كلمة حرة

عشرة ملاحظات على هامش مظاهرات الأول من آب

أولا: لا أحد يجرؤ من اليوم فصاعداً ان يدعي ان الحراك الشبابي غير قائم. وان هذا الحراك الذي استطاع تجنيد قرابة الفي متظاهر لهو كفيل بأن يسقط مخططات السلطة، شباب بهذا العنفوان الوطني وهذه الهامات المرفوعة والإيمان المطلق بقضيته .

ولم يبقى إلا ان تقوم كل الهيئات التمثيلية في الداخل الفلسطيني الاعتراف بهذا الحراك الصادق والأمين بلا خجل وبلا تردد، وان بعض القيادات التقليديه التي تتنكر لوجود هذا الحراك لا يمكنها الاستمرار بهذا التنكر وما عليها إلا ان تبارك وتشد على ايادي هؤلاء الشباب وتدعمهم على الاقل معنوياً.

ثانياً: اعتقد أن مظاهرة الأول آب أصبحت مفصليه في تاريخ عرب الداخل بشكل عام وبتاريخ النقب بشكل خاص واستطاعت فرز الشارع، من سيكون مع قضايا الناس الوطنيه واليومية ومتابعتها ومن سيكمل التعامل مع القضايا بالأساليب التقليدية التي لا تجدي. وان اسلوب الاستجداء لم يعد يخدمنا كشعب .كان واضحا ان هناك قوى سياسة في النقب قاطعت النشاط بشكل واضح وصريح ورأت في هذا الحراك تهديداً لسياستها وبرنامجها لذا لم تشارك كوادر هذه القوى في الاحتجاجات واكتفت بمشاركه خجولة لبعض القيادات فقط، علما أننا نعلم جيدا قدرتهم على التجنيد لو رغبوا بذلك وهذا موقف سيء بحد ذاته.

فنحن نتحدث عن قضيه وطنيه بامتياز وعلى الجميع المشاركة فيها، التصدي للمخطط كان قرار الهيئات الرسميه في الداخل الفلسطيني مثل لجنة المتابعه ولجنة التوجيه لعرب النقب المنبثقة عنها، والأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والعمل المدني وغيرها، هذه مرحلة خطيرة لنا كشعب وكمواطنين نطالب بحق شرعي وهو العيش الكريم في وطننا.

ثالثا: الحضور الطاغي للتظاهرة كان شبابياً ونسائيا بامتياز وهذه ظاهرة مباركة وصحية، السبب واضح، لان هؤلاء الشباب يرون في مخطط برافر تهديدا مباشرا لمستقبلهم وانسداد الأفق أمامهم وغياب حلول بإمكانها ان تقوم بحل قضاياهم المستقبلية، البيت المهدد بالهدم هو بيت الام والأخت والبنت وكذالك الشاب والشيخ. غياب توسيع الخرائط الهيكلية للقرى وغياب الاستثمار في البنى التحتية والاقتصادية وفشل البلدات التي اقيمت وملاحقة الناس على ما تبقى من اراض، تعيق تطورهم وغير ذلك من أسباب أخرجت الشباب من حالة السبات وكذلك المجتمع.

رابعاً: انكسار حاجز الخوف عند الشباب الذين يوجد لديهم الاستعداد لتقديم التضحيات وغياب تام لعقلية الحكم العسكري التي كانت تميز القيادات التقليدية، والتي جزء منها كانت تتساوق مع المخططات السلطويه سواءً بشكل مباشر وغير مباشر وسواء بقصد وبغير قصد، هذه العقلية غابت تماما عن المشهد هذه المرة وربما غيبت خصيصا .

خامسا: باعتقادي، ما جرى في مظاهرة بئر السبع هو مفصل تاريخي ونقلة نوعية غير متهادنة كما كان معتاد، ومن اليوم فصاعدا قطع كل شك، أن الناس بأكثريتها الساحقة تتفاعل مع قضاياها اليوميه الوطنية ولم تعد الهيئات والقيادات التقليديه تقرر كما كان معهوداً حتى اليوم .

سادساً: ربط شبة تام وكامل بين قضية النقب وقضايانا اليومية كشعب وكان للحراك الشبابي الباع الطويل في هذا الموضوع، حيث تفاعل الشباب من اقصى الشمال حتى الجنوب سوية وبهذا ارتبطت الضائقة التي تشهدها سخنين، طمرة، جسر الزرقاء وغيرها بمخطط برافر، فالمخططات الحكومية كانت قائمة في العقود السابقة ضد العرب وما تزال ولكن كان التعاطي معها بشكل مناطقي او محلي، هذه المرة استطاعت الأقلية العربية ان تتحدث بنفس اللغة وتبث على نفس الاتجاه وهذا مؤشر على اننا بدأنا نتصرف كشعب بكل ما تعني الكلمة من معنى فشعار “يوم ألغضب و “مخطط برافر” دخل كل بيت في الداخل الفلسطيني من فسوطة في الشمال الى بير هداج في الجنوب .

سابعاً: تدويل القضية بمساعدة الهيئات الاهلية والعقلية الشبابية المختلفة عن المألوف واستعمال وسائل الاعلام الحديثه التي يجيد الشباب استغلالها ولجان التحقيق الخارجية، استطعنا تدويل القضية وإحراج إسرائيل. بهذه الذهنية المتنورة والعصرية أيضا استطعنا ان نجند فلسطيني الشتات والمحيط العربي الكبير وحتى في أوروبا والعالم، فالتقارير الدولية وإدانة اسرائيل اكبر شاهد على ذلك، في نفس الوقت تخرج تظاهرات في كل المحيط العربي الكبير وهذا بحد ذاته إنجاز، فاحد الظواهر الجانبية لمخطط برافر بلورة وحدة وطنية ووحدة الأقلية العربية على أساس قومي، ولا محال إلا الاستمرار بهذا النهج الكفيل الوحيد بإفشال المخطط على الارض.

ثامناً: الحراك ضد برافر أدخل المؤسسة الإسرائيلية إلى ضغط معين وبدأت تفكر من جديد بان المخطط لن يمر بالسهولة التي كانت تتوقعها ومن الممكن أن تراجع حساباتها من جديد.

تاسعاً: أبدعت الأقلية العربية في خلق نهج جديد وعصري ومتنور، بأن رسخت في عقول الناس وبالذات الشبيبة فكرة اغلاق الشوارع وهو مشروع في كل العالم المتنور والديمقراطيات، وهذا اقل ما يقوم به العرب اتجاه أنفسهم. لذلك اجبر السلطة بان تسلم بشرعيته كما هو متبع في باقي العالم، مع كل العنف الذي تمارسه اتجاه شبابنا وشاباتنا، ووضعت قاعدة ما يحق لليهودي يحق للعربي صاحب هذا الوطن الاصلي مع تعاملهم بازدواجية بكل ما يجري، مادام مشرع اغلاق الشارع على رفع سعر اللبن لليهود يحق للعرب إغلاقه بسبب تهجير ومصادرة.

عاشرا: الحراك الشبابي يجب أن يأخذ دورا اكبر في المؤسسات التمثيلية في الداخل الفلسطيني تماشيا مع الجو العام السائد في المحيط العربي وإعطائهم دور قيادي اكبر من السابق، وعلى القيادات القائمة أن لا تخشى من هذا التغيير القادم لا محال، وإلا سيكون القطار قد فاتنا ويجب ان نستوعب ان هنالك قواعد كثيرة في طريقها للانهيار.

* الكاتب هو عضو المكتب السياسي – التجمع الوطني الديمقراطي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *