هل اختلاف الرأي فعلا لا يفسد للود قضية ؟، الشيخ رأفت عويضه

الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، مقولة نسمعها ونحفظها جميعا ونرددها ونوصي بها بعضنا بعضا ، وعلى الرغم من ذلك لا نكاد نجد اثنين اختلفا في الآراء ووجهات النظر – تحديدا – إلا وأفسد الخلاف بينهما ودا إن لم يكن الود كله ، حتى يفترقا ويتخاصما ويتربص الواحد منهم بالآخر.


فما إن يبدي أحدنا رأيا أو وجهة نظر أو انطباعا في موضوع ما ، أو تلوح في أفق النقاش ثمة خلافا أو اختلافا ، إلا ويظهر التوتر والقلق في الردود والانفعالات المتبادلة وفي الحروف والكلمات ، ويتبين أن غالبية من يدعون أنهم لا يضيقون بالنقد هم غير صادقين وغير معبرين عن الحقيقة المؤلمة .

والغريب أن أكثر المختلفين يؤمنون بأن الاختلاف سنة كونية، قال الله تعالى: “وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ .إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ … “(هود).

ويؤمنون أيضا بأن الاختلاف مفيد ، وأنه لابد منه في أي نقاش يجري لما في ذلك من فوائد كثيرة وكبيرة.

لكن المؤسف انه في ثقافتنا فقط يتحول اختلاف الرأي إلى قطيعة وتسفيه وتجريم وطعن لصاحب الرأي المخالف.. لماذا نعتقد انه لا مكان إلا للصوت الواحد والوحيد؟لماذا يريد بعضنا احتكار الحقيقة لنفسه؟ لماذا نتربى على فكرة الانتصار والغلبة والإفحام وليس على فكرة التعددية ومحاولة التفهم ؟لماذا يتهم من خالف عائلته أو جماعته بالخيانة وتتم مقاطعته ؟ولماذا يتهم من اختار موقفا سياسيا جريئا بفقدان الانتماء والعمالة؟ولماذا يتهم من غرد خارج السرب بالخروج؟ولماذا يفسق ويكفر من قال برأي فقهي مخالف لما يعتقده البعض ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على الخلق؟لماذا ولماذا عشرات الأسئلة التي تثور وتطرح،والتي تعكس حالة ضيق الأفق والاستبداد الذي نعيشه ، الاستبداد النابع منقلة العلم والإعجاب بالرأي وإتباع أهواء النفوس التي يمارسه المتعصبون المستبدون بآرائهم منا .

فهل الخلاف في الرأي عندنا  فعلا لا يفسد للود قضية ؟وهل سيتعلم أهل بلدي وهم على أعتاب منافسة انتخابية بلدية حاسمة طال انتظارها من تجاربهم السابقة ؟ وهل سيسمحون لاختلاف أرائهم على مرشحيهم  أن يؤدي الى تنازعهم وتدابرهم وتفرقهم وذهاب ريحهم؟أم أنهم سيغلبون روح الوحدة والإخوة والمصلحة العامة والعيش المشترك- قبل وبعد الانتخابات-؟وهل ستتسع صدورهم لبعضهم بعضا؟هذا ما نرجوه ونؤمله وهذا ما ستكشفه الأشهر القليلة القادمة .

Exit mobile version