إننا ننبذ ونرفض المثل : ( الله بيطعم اللحمة للي ما لوش اسنان) !، بقلم: الشيخ ابو عكرمة الطيباوي

 أمر الله تعالى المسلم بحفظ لسانه ، وأن يتكلم بالكلمة الطيبة التي فيها الخير والأجر والثواب،وأخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم محذرنا أن الناس يُكبون في نار جهنم بحصائد ألسنتهم !

وبالرغم من هذا نجد الكثير من العرب المسلمين يرددون أمثالاً وأقوالا يكون فيها مهلكهم ! ومنها المَثَل : “الله بيعطي اللحمةَ للذي ليس عندَه أسنان”! هذا المثل الشِركيٌّ القبيح،نردده وتتناقلُه ألسنتنا ! ربما بدون علم أو قصد، وبدون أن نعي قُبحَه،رغم أنه مخالف لشريعتنا الغراء ! ويطعن في عقيدتنا ،ويتنافى مع أخلاقنا الإسلامية والإنسانية ! ُ* نرى في الواقع : اذا جارك بنى بيتا فخما قلت : ( الله بيعطي اللحمةَ للذي ليس عندَه أسنان ) ! ونلمسى هذا جليا : عندما يشترى صاحبك سيارة فخمة لامعة وموديل جديد قلت :( الله بيعطي اللحمةَ للذي ليس عندَه أسنان) ! وإذا قدر الله ؛ وورث أحد الأصحاب ، الأراضي والمصانع والأموال والبيوت تقول :( الله بيعطي اللحمة َ للذي ليس عندَه أسنان) ! . * وحين نعجز عن تفسير نزول النعمة على احد من الناس ، نقول :( الله بيعطي اللحمة َ للذي ليس عندَه أسنان) !

1)إن التفسير الحقيقي لهذا المثل،أن فيه ظلم وافتراء على الله عزّ وجل ! وكأننا بدأنا نشكك بالعدل الإلهي !.

2) في هذا المثل إساءةُ وقلة أدبٍ مع الله تَعالى،واتهامٌ له سبحانه بأنه يسئُ التصرف َ” حاشاه ” ، فيعطى من لا يستحق،ُّ ويمنعُ عمَّن يستحق !.ولا بدَّ من اليقينِ بأنّ اللهَ يَبْسُط الرِّزقَ لمن يشاءُ ، ويمنع عمن يشاء! .قال تعالى في كتابه العزيز :( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) .

3) الإنسان مهما أعطي من حكمة وعلم، لن يستطيع الجزم بأن هذه نعمة أم ابتلاء ونقمة ! وأحيانا كثيرة قد يكون الخير في الذل ، الذي ربما قاده إلى طاعة بعد معصية ! وقد يكون المال ، والملك ، والجاه ، والعز شرّاً ، ويجر الويلات على صاحبه ومالكه !.

4) الله تعالى وحده يُقدِّر ما يَشاء لحِكَمٍ جَليلةٍ، تَظهر للبعض، ولا تَظهر للبعض الآخر ، فمَن أغناه الله، فَلِحِكْمَةٍ، ومَن أفْقَره الله، فلحِكمة! .قال تعالى : ( …. كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) !.

5)الله يعطي الدنيا لمن يحبُّ، ولمن لا يُحب،فيرزقُ المؤمن ويرزق الكافر احيانا كثيرة أكثر من المؤمن!َ ولكن الله تعالى يعطي الجنة فقط للمؤمن!. عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافراً منها شربة ماء “. رواه الترمذى وصححه . وقوله تعالى في سورة الزخرف 32: ( … نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) !.

6) إنَّ قائل هذا المثل قد وقَع في الفِتنة ؛ فالله تعالى جعَل من الناسَ الغني ، ومِنهم الفقير، ومِنهم الشريف ومِنهم الوضيع، فمَن رَضِي بما قسَم الله ولم يُسخط، نجا مِن الفتنة، ومَن اعترض وسخِطَ، فعليه السُّخْط؛ قال تعالى :( .. وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَم َبِالشَّاكِرِينَ… ).

ولهذا كله أجد نفسي أتوجه اليك لأسألك :

1) وكأنك تدعي ،أنك تخصص طبيب أسنان، فتعرف الناس الذين لهم أسنان لأكل ومضغ اللحوم جيدا ،ومن هم المحرومين بدون أسنان ! .

2) وأنت تدعي أنك وحدك عندك أسنان كاملة لأكل اللحوم،ولهذا تستحق الأموال والقصور الشاهقة ، والسيارات الفخمة ! .

3) من أعطاك السلطة والحق ،لتقسيم الأرزاق والأموال بين الناس ؟ ! وتذكر دائما الظلم الذي يلحق بالفقراء والضعفاء ، سببه البشر الظالمين والأشرار الطغاة ! .

4) إذا كنت الى هذا الحد عبقريا وفذا حكيما ! لماذا لم تحصل أنت على هذه الكنوز والأراضي لتكون ملكا لك ! . 5) هل يا ترى أنت تعتبر نفسك، أعلم وأعدل من الله تعالى؟! الذي قال في سورةالتين 8 : (( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ )) .

ومسك الختام علينا البراءة من هذه الأمثال ونكثر من التوبة والإستغفار ! .

الشيخ الداعية ابو عكرمة الطيباوي

Exit mobile version