كلمة حرة

حسنُ البشارة – في ذكرى رحيل المربي حسن بشارة

من الشاعر د. سامي ادريس- الطيبة:  وفاءً لذكرى أستاذي الراحل مربي الأجيال الوطني حسن بشارة الذي تصادف ذكرى رحيله الحادية عشرة في 18 ديسمبر الجاري والذي سيبقى خالداً في ذاكرة شعبه وفي وعي جيلٍ صاعد مرَّ على هذا الجبل العملاق ، فنفخَ فيهم من روحهِ وتجربته الكفاحية روح الأنفة والانتماء. اولئك أبناء صفي الأسطورة التي لم تشهد جبال الطيبة مثلها.

2

غرسَ أبو جهاد حُبَّ الشعر العربيِّ ولغة الضاد في أرواحنا، فكأنني الآن أسمع صوته المميز عاشق إباءَ المتنبي يأتينا مجلجلاً:

“عشْ عزيزاً أو مُتْ وأنتَ كريمٌ
بين طعن القنا وخفق البنودِ
لا بقومي شَرُفتُ بل شَرُفوا بي
وبنفسي فخرتُ لا بجدودي”
(المتنبي)

وقفَ الزمانُ وخِلتُني أغفو فتَنْزِفُني الحضارةْ
طُفِئَتْ مباسِمُ ثَغْرِها، والشِّعرُ ودَّعها وغارا
العينُ تذرفُ ما تَبقّى من عَثارِ رحيقِها
والموتُ فجْعَةُ سيفِهِ غدّارةْ

حسنُ البِشارةْ
زيتونةٌ في الطيرةِ الشّماءِ تزدانُ اخضرارا
جاءت الى بلدي لتُذكيها شرارا
الأوّلونَ أبو فؤآدٍ ثورةٌ كم أنجبتْ ثُوّارا
والحاملون أبو جهادٍ، رايةً هدّارةْ
ما ماتَ من زرعَ العقولَ سنابلاً
في كل سُنْبُلةٍ تدبّ وروحُها ثوّراةْ

حسنُ البِشارةْ
نَسْرٌ يُحلّقُ في جسارة
عَلَمُ البلاغةِ، والأصالةِ ، والحضارةْ
مدَّ اليدين، فكم بقيتَ مسافراً
حرّاً تناضلُ في جدارة
ورفضتَ كلَّ مناصب الدنيا،
وعِشتَ مكافِحاً
تأبى الخنوعَ مُعلّماً جبّارا

حسنُ البِشارةْ
زيتونةٌ في الطيرةِ الشّماءِ تبكي في مرارةْ
في يومِ أرضٍ ماجدٍ
تهمي دموعُكَ في غزارةْ
في ذكرياتٍ، شعبُكَ المعطاءُ سطّرَها وسارا
في قلبِ موّالٍ أَبيِّ الفقرِ، جبّارِ الكرامةْ
عن هامةٍ شمّاءَ تعلوها شرارةْ

حسَنُ البِشارةْ
شَعْبٌ حباكَ بِحُبّهِ وكفاحِهِ
ورأيتَ في دَمِهِ بريقَ صباحِهِ
كمْ قُلتَ إنَّ الفجرَ يَبزُغُ في الدُّجى
ويلوحُ فوقَ ظلامِهِ بجناحِهِ
لكنْ تمَنّتْكَ المنونُ خطيبَها
فوقفتَ في نادي المنونِ خطيبا

وسألتَ عن مُتَنَبّي الشرقِ حينَ بَلَغْتَهُ
وأبي العلاءِ ، وبُحتُرِّيٍّ زُرْتَهُ
عن عُروةِ بن الوردِ سيفِ الشنفرى
والموتُ يضحَكُ والزَّمانُ مُسافِرٌ
والشّوْقُ أخضَرُ ، والعيونُ سَلَبْنَهُ
فسألتَ عن قيسٍ ، وكنتَ تُحبُّهُ
عن كليوباترا والزمانُ أسيرُها
عن شوقِ شوقي حين صارَ مَسارا

قُمْ للكفاحِ أبا جهادَ، فلمْ تمتْ،
الشمسُ عادتْ والسّما نوّارةْ
والجيلُ بعدَ الجيلِ باتَ مُردِدَاً
آمنتُ بالضّادِ الّتي وهبتْ لنا
هذا المعَلِّمَ عالماً ومدارا

‫4 تعليقات

  1. رحمة اللة عليك يا أستاذي الفاضل ومربي الأجيال ، كنت من خيرة معلمي المنطقة ، حالفني حظي حين تعلمت على يديك في سنواتك الاخيرة في سلك التعليم فالرغبة لديك لنقل علمك ومعرفتك لطلابك حتى بعد ٤٠ عاما لم تعرف أبدا الكلل ولا الملل . كانت دروسك عبارة عن منبر لإبداء الراي والنقاش الثقافي والوطني ، هذا حال الدنيا خسرنا برحيلك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *