الفصل ”العنصري“ للنساء في اقسام الولادة – مشكلة من؟، بقلم ناضل حسنين

انفجرت فضيحة الفصل الصامت للنساء العربيات عن النساء اليهوديات في اقسام الولادة في المستشفيات، بعد تحقيق صحفي مما دفعنا الى الالتفات لحال لم نشأ التفكير به من قبل. فهل هو البحث عن راحة الأم النفاس ام هي العنصرية المغلفة ؟


إذا كانت دوافع الفصل وفق ما عبر عنها نائب رئيس الكنيست بتسلال سموتريتش وزوجته، فهي عنصرية “كهانية” خالصة تكاد تعتمد “النظرية العرقية” النازية، حين يقول على لسان زوجته انها لا ترغب بأن تلمس سيدة غير يهودية مولودها الجديد وان زوجته لا ترغب ان ترقد في ذات الغرفة مع عربية انجبت لتوها “مخربا” محتملا قد يقتل الطفل الذي انجبته هي اليهودية بجوارها، وغيرها من التفوهات المقيتة لهذا المستوطن المراهق وزوجته العنصرية… فإن التعامل مع هذه التصريحات يتم في أروقة المحاكم والبرلمان وهي مهمة نوابنا العرب لمقارعتها ومؤسساتنا الحقوقية لمقاضاتها وصحافتنا لفضحها.

اما الجانب الآخر لهذا الموضوع فيتطلب منا وقفة مع الذات مجردين من التعصب والحماسة والاعتراف بأن الفارق بين عاداتنا وعاداتهم على المستوى الإنساني البعيد عن السياسة وعن العنصرية ليس مريحا للأم اليهودية وكذلك للأم العربية بعد الانجاب مباشرة نظرا لحاجة الام لقسط من الراحة… النساء اللواتي مررن بمثل هذه اللحظات، قد يتفهمن هذه الصورة أكثر من غيرهن، ولكن اذا كانت الام العربية تحتمل الزيارات ”الجماهيرية“ من ذويها، فإن الام اليهودية غير ملزمة بذلك.

عاداتنا الشرقية عامة والعربية خاصة، التي لا يمكننا التخلص منها سواء اعجبتنا ام لا، غير مقبولة ولا يمكنها ان تكون مقبولة لدى الآخر على الدوام بغض النظر إن كان يهوديا ام هنديا ام فيتناميا. ليس لنا ان نطلب من الام اليهودية الراقدة بجوار الام العربية في الغرفة الواحدة ان تصمت حين تدخل الغرفة مجموعة من الزوار العرب من نساء ورجال وأطفال تتقدمهم عادة حماة الام الغضة او أمها فتصدح بزغرودة بأعلى صوتها خاصة إذا كان المولود صبيا، او ان يكون وسط الزوار مسن او رجل متدين فنراه يرفع الاذان بأعلى صوته في اذني الرضيع عند اول لقاء به… وما الى ذلك من عادات نتبعها دون الانتباه الى انها تخصنا وحدنا وليس للسيدة على السرير المجاور ان تتحملها رغما عنها، سواء كانت يهودية ام عربية.

من منا لا يلاحظ كثرة الزوار وتتابعهم لدى غالبية الامهات العربيات في المستشفى، حالهن كحال معظم المرضى العرب الراقدين في المستشفيات. ببساطة شديدة انه ادراكنا وحرصنا على أداء واجب زيارة المريض للاطمئنان عليه او حتى لرفع العتب إن شئتم…المهم ان سيل الزوار في معظم الحالات لا ينقطع عن العربي الراقد في المستشفى، وهو ما ينسحب على الام النفاس كذلك.

ويبقى السؤال، إذا كنا، نحن الزوار العرب في المستشفيات، غير قادرين من تلقاء أنفسنا ان نتفهم الحاجة الماسة للام النفاس الراقدة على السرير المجاور بالراحة وببعض الهدوء، وسلوكنا الجماعي وعاداتنا لا توفر ذلك لها، فهل يحق لهذه الأم النفاس ان تبحث عن سبيل آخر للراحة؟

ارى انها فرصة لنراجع سلوكنا في المستشفيات رحمة لمرضانا ولمرضى الاخرين بغض النظر عن العرق والجنس. انها مسألة ثقافة لا مسألة عنصرية…!

Exit mobile version