مدخلاً إلا أعقبه الدمار والخراب ، ولا يدخل الجشعُ مدخلاً إلا أعقبه البوار والهلاك .

لا شك أن الميراث حق شرعه الله على عباده ، لأنه سبحانه يعلم أن الناس يموتون ويتركون الأموال بأنواعها ، فاذا تركت دون توزيع وتقسيم حسب ما فرضه الله تعالى ، حتما ستقطع الأوصال بين الأقارب ، وتذوب صلة الأرحام بنار الصراع والخصومة والعداوة ، من أجل التركة وحب التملك ، وربما تسفك دماء الأسرة الواحدة !.لهذا حرم الله الظلم على نفسه، كما وحرمه على عباده، جاء في الحديث القدسي الذي رواه مسلم : (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تظالموا ).

والعجيب فى ذلك أن هناك من يقول : أن المرأة ليس لها ميراث، وكأن لسان حالهم ينطق بقوله تعالى: (( وَيأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا وَيحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ))

قال الحافظ ابن كثير :أي َيأْكُلُونَ الميراث ،ولا يهمهم إن حصلوا عليه، من حلال أو من حرام، فيأكل نصيبه ويأكل قسم ونصيب الآخرين !. إن المتأمل في فرائض الإسلام يرى أمرا عجيبا ، حيث الله تعالى قسم الميراث، وبين لنا نصيب كل فرد فيه. ووصى سبحانه تقسيم الميراث تقسيمًا إسلاميًّا على منهج القرآن الكريم لقوله تعالى في سورة النساء 12: ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ).
كذلك جعل للبنات نصيبًا من ميراث آبائهن، قال تعالى في سورة النساء 11: ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) .
هذا هو ديننا العظيم وإسلامنا الرائع، الذي أنصف المرأة وأعطاها نصيبها. قال تعالى في سورة النساء 7 : ( لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ) .

أهم الأسباب التي تؤدي لأكل الميراث :
1) ضعف الإيمان: فآكل الميراث ضعيف الإيمان وإن حج واعتمر، وزكى ماله وتصدق، وصلى وصام وقرأ القرآن .

2)التقاليد والعادات العائلية الجاهلية.

فبعض المسلمين لا يورثون ويجحدوا النساء حقوقهن، ويرددون: “إحنا طلعنا ووجدنا آباءناوأجدادنا لا يورثون البنات ؟!”.
ونذكر هؤلاء ! أن هذه عادات جاهلية ذمها الله تعالى في سورة المائدة: 104:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ).

3 )الكثير من أكلة المواريث أصابهم الجشع والطمع، فجحدوا حق النساء في الميراث، ظنا منهم ان تقسيم الميراث سينقص الأموال ! وليعلموا ان الجشع والطمع جمرة لا تحرق إلا صاحبها في الدنيا و الآخرة.! وتقسيم الميراث بالحق فيه الخير والبركة من الله تعالى.

4) بعض المسلمين يعتقد أن الذكر أفضل من الأنثى ! وأخرون يعتقدون أن الذكر البكر له حق بالميراث أكثر من بقية اخوته وأخواته .

5) قسم من المسلمين يستغل صغر أعمار اخوته فيستولى على الميراث!. ولهذا أصبحت المرأة في حيرة من أمرها، إن طالبت بحقها غضب عليها أهلها وقاطعوها واعتبروها عاقة لوالديها كارهة لإخوتها !.

وأذكركم بخطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال ( أيها الناس إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا شهركم هذا اللهم قد بلغت كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) أخرجه الشيخان .

الشيخ الداعية ابو عكرمة الطيباوي

Exit mobile version