ادم وحواء

هل تؤيد أخذ إجازة غير محدودة من العمل؟

يعتبر العمل من الأمور الهامة التي على الإنسان القيام بها، وذلك للعديد من الأسباب والأهداف، لعل أهمها كسب المال من اجل العيش الكريم، وتطوير الذات، القضاء على الملل، توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية، حب العمل التطوعي في حال كان العمل خيرياً، المساهمة في تقدم المجتمع بشكلٍ عام، استغلال قدرات كامنة أو مواهب معينة لدى الفرد، لكن في المقابل ولكي يتمكن الفرد من انجاز هذه الأمور أو واحدة منها على الأقل لا بد أن يقبل على العمل بكل نشاط وحيوية، وهذا بالتالي يتطلب عمل تجديد لطاقة الجسم، وتغيير للمحفزات النفسية داخل جو العمل، ولعل ابرز الحلول للوصول إلى هاتين النقطتين يكون من خلال اخذ قسط من الراحة من أجواء العمل والذي يتمثل في اخذ إجازة.

 20151207111754

في الحقيقة لا يوجد أي نظام عمل في العالم يحرم العاملين من الإجازة، فهناك الإجازات السنوية والإجازات الطارئة كما الإجازات المرضية، وللنساء يوجد إجازات الأمومة، ومدد هذه الإجازات تختلف من قطاع إلى آخر، كما من دولة إلى أخرى، لكن في النهاية الهدف من هذه الإجازات هو اخذ قسط من الراحة من العمل، للعودة بروح وطاقة متجددة، وإقبال على العمل بكل نشاط.

 أما عن ماهية تلك الإجازات فغالباً ما تكون مقيدة من حيث الزمان والمدة، فنرى في كثير من أنظمة العمل أنه لا يمكنك أن تأخذ إجازة إلا في أوقات معينة من السنة، وبمدة محددة، ويحكم ذلك ظروف العمل، وإدارة المكان الذي تعمل فيه، ففي حال كان احدهم يرغب في إجازة صيفية للذهاب في رحلة معينة مع العائلة قد ترفض الإدارة السماح له بذلك في ذلك الوقت نظراً لازدحام العمل وكثرة المراجعين مثلاً في فترة الصيف، ومن هنا تصبح الإجازة كأنما هي عبء على الموظف أو العامل وقيد من قبل الإدارة وليست متنفساً له يأخذه في الوقت الذي يريد.

 وفيما يتعلق بالوقت المحدد، فهناك العديد من الوظائف تحدد عدد أيام مقيد فقط للإجازة، كأسبوعين أو شهر خلال العام كاملاً وهي تختلف كما سبق وذكرنا بحسب طبيعة العمل، ومن دولة إلى أخرى، لكنها في النهاية محدودة بعدد معين من الأيام، وهذا ما يسبب القلق للعديد من العاملين والموظفين؛ حيث يمضي الإجازة يعد أيامها من أول إلى آخر يوم، وهو يزيد من نسبة التوتر في الإجازة بدلاً من بث الراحة.

 وبسبب جميع ما سبق وجد في العالم فكرة الإجازة اللامحدودة، والتي يمكن أن تمنح العامل إجازة غير مقيدة، يذهب فيها لقضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء إلى اجل يحدده الموظف نفسه، ثم يعود إلى العمل بطاقة وسعة صدر دون تململ أو ضجر، ولعل موظفو شركة Netflix، من النماذج التي قامت بتبني هذه السياسة؛ حيث قاموا منذ عام 2004، بأخذ العديد من أيام الأجازات بالكيفية التي كانوا يريدونها، ولدي موظفي Netflix الحرية؛ ليقرروا متى يبدؤون العمل، ومتى يأخذون الأجازة، وكم من الوقت سوف يستغرقونه لإنجاز العمل، وهذا كان له الدور الكبير في ازدهار الشركة؛ حيث نما الحد الأقصى لها في السوق إلى أكثر من 51 مليار دولار.

 في المقابل، لا يعني وجود سياسة من المرونة التي تنتهجها Netflix أنها تفتقر إلى المساءلة، يبقى على العاملين أن يحافظوا على مديريهم في الحلقة، ويتوقع منهم أن يكون أداؤهم على مستوى عال جدًا، الأداء العالي متأصل في ثقافة Netflix.

 وبحسب موقع “ساسة بوست”، كانت شركة سيمكو البرازيلية تنتهج بهدوء سياسة العطلة غير المحدودة لأكثر من ثلاثين عامًا، قبل شركة Netflix، وذلك بعد مخاوف صحية عندما كان عمره 21 عامًا فقط، أدرك ريكاردو سيملر، ابن مؤسس الشركة، أن الجدول الزمني الذي كان يحافظ عليه كان يقتله ببطء، وإذا تمكن من قتله، فيمكن أن يقتل موظفيه أيضًا. لذلك، اتخذ القرار الجذري للتخلص من الجداول الزمنية، والإجازات المرضية، والإجازات.

 وعلى عكس مشاعر القلق السائدة بشأن انخفاض الإنتاجية، وجد زملر أن الموظفين أصبحوا في الواقع أكثر إنتاجية وأشد ولاء، عندما وضع زملر هذه السياسة في عام 1981، كانت القيمة التجارية لشركة سيمكو فقط توازي 4 مليون دولار، الآن، تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار.

 ولعل التطور التكنولوجي الذي نعيشه يساهم وبشكلٍ كبير في تعميق هذا النهج؛ حيث يعمل الناس عندما تكون هناك حاجة ماسة لإنجاز العمل، أينما كانوا، بالتالي فتشجيع نهج الإجازة اللامحدودة وغير المقيدة من شانه أن يساهم في رفع كفاءة العمل؛ لأن العمال والموظفين ينفتحون بشكل اكبر على العمل عندما يتخلصون من الضغوط التي تحيط بهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *