هل أنت أنثى مثالية مطابقة للمواصفات الخيالية؟

هل أنت أنثى مثالية؟ نحتتها الطبيعة والظروف المحيطة فتشكل جسمها كأروع ما يكون؟ هل كل شيء فيك يرضيك؟
أيا كانت إجابتك على هذه الأسئلة وهي إجابة متوقعة، تعالي نناقش الأمر من بدايته..74082-2-1335200399-jpg_145451

(1)
الذين شاهدوا صور عارضة الأزياء البريطانية “جورجينا ويكيلن” أصيبوا بصدمة ربما يصعب تجاوزها، فالعارضة الشابة (23) التي وصل بها الهزال إلى الحد الذي ظهر في الصور، فضحت الكواليس السرية لعالم صناعة الموضة واستغلال العاملات فيها.

فقد تم إجبار ويكيلين على اتباع أنظمة غذائية قاسية بغر ض الحصول على قوام رشيق للغاية يلائم “مقاييس” عارضة أزياء، لقد كان سماسرة الأزياء يرجئون فرص توظيفها لحين الوصول بوزنها إلى قياس متدن، أثر في نهاية المطاف على أدائها الحيوي وأصبحت عرضة للإغماء من فرط هزالها وضعفها.

وهنا يطرح السؤال نفسه..هل تكوين عارضة الأزياء الجسماني هو تكوين مثالي يجب أن تسعى كل فتاة إليه؟

يقول المهتمون بعلم السياسة والدراسات النفسية التي توازي تطور ظواهره أن نموذج المرأة الرشيقة (ربما على نحو مستفز) هو نتاج الأنظمة الرأسمالية التي رسخت أن المرأة الرشيقة الأقرب للنحول هي المرأة الجميلة..وذلك لأن مقتضيات الصناعة والعمل كانت بحاجة إلى امرأة ليست مثقلة بالدهون..امرأة يمكنها أن تتحرك وتنتج بسهولة دون أن يعوقها وزنها..لذا تم ابتكار أسطورة أن المرأة الجميلة هي المرأة الرشيقة، لأجل تحفيز النساء على أن يكن تلك “الجميلة”..بتعبير آخر أن يكن تلك “العاملة”!

ومع تضخم صناعة منتجات التجميل لحد بلوغ عائدها السنوي لنحو 118 مليار يورو سنويا، ومع صك صورة مثالية يجب أن تسعى الإناث إليها..تطور الامر جدا وأخذ ابعادا أكبر مما ندرك.

(2)
في مايو/أيار الماضي، نظمت الأمهات والآباء وقفة احتجاجية في برلين اعتراضا على افتتاح محل لبيع الدمية الشهيرة “باربي” بالحجم الطبيعي، وكان مثار احتجاج الآباء هو أن باربي تحولت إلى سرطان يدفع البنات إلى النحول والهزال كي يحصلن على قوام باربي الذي لا يبدو إنسانيا في مجمله بمقدار ما يبدو “تمثاليا”.

“باربي” أقنعت أجيال من الفتيات أن قوامها هو القوام المثالي، وأن التحول إليها هو صك الجمال..وهي حقيقة روجتها عولمة الصناعة، غير آخذة في الاعتبار التباين الجسماني والشكلي والوزني بين النساء باختلاف قارات العالم وباختلاف الظروف الطبيعية.

فالمرأة الأفريقية متينة العظام، غير اللاتينية “المدكوكة” أحيانا، غير الأوروبية الشقراء، غير الآسيوية قصيرة القامة..كل واحدة ابنة ظروف طبيعية بعينها وابنة سلالة بعينها تحمل صفات جسدية، تؤثر فيها الطبيعة والمناخ، فكيف يعقل أن يتحولن جميعا إلى صورة واحدة من كائن واحد؟

(3)
في فيلمه الشهير “Simon” يخترع آل باتشينو عبر الكمبيوتر الفتاة “سيمون” وهي عبارة عن تكوين مثالي لأنثى مثالية لا تفرق كثيرا عن باربي في الهيئة والملامح والتكوين..”سيمون” تقوم بتمثيل الأدوار عبر تقنيات الكمبيوتر والمونتاج، حيث يتم الزج بها أمام الممثلين الذين يؤدون أدوارهم أمام الفراغ على وعد من المخرج أن “سيمون” ستكون طرف المشهد الآخر بعد المونتاج…لكنها حاليا لا تحب الظهور أمام أحد!

خديعة سيمون كانت من ابتكار هذا المخرج البائس كي يلفت الأنظار إليه بعدما أهمله الجميع، فاخترع “أنثى مثالية” عبر الكمبيوتر..وزعم أنها موجودة.

مع الإعجاب البالغ من الجميع ب”سيمون” يطالبون المخرج بظهورها..لكنه يتهرب.

إلى أن يتم اتهامه بقتلها..وفي حين يحاول إقناعهم بأنه لم يقتلها لأنها غير موجودة أصلا، يلا يفهمه أحد!

يغمغم المخرج المكلوم البائس: أنا خلقت سميون..أنا أوجدتها!

والدرس المستفاد هنا أن أنثى القوام المثالي، هي استثناء نادر مالم تكن صناعة كمبيوترية خيالية، هذا إذا اتفقنا جميعا على أن هناك مقياس جازم حاسم للجمال وللقوام المثالي عابر للأجناس والقارات.

(4)
قديما كان العرب يحتفون بالمرأة “السمينة”..فهذا التكون يشي بالأصل المترف والبيت الذي تتوفر فيه الأطعمة والراحة والنعيم. حتى كانت توصف المرأة الجميلة في شعر العرب بـ “الربرب” والربرب نوع من البقر!

(5)
لكل تكوين جسماني، صيغة رائعة، تزيد وتنقص وفقا للقياسات الشخصية..كل تكوين له جماله المتفرد، سواء بالزيادة الطفيفة عن الوزن “المثالي” أو بالنقص الطفيف عنه! كل جسم حالة بمفرده، مع الأخذ في الاعتبار عموم الحقائق العلمية عن الجسم الإنساني.

فقط كل ما عليك أن تكتشفي جمالك الذاتي وكيف يمكن أن يتشكل ويظهر، بعيدا عن أساطير القوام المثالي.

(6)
أخيرا: كثيرا ما قالوا: لا توجد امراة قبيحة..هناك فقط امرأة لا تستطيع إظهار جمالها.

Exit mobile version