محمد جواد ظريف وزير خارجية إيران، من “عصابة نيويورك” إلى “السيد سفير السلام”

“سفير السلام” هو اللقب الذي صار يطلق على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعد الاتفاق المبرم بين بلاده و”مجموعة الست” حول برنامجها النووي.Iran-Zarif new_0

وتمكن محمد جواد ظريف الذي وصل للحكومة في 15 آب-أغسطس الماضي، من تعزيز صورته الشعبية التي يتمتع بها بين مواطنيه، ليحرز فوزا ساحقا على المحافظين الذين اتهموه بالموالاة لأمريكا ضمن “عصابة نيويورك”.
إيران والدول الست الكبرى تتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي

محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني المكلف بالمفاوضات حول الملف النووي، شخصية من صلب النظام الإسلامي. وهو من أكبر دعاة الدبلوماسية العلنية المتباينة والمعادية لدبلوماسية التهديد والعزل الممارسة خلال ثماني سنوات (2013/2005) من قبل الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

ظريف، البالغ من العمر 53 عاما، أمضى أكثر من 22 عاما في الأمم المتحدة، ويتمتع بشعبية كبيرة خصوصا بين الشباب والمثقفين ويتهافت الجميع لشراء كتاب سيرته الذاتية “السيد السفير”. وصار يلقب في بلده منذ إبرام الاتفاق بين إيران والدول الست (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين) بـ “سفير السلام”.

الوزير الوحيد الذي لديه حساب على تويتر ويتابعه 700 ألف معجب على فيس بوك

محمد جواد ظريف شخصية تحكم تقنيات التفاوض مع أطراف متعددة، وقد شارك منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي في كل جولات المفاوضات الدولية التي خاضتها الجمهورية الإسلامية. وهو يحمل شهادة دكتوراه في القانون الدولي من جامعة دينفر، ولاية كولورادو الأمريكية، ويلم بالثقافة الأمريكية.

وفي وقت تخضع فيه أبرز شبكات التواصل الاجتماعي للرقابة في إيران فإن محمد جواد ظريف هو الوزير الوحيد الذي لديه حساب على “تويتر”، وصفحة رسمية على “فيس بوك” جذبت نحو 700 ألف معجب.

زوجته حرمته من مشاهدة التلفزيون خلال عشر سنوات

ظريف، الذي تم تعيينه وزيرا للخارجية في 15 آب/أغسطس الماضي، نشأ في أسرة متدينة من طهران وقال إنه لم يستمع إلى أغان حتى بلغ سن 15. وفي ثمانينات القرن الماضي في الولايات المتحدة حرمته زوجته من مشاهدة التلفزيون “طوال عشر سنوات”.

في سن 16 أرسله أهله إلى كاليفورنيا بعد أن كاد يتعرض للتوقيف بعدما أصبح عضوا في الجمعية الإسلامية الطلابية. والتقى هناك شقيق أكبر هاشمي رفسنجاني الذي كان رئيسا بين عامي 1989 و1997 ومسؤولين آخرين في الجمهورية الإسلامية.

وفي 1980 إثر قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة بعد احتجاز رهائن في السفارة الأمريكية، كلف بإغلاق القنصلية الإيرانية في سان فرانسيسكو.

علاقته بأمريكا

وكان ظريف الذي يتحدث الإنكليزية بطلاقة قد عين لقيادة إيران في المحادثات على خلاف رغبة المتشددين الإيرانيين الذين كانوا يعتبرونها رضوخا للضغوط الغربية.

ومن نواح عدة كان هذا دورا استعد له الدبلوماسي المحترف طوال حياته. ومن بين معارفه في واشنطن نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الدفاع السابق تشاك هاجل ومسؤولون عن الأمن القومي بالحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وقال كريم سجاد بور من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي قبل الاتفاق “قدرة ظريف على التقريب بين عوالم مختلفة فريدة للغاية.” وأضاف “ربما كان الشخص الوحيد في العالم الذي يجتمع بانتظام مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري والزعيم الأعلى الإيراني آية الله خامنئي.”

وكانت تعاملات ظريف السابقة مع المسؤولين الأمريكيين متقلبة. وعندما كان دبلوماسيا صغيرا في أوائل التسعينات شارك في المفاوضات للإفراج عن رهائن أمريكيين يحتجزهم متشددون موالون لإيران في لبنان حسبما ورد في مذكرات مبعوث الأمم المتحدة السابق جياندومينيكو بيكو.

وما إن أفرج عن الرهائن حتى تقاعست الولايات المتحدة عن تقديم لفتة تدل على حسن النية تجاه إيران تاركة ظريف في وضع محفوف بالمخاطر وفقا لمذكرات بيكو. وبعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 والغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان لعب ظريف دورا رئيسيا في تشكيل الحكومة الأفغانية الجديدة وأقنع الأطراف المتحاربة في الدولة الفقيرة المجاورة لإيران بالتفاوض.

وقال جيمس دوبينز الدبلوماسي الأمريكي الرئيسي في مؤتمر بون الذي مهد لمستقبل أفغانستان “حقق ظريف الانفراجة النهائية التي بدونها ما كانت حكومة (حامد) كرزاي لتتشكل أبدا.”
وخلال حكم الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي عين ظريف ممثلا دائما لدى الأمم المتحدة في نيويورك في عام 2002 وشارك في محادثات سرية لإبرام “صفقة موسعة” لتطبيع العلاقات مع واشنطن وفق ما ذكره دبلوماسيون غربيون.
لكن الدبلوماسيين قالوا إن المحادثات انهارت في 2003 بعدما وصف الرئيس الأمريكي في ذلك الحين جورج دبليو بوش إيران بأنها جزء من “محور الشر”. وقال دبلوماسي غربي كبير تعامل عدة مرات مع ظريف “كان دوما يحاول فعل كل ما هو ممكن لتحسين العلاقات بشكل بارع وواضح وصريح.
“إنه شخص يعرف الولايات المتحدة جيدا جدا وبرغم كل الإخفاقات في الماضي لا يزال شخصا يعرفونه في واشنطن.”

صديق الرئيس روحاني ومعارض لأحمدي نجاد

وأصبح محمد جواد ظريف سفيرا من 1989 لغاية 1992 ثم بين 2002 و2007 عندما أقاله الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد من منصبه، لينضم إلى مركز الأبحاث الإستراتيجية الذي كان يقوده الرئيس الحالي حسن روحاني.

وكان يشكل مع روحاني في 1988 الفريق المكلف بالتفاوض للتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع العراق. وشارك أيضا في المفاوضات للإفراج عن الرهائن في لبنان في تسعينات القرن الماضي ونجح في إقناع النظام بمساعدة الولايات المتحدة ضد طالبان والقاعدة في أفغانستان بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001.

وبسبب إقامته في الولايات المتحدة، اتهمه المعسكر المحافظ بأنه عنصر من عناصر”عصابة نيويورك” التي ضمت “دبلوماسيين ليبراليين وموالين لأمريكا”.

Exit mobile version