من بنتِ صعبٍ الى أُمِّ الرياحينِ مهداة الى الصديق الشاعر أحمد فوزي ابي بكر، بقلم: د. سامي ادريس

ننشر اليكم قصيدة “من بنتِ صعبٍ الى أُمِّ الرياحينِ”، مهداة الى الصديق الشاعر أحمد فوزي ابي بكر، من تاليف د. سامي ادريس

حَيّيْتُ سالمَ مشتاقاً فحيّيني * من بنتِ صعبٍ الى أُمِّ الرياحينِ
قد جئتُ أحملُ شعري في الهوى بلداً* لوزَ الكرومِ وصهباءَ البساتينِ
من ذوب داليةٍ تسقيكَ مهجتُها * وجئتكِ اليومَ ظمآناً لترويني
مرجَ ابنِ عامرَ قد أهداكِ معركةً * تاريخها علمٌ في سهلِ زرعينِ
عن قصةٍ سلفت في بيعِ عامِرنا* ظلّت تُغنّى وتُروى في المياجينِ
فأرجعيني الى عهدٍ رويتُ بهِ * في بنتِ صعبٍ أهازيج الحساسينِ
يا ليتني طائرٌ في مرجها غرِدٌ * وليتَ ساقية في المرج تسقيني

***

إنّ الأصالةَ فيما أنتَ فاعلُهُ * يا أحمدَ الفوزِ يا صنوَ ابن زيدونِ
هذي شُّموعُكَ ضاءتْ شمسُها قمراً * ودفتراً عن أُباةٍ من أبيين
مضى المُغنّي وأشعارٌ لهُ بقيتْ * فالروحُ باقيةٌ أبقى من الطينِ
الأصلُ يعرفُ أن الفرعَ يتبعهُ * والفرعُ يرضعُ من شعرِ الأصيلينِ
إني لأَسمعُ بعضَ الشعرِ مبتذلاً * لكنَّ شعرَكَ من ذاتي يُداويني
وشعرُكَ اليومَ يدعوني لمكرُمةٍ * لبّيتُها وطيورُ الشوقِ تدعوني
جادَ الزمانُ بكمْ يا خيرَ من كتبوا* من الجوانحِ للحجر الفلسطيني
أرقُ البلابلِ،مسروقُ السماءِ وما* قالتْ قوافيكَ من أحلامِ لجّونِ
ما بالنا قد نسينا شعرنا وغدا * قولاً ركيكا هزيلاً غيرَ موزونِ
نُقّادنا خارجَ التاريخِ نقدُهمُ * هذا كلامٌ يُزيّنُ في الدواوينِ
فاكتبْ قصيدَكَ صوفيّاً نلوذُ بهِ** وغازِلِ الروحَ دونَ الخُرّدِ العينِ
أنتَ الغزاليُّ قد دانتْ لهُ قطُبٌ * فاسكبْ لفلسفةٍ في الحبِّ واسقيني
وانهض بروحِكَ في شعبٍ أقمتَ لهُ * جسرَ الحضارةِ من فكر ابن خلدونِ
العودُ أنتَ ودمعُ العودِ تذرفهُ * هذي القوافي فكم في الحب تُشجيني
الخمرُ تدعو ملاكَ الشعرِ مكتدحاً* حتى إذا جاءني في الدنِّ يلقيني

***

يا سالمَ الفجرِ هُبّي أنتِ عاليةٌ * بالعلم والأخذِ بالأسبابِ والدينِ
وانشر جناحَكَ واصدحْ في بني بكر*واهتف فإنكَ لحنٌ من فلسطيني
واهنأْ بشعركَ عند الحورِ متكئاً* على الأرائكِ في أرقى البساتينِ
وشعبُنا عربيٌّ ثائرٌ أبداً * وديننا علّمَ الإنسانَ من طينِ
وعِلمُنا علّمَ الدنيا بأنَدلُسٍ * وواصلَ الفتحَ حتى الهندِ والصينِ
نحنُ الجذورُ لدوحِ الضادِ عطّرهُ* شوقٌ لماضي جدودٍ جدُّ مكنونِ
فانشر جناحكَ نسراً في الفضا مُدُناً* وانثر كلامك جمراً للدهاقينِ
ناري ونارُكَ في الأعلامِ شامخةٌ* قد يطفئُ الشمسَ لكن ليس يُطفيني
إني لأفخرُ حينَ الجمعُ يقرؤكم* في منتدى النقدِ والنقادُ يأتوني
لا ينتمي المجدُ إلاّ حيثُ أكتُبُهُ* شعراً، يُسطَّرُ من سيفٍ يناديني
كم ذا أعاتبُ نفسي إذْ غدتْ قمراً* يضيءُ فوقَ عيونٍ ليسَ تسبيني
حيّيتُ سالم مشتاقاً فحيّيني * من بنتِ صعبٍ الى أمَّ الرياحينِ
هذي تحيةُ حبٍ لا مِراءَ بها * من عاشق الضادِ للغُرِّ الميامينِ

Exit mobile version