أخبار ثقافية

اللوحة التي خدعت خبراء نسبوها الى دافنشي

لم يشك احد قط في عبقرية ليوناردو دافنشي الذي شهرته اليوم اعظم منها في اي وقت مضى. ويرى نقاد ان هذا يكفي عذرا للخبراء المفتونين باسم دافنشي وشهرته وسحره حتى انهم اعلنوا ان عملا مزيفا بشكل واضح هو لوحة رسمها دافنشي في الحقيقة.

large-الأميرة-الحسناء-تثير-الجدل-حول-حقيقة-نسبها-لدافنشي-7b9c5

والمقصود بذلك لوحة “الأميرة الحسناء” وهي بورتريه جانبي لشابة بملابس القرن الخامس عشر ، وشعر منساب على الجانبين مع عقصة في الخلف. بشرتها وردية ونظرتها باردة أو نظرة امرأة تشعر بالممل.

ولكن مارتن كيمب وهو من أشهر الخبراء المختصين بأعمال دافنشي واستاذ فخري بالتاريخ في جامعة اوكسفورد ، اعرب عن اعجابه باللوحة قائلا انها رائعة أُعيد اكتشافها وذلك في كتابه الصادر عام 2010.

وهكذا نُسب بورتريه “الأميرة الحسناء” الى الفنان الذي رسم الموناليزا ولكن الأميرة قد لا تكون على ذلك القدر من الحسن وقد تكون في الحقيقة امرأة شعبية. ويزعم مزيف الأعمال الفنية المحكوم عليه بالسجن شون غرينهالغ انه مزور اللوحة وان التي جلست امامه لرسمها فتاة كان يعرفها في مدينة بولتن شمال غرب انكلترا عام 1975.

ويقول جونثان جونز الناقد الفني لصحيفة الغارديان ان غرينهالغ الذي سُجن عام 2007 لتزويره اعمالا فنية أخرى قد يكون هو من رسم بورتريه “الأميرة الحسناء” أو لم يرسمها لكنه واثق ثقة مطلقة من ان العمل لا يمت بصلة الى ليوناردو دافنشي.

ويبين هذا كيف ان واحدا من اشهر الفنانين وأعظمهم اصبح مركز صناعة كاملة حيث كل ما يمكن ان يرتبط به مهما كان الارتباط واهيا يُضخم بدرجات جنونية من المبالغة أو التفكير الرغائبي.

كما ان قضية هذه اللوحة تحذير من خطر الاستعاضة عن العين البشرية العارفة بالتحليل العلمي لأن الادعاء القائل ان “الأميرة الحسناء” عمل حقيقي من اعمال دافنشي يستند الى فحص الورق الذي رسمت عليه اللوحة ومواد يبدو ان تاريخها يعود الى ما قبل 250 سنة على الأقل ، أي 250 سنة قبل المزور غرينهالغ ولكن بعد 250 سنة على زمن دافنشي ايضا.

ولعل “الأميرة الحسناء” رسمت ونُسبت زورا الى دافنشي في حوالي عام 1650. وكان دافنشي مشهورا وقتذاك والطلب على اعماله هائلا. وفي تلك الحقبة تحديدا ابتاعت العائلة المالكة البريطانية أعظم رسومه. كما ان الطرق المعتمدة للتحقق من اصالة العمل ومن انه ليس مزيفا كانت قليلة حينذاك.

فان لوحة ميدوسا الموجودة في متحف اوفيزي رُسمت في القرن السابع عشر لكنها نُسبت خطأ الى دافنشي حتى الأزمنة الحديثة.

وابدى نقاد استغرابهم من ارتكاب خبراء خطأ اعلان لوحة “الأميرة الحسناء” من اعمال دافنشي. ويلاحظ الناقد جونز ان هناك جمودا في عينها وبرودا في طريقة جلوسها ورسمها على النقيض من طاقة دافنشي أو حيويته.

وهي تبدو بائسة حتى انها قد تكون فعلا عاملة جلست امام المزور خلال فترة الاستراحة في مدينة بولتن الانكليزية إبان السبعينات. وما يكشف التزوير حقا الغياب الكامل للديناميكية العاطفية بين هذه الشابة وليوناردو دافنشي.

فهي لا تفعل سوى الجلوس هناك وكأنها تأخذ صورة هوية أو جواز سفر بلا اي تفاعل وأي احساس بالشخصية. وهذه هي الصفات التي تجعل بورتريهات دافنشي مثيرة ومتبصرة.

كان دافنشي يحب النساء وعمل جاهدا على اعطائهن البورتريهات التي يستحقنها. ولوحة “الأميرة الحسناء” تزوير بلا حياة ، وليس فيه شيء من رؤية دافنشي أو حساسيته المرهفة. ومن الجائز ان يكون الفنان المزور رسمها على صورة فوتوغرافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *