2الأخبار العاجلةفلسطين 67

“مصائب قوم عند قوم فوائد” والاتجار بمأساة اهل غزة

معبر رفح بين القطاع والأراضي المصرية يخنق اهل القطاع ولكنه مصدر ثراء بعض الغزيين والضباط المصريين

1
يخضع قطاع غزة لأطول حصار عرفه التاريخ يمتد لأكثر من تسع سنوات من جانب إسرائيل وبنفس القدر من الجانب المصري أيضاً. وإذا كان الحصار الإسرائيلي يعتبر حصارا عسكريا لجهة معادية، فإن اغلاق معبر رفح الواصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية يعتبر حصارا مكملا يؤلم أهالي القطاع أكثر من الحصار الإسرائيلي لأنه يأتي من دولة عربية شقيقة، على حد تعبيرهم.

ومهما كانت أسباب هذا الاغلاق المتواصل لمعبر رفح والتفسيرات التي يقدمها الجانب المصري من ان الخطر الذي تشكله حركة حماس وتواصلها مع المسلحين في شمالي سيناء يعتبر تهديدا للأمن القومي المصري ولهذا يتوجب اغلاق المعبر والسماح فقط بمرور الحالات الإنسانية فقط بين الحين والآخر.

وسواء كان اغلاق معبر رفح بدوافع الامن القومي المصري او نتيجة للتنسيق الأمني مع إسرائيل، فإن النتيجة واحدة وهي ان اهالي القطاع مخنوقون داخل القطاع منقطعون عن العالم كليا مما فتح المجال امام سماسرة السفريات، تجار معاناة الأهالي، لجني الأرباح على حساب الأهالي المساكين وبتواطؤ بعض المسؤولين المصريين مقابل مبالغ باهظة.

معادلة السفر من قطاع غزة عبر معبر رفح الى فضاء الدول الأخرى أصبحت واضحة لكل أهالي القطاع. فقد انتشرت منذ فترة طويلة مكاتب سفريات سياحية في قطاع غزة لا احد يعرف هيكلها التنظيمي ولحساب من وكيف تعمل ولكنها تجني الأرباح الطائلة على حساب مأساة المحتاجين.

يتلخص نشاط هذه المكاتب السياحية في تنظيم سفريات الراغبين بالمرور عبر معبر رفح بطريقة مضمونة مقابل حوالي 3 آلاف دولار. والطريقة المتبعة هي ان يتم ارسال اسم الزبون الذي دفع 3 آلاف دولار في المكتب السياحي وبياناته، الى الجهات المسؤولة في مصر ليخضع للفحص، وهذه العملية تسمى “الكشوف الاستخباراتية”. وبعد ان يتم فحص الاسم والتحقق منه، يتم تسليم مجموعة الأسماء الى الجانب المصري في معبر رفح على ان أصحاب هذه الأسماء مرضي عنهم استخباراتيا ويمكنهم المرور عند فتح المعبر فورا.

الجانب الفلسطيني في المعبر يحصل هو الآخر على لائحة بأسماء المرضي عنهم استخباراتيا من الجانب المصري، ليعدوا هؤلاء الناس مسبقا ليمروا فور فتح المعبر لأنهم لا يحتاجون للتدقيق الأمني الذي يستغرق وقتا طويلا.

وهناك مصادر صحفية في قطاع غزة تتهم الجانب المصري بأن جزءاً من مبلغ 3 آلاف دولار الذي يدفعه المسافر الغزي المقتدر، يذهب لجيوب مسؤولين امنيين مصريين كرشوة للإسراع بالموافقة على هذه اللوائح وتسهيل انتقال أصحاب الأسماء فيها الى الجانب المصري.

وتفيد المعطيات الأخيرة ان قرابة 1600 مواطن من قطاع غزة قد دفعوا هذه المبالغ للسفر الى مصر دون عوائق، غير ان السلطات المصرية أدخلت منهم قرابة 300 شخص فقط عند فتح المعبر في المرة الأخيرة، إذ ان الوقت لم يكن كافيا لإدخال المزيد منهم.

اما عامة الناس الذين يريدون السفر الى مصر عبر معبر رفح، فيبلغ عددهم قرابة 25 الف شخص يحتشدون عند المعبر لأيام طويلة وهم ما يعتبرون الحالات الإنسانية، أي المرضى وطلاب الجامعات. وحين نقول المرضى فلا نعني أناسا يعانون من الزكام، وانما بينهم أناس يعانون مختلف الأورام السرطانية ومنهم من يعاني الفشل الكلوي ويحتاج الى الدياليزا وكذلك من يحتاجون الى اجراء جراحات معقدة لا تتوفر ظروفها الضرورية في القطاع، علاوة على الطلاب الذي يقضون فصول دراسية بأكملها وهم ينتظرون عند المعبر.

السلطات في قطاع غزة على علم بهذه الظاهرة كما ان السلطات المصرية تساعد على تنظيمها ولكن على ما يبدو ان الصورة ليست واضحة للجميع بأن المال يلعب دورا في تفضيل المقتدر على المحتاج ومن هنا يتم فتح بوابة الرشوة التي تمتد الى الجانب المصري. إذن الكل يستفيد من هذه المنظومة ويبقى المواطن العادي ضحية هذه التنسيقات الاستخباراتية.

مدير المعابر السابق: هذه الحالة كانت اكبر مني
هذه المشكلة كانت محل تعليق مدير أمن المعابر السابق ماهر أبو صبحة، الذي علق على حسابه الشخصي عبر فيسبوك مؤكدا أن العمل بالتنسيقات قائم منذ عدة سنوات، واعترف، بأنه لم يستطع محاربتها أثناء عمله في هيئة المعابر، “لأنها كانت أكبر مني”، حسب تعبيره.

ووصف أبو صبحة المشاركين في ترتيبات التنسيقات بأنهم “تجار دم وجشعون ويلعبون بمصير الناس”، مبينا، أن هيئة المعابر تملك ملفا يحتوي على أسماء جميع المتورطين في ترتيب هذه القوائم، وهم أصحاب مكاتب منتشرة في جميع المحطات.

واعتبر أبو صبحة حديثه عبر فيسبوك صرخة للمسؤولين بالدرجة الأولى، مطالبا النائب العام بالتدخل لمحاسبة أصحاب هذه المكاتب، ومتوعدا بنشر أسماء كافة المتورطين في هذا الأسلوب “ليحاسبهم الشعب نفسه إذا لم تتم محاسبتهم من الجهات المختصة”، كما قال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *