الأخبار العاجلةكلمة حرة

الاختيار ما بين الهوية الزرقاء وفلسطين!، بقلم: ناضل حسنين

بعضنا يعتبر نفسه ذا درجة اعلى من الاخوان في الضفة الغربية فيتعامل معهم بكثير من التعالي والتعجرف، فيضربونه بالأسعار حين يتسوق لديهم كنوع من رد الاعتبار للإهانة التي يشعرون بها ويتحملونها بصمت وعلى مضض.

20121122_153118

من ناحية أخرى فإن هذا التعالي الذي يمارسه البعض ازاء اخواننا في الضفة الغربية نابع من محاولة استرداد الاعتبار على حسابهم بعد الاذلال المشابه الذي يتعرض له هؤلاء جراء تعاملهم مع بعض اليهود ممن ينظرون الينا بفوقية تحمل كثيرا من التحقير.

حسبنا الوحيد بين فكي هذه الكماشة من التضارب النفسي على جانبي الخط الاخضر هو ان نقف ونتباكى امام الجميع ونردح: “هذا يكرهنا وذاك يبغضنا”، بحثا عن مبرر لتصرفنا هناك ولما نعاني منه هنا.

سألوني هل ستتخلى عن بطاقة الهوية الزرقاء في حال قامت الدولة الفلسطينية، لتنضم اليها؟ ألا تنادي بقيامها منذ عشرات السنين؟

على ضوء هذا السيل من الافكار، ليست الهوية الزرقاء هي القيمة التي قد تدفعني الى البقاء ضمن هذه الدولة من عدمه. انما هو الجهد العملاق الذي بذلناها كل سنوات حياتنا في بناء اقتصاد هذا المجتمع، شئنا ام ابينا، فأسهمنا في تحسين مستوى المعيشة في هذا البلد ككل. لم يكن هذا خيارا وانما حتمية العيش في ظل هذه الدولة التي اعتمدت على جهد سكانها، ونحن بينهم، في انشاء بنيتها التحتية واقتصادها. هذه مكاسب لا يمكننا الاستغناء عنها لأنها بات حقا اصيلا من حقوقنا وقد خلقناها بعرق جبيننا ولا يهمني ما اسم الدولة إن كان اسرائيل ام سيرلانكا. انا لن اتخلى عن تعب ابي وامي وعن تعب جدي وعمي على مدار عشرات السنين في تعبيد الشوارع وفي بناء المساكن وفي مد خطوط المياه والكهرباء والاتصالات لأرحل من هنا الى بلد جديد كي أبدأ كل شيء من الصفر.

لن اترك كل اتعابي وثمارها لمهاجر جديد استقدموه من روسيا ليستمتع هو بأريحية المستعمر بكل ما صنعته يداي طوال حياتي دون ان يكون له أي اسهام في بناء مستوى المعيشة هنا.

انا اسكن بيتي القائم على ارضي، جئت من رحم امي على هذه الدنيا فوجدت هذه البلاد تحيط بي، لهذا لن اتزحزح من موقعي مهما ارغى وازبد ليبرمان.

ومع ذلك، ورغم كل ما ورد اعلاه، إذا كان لا بد لي من التفكير بالانتقال الى الدولة الفلسطينية، فعلى الرحب والسعة ولينقلوا حدود دولتهم الى الغرب من ارضي التي كنت املكها قبل مجيئهم وليدفعوا لي كامل اتعابي على مدار السنين. عندها وفقط عندها سأشكرهم لأنهم حرروني، وسأبدأ بكل سرور بناء الدولة الفتية فلسطين، فأنا على الاقل املك الخبرة كالباقين في هذا.

دعوني القي هنا كلمة “لكن” ضخمة، نظرا لتطور الظروف على الارض الى هذا التعقيد، فأنني لا ارى إمكانية وجود دولتين بين النهر والبحر. التشابك والتشبث بالمواقف ستبقى ترافقنا الى الابد مهما حاولنا فك العقد، ولذا فإن حل الدولتين لشعبين يسقط بفعل الواقع الذي يلفظه باستمرار وخير حل يبقى، حسب رأيي، هو حل الدولة ثنائية القومية التي تضمن حق عودة كل اللاجئين الفلسطينيين وتعويض من لا يرغب منهم بذلك تماما كحق اليهود بالهجرة الى هنا. اعلان القدس عاصمة موحدة لدولة موحدة يعيش الجميع فيها متساوي الحقوق والواجبات في ظل نظام ديمقراطي حقيقي بكل مواصفاته واهمها ان لكل مواطن صوتا انتخابيا. اما اسم الدولة بالعربية فهو “فلسطين” وبالعبرية فيطلق عليها “يسرائيل” وبالإنجليزية Holy land  (الارض المقدسة).

المعارضة لهذه الرؤية ستأتي من الجانب الاسرائيلي لأنهم يخشون الذوبان الديمغرافي في دولة ثنائية القومية، إذ ان نسبة الانجاب الاعلى هنا في صالح الفلسطينيين.

من هنا فإن اقتراح تبادل الاراضي المأهولة هو استهتار فظ بالعقل العربي، ويجب رفضه من اساسه. لأنه محاولة للتحايل على المحتاج الفلسطيني لدولة بكل ثمن. وهذا الاقتراح يذكرني باللص الذي يخطف مني هاتفي ثم يعود بعد ذلك يطلب مني ان ادفع له مقابل ان يعيد لي هاتفي الذي سرقه منذ قليل. هذا بالضبط ما تريده اسرائيل. فقد خطفت منطقة المثلث (احتلال) في حرب عام 48 وتريد الآن من الفلسطينيين التنازل عن مساحات شاسعة استولت عليها المستوطنات مقابل الحصول على منطقة المثلث. أي اعطونا المستوطنات ونعطيكم منطقة المثلث وكلها اراض فلسطينية نهبت في اوقات مختلفة.

هذا ما كتبته على فنجان قهوة هذا الصباح… اسعد الله اوقاتكم جميعا!

‫2 تعليقات

  1. احييك اخي ناضل
    الموضوع شائب جدا ،لا يقل من صعوبة علامات الساعه .
    انا معك بكل ما كتبته ولكن سكان المثلث وعرب الداخل عامة يتشبثون بهذه الدوله فقط بسبب الدخل الاقتصادي والدكتاتويه التي بالدول العربيه . يعني تصرف عرب 48 وهم متعددي الاسماء بسبب وضعهم الغير مفهوم،يذكرني بقول جدتي رحمها الله “ترتح بمتعوسك لا يجيك اتعس منه “نحن اصحاب حق ولكن بالاسم .
    من كان يدرك انه صاحب حق لا يضيع حقه 60 سنه ويبيع وطنه لكي يشتري سياره يشخص فيها امام الناس.
    باختصار كوكتيل ….اتركه للجيل القادم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *