“حساسية زائدة… لا تعمر بلد ولا تبني ولد” بقلم: فالح حبيب

اتصل بي أحد الأصدقاء من خارج البلدة قاصدا المجيء إلى بيتي، منتظرا في مدخلك يا بلدي، سائلا كيف له أن يعثر على منزلي…

فأرشدته أن يتتبع هذه الخطوات فبيتي قريب وما “بتوه”، طالبا منه أن يسلك شارع صالح برانسي المتقاطع مع دوار “البروفيسور عبد الله حاج يحي” مرورا في شارع “وهيب جبارة”، تجتازه حتى تصل إلى دوار “سليم صابر” من هناك اتجه يمينا سالكا شارع “جواد عويضة” ومن ثم استمر في شارع “عبد اللطيف حبيب”، عندها ستمر إلى جانب حديقة “رفيق الصالح جبارة”… ومكتبة “مصطفى عازم” ومن ثم شارع “عثمان أبو راس” حتى تصل بالقرب من استاد “رفيق حاج يحي”، لا تتوقف بجانب مسرح “علي جبالي”، بل استمر لأن تصل إلى شارع متفرع اسمه “باسم شيخ يوسف” المتقاطع مع شارع “منير طيبي”، هناك ستصل إلى مدرسة “كمال طويل”، القريبة من مدرسة “عبد اللطيف الطيباوي” القريبة من مدرسة “عبد الحميد الناشف”، استمر في شارع “بروفيسور لطفي جابر” مرورا في شارع “زكي ناشف”، لا تتوقف في شارع “عبد الله عازم”…. بل واصل حتى تصل إلى حي “أبو عاطف ياسين” اجتازه داخلا الى شارع “محمود جمعة” القريب من شارع “الشيخ ابراهيم تلاوي” وملعب “سامي بلعوم” ومن ثم استمر في شارع “وليد صادق” المتقاطع مع شارع “الشيخ عثمان حبيب” القريب من مدرسة “الشيخ حسن منصور” وساحة “الشيخ حسين شيخ علي” وووووو حتى تصل بيتي فانا أسكن في حي “الشاعر محمود دسوقي” القريب من حيي “المفتش محمد إدريس” و”الشيخ حسني انصيرت”… القريب من شارعي “أحمد علي (ابو عفيف)” و”عبد اللطيف جبارة (أبو طلعت)” القريب من حي “عبد الحميد أبو عيطه” وحي “ذياب عبيد”،  عندها لابد ان تمر بجانب مدرسة “القاضي يوسف حاج يحي” وحديقة “عبد الرحيم الحاج ابراهيم” حتى تصل إلى مدرسة “عودة منصور” القريبة من دوار “عدنان عمشة” ومكتبة “أحمد سليم مصري” وشارع “د. احمد طيبي” القريب من شارع “عارف عبد الرازق” المحاذي الى شارع “الشاعر عبد الرحيم شيخ يوسف”  القريب من ملعب “محمود عبد القادر (تشومبي)”و و وووووو…

وصل وأخيرا, وصل بعد أن قطع شارع “بانوراما”, وصل دون جهد أو عناء، دون اللجوء الى استخدام مسميات ك-دوار “الكينه” أو دوار “حسني الحمد” والمخفي أعظم… وصل وما أن حطت قدماه  بيتي حتى سأل عن جميع الاسماء التي تحملها الارمات (القارمات) في بلدي، فأجبته قائلا: هذه الاسماء وغيرها ممن خدموا البلد ورفعوا أسمه عاليا خارج أسوار المدينة بغض النظر عن انتماءاتهم “فوق” أو “تحت”، فأسرع قائلا: وما القصد من فوق وتحت… هذه قضية يطول شرحها، تفضل، مع أول رشفة قهوة سأطلعك على ما علمته وأدركته, اذ لم أكن “شاهدا على العصر” في تلك الفترة, ولكن كان البلد بلدين وكل بلد “غول” وجعل من البلد الاخر “بعبعا” والعائلات الصغيرة غذت هذا الانقسام لحاجة في نفس يعقوب… إلى أن توحدا لتبدأ عملية النهوض والاعمار, فبين ليلة وضحاها اصبح البلد جنة عدن…

دق جرس هاتفي، ويا ليته ما “رن”، استيقظت من نومي، فاذا نفس الصديق “المسؤول” الذي أراد زيارتي، يسأل هل حقا قتل المربي يوسف شاهين!؟… عندها تمنيت لو استمريت في حلمي الجميل للابد… يا لحساسيتنا الزائدة وبغضنا لبعضنا بعضا، في القرن الحادي والعشرين وما زالت شوارعنا دون اسماء!!! والسبب؟ لا نحتمل ان يحمل شارع ما او أي مكان عام اسم شخص من طيبتنا… ما دمتم تتباهون في أمجاد بلدي، فلماذا لا نسمي شوارعها بمن صنعوا امجادها!؟… عذرا لمن لم تذكر اسماؤهم من الاحياء والاموات فبلدي كان ولا يزال ولاّد… ولا داعي للحساسية والتقلب في الكرسي، نعم نعم اخاطبك انت, لا تلتفت يمينا ويسارا، الطيبة مليئة بالشوارع وكل شخص يستطيع ان يحفر اسمه على واحدة من اللافتات… “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون”… في اعمار البلد وبناء الولد…

Exit mobile version