أيُّهَا الخرِّيجون! الـمَسَاحيقُ لا تَصنعُ الجَمَال ! بقلم: عبد الرزاق حسن

حدّثت احدى الأمّهات:”حضرتُ لأشهدَ حفلةَ تخرّج مدرسيّة وشاهدتُ ما يندى له الجبين من عُريٍ وسفورٍ وقلّةِ حياء وبالذّات لدى الطالبات الخرّيجات!! مـَحــَّدا حكى ولا علّق على الموضوع ولا استنكر!!لوين وصلنا يا ناس!!!هي هيك المدارس؟!! ضاعت الطاسة”،وأدارت وجهها وانصرفت!.

لي رأي في القضيّة ولتلك الأمّ الغاضبة ولكلّ من يوافق أو لا يوافق تذمّرها أقول: أَمَا وانتهت حفلاتُ التّخرّج في المدارس العربيّة والمؤسّسات التربويّة،ونجح من نجح وسقط من سقط،ووثّقت وسائل الاعلام هذا الحدث العظيم بكلّ دياثة ودقّة،وبصرف النّظر عن مشروعيّة الاحتفال بالتّخرّج وعن حقّ الطّلاب بذلك،فقد بتّ مقتنعا انّ بعض هذه الاحتفالات فقدت روحها ومضمونها وسياقها وامتلأت منكرًا ونفاقًا وصار”مسح الجوخ”هو المحرّك الأساسيّ لرضى النّاس واصحاب المناصب!!.وبرأيي من حقّ الطّلاب ان يفرحوا بتخرّجهم لكن ليس من حقّهم ان ينسلخوا عن الاخلاق الحميدة والآداب الفاضلة!

ومن حقّهم ان يسطّروا يوم تخرّجهم في ذكرياتهم وليس من حقّهم ان ينزلقوا عن جادّة الصّواب والى هاوية الانحراف!! ومن حقّ الذين يعتبرون انفسهم متحرّرين وعلمانيين ان يفرحوا لكن ليس على حساب المختلفين معهم عقائديا واجتماعيا!وللأسف فإنّ حفلات التخرّج في مدارسنا اصبحت ميدانا للاسراف والتّبذير ،وأصبح معيار التّنافس بين الطّالبات أيّهن تلبس الأجمل والأقصر والملفت للنّظر!!وفي اعتقادي فالمسؤولية الأولى والأخيرة لكلّ ما يجري في هذا الاطار تقع على كاهل الهيئة التّدريسيّة ممثّلة بإدارتها وبلجان أولياء الامور ومن لهم ضلع في رسم خطّة الاحتفال من قريب او من بعيد..

وقد يقول قائل :”وأنت مالك!من حقّ العروس ان تفعل ما تشاء ” نعم من حقّها ذلك فكلّ نفس بما كسبت رهينة ولا تزر وازرة وزر أخرى،هي تماما كالّتي تجلس في حافلة باص وتلبس ما تشاء فليس لأحد سلطة عليها،لأنّ الحافلة عموميّة وليست خاصّة!وحتى هذه لها حدود وآداب فهناك الحقّ العامّ الّذي لا يجوز المسّ به ،ولذا فليس من حقّها أن تتجاهل مشاعر الآخرين وتتعمّد عرض مفاتنها امام الحضور وتقحمهم على النّظر اليها!وفي ذات السّياق فمن الغريب العجيب انّ بعض الآباء والأمهات يصطحبون ابناءهم الى حوانيت الملابس ويوافقون على شراء الملابس المثيرة لأبنائهم وبكلّ أسف!.

بعض الآباء والأمهات يتجاهلون وينسون ما يقوم به أبناؤهم خلال سنوات الدّراسة من اهمال وتقصير جهارا نهارا،ويعتبرون المدرسة نزهة وملتقى للحبّ الوهميّ وبناء العلاقات العاطفيّة ويتعمّدون افتعال المشاكل والمشاكسات،وفي حقيقة الأمر انّ الواحد منهم لا يسوى “قشرة بصل صفراء” ككيس القطن حجمه كبير ولا وزن له ! انّه راسب اخلاقيّا وتحصيليّا، أمثال هؤلاء لا يستحقون التخرّج ولو كنت مسؤولا لحرمت المتقاعسين والمهملين والرّاسبين من هذا اليوم !وبالمقابل هناك نخبة طلّابية طيّبة أصيلة ترقى بأخلاقها وتحصيلها وتستحق كلّ تقدير واحترام فشتان ما بين الفريقين!.

ومن المحزن أن تظنّ الفتاة بلبسها القصير المثير وباستخدامها انواع المساحيق تزداد جمالا وحُسنا وترتفع قدرا واحتراما وتكسب رضا الاخرين! لقد هزلت يا أعزّاء وأصبحت الحفلات للتفرّج وليس للتخرّج !! انه تعتيم وليس تعليم ! رحم الله ابا الحسن ورضي عنه يوم قال :

ليسَ الجمالُ باثواب تزيّننا إنَّ الجمالَ جمالُ العلم ِوالأدبِ

وهل سمعتم عن الدَّيُّــوث؟ففي الحديث الشّريف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:”ثلاثةٌ لا يدخلون الجنَّةَ أبدًا الدَّيُّوثُ والرَّجُلةُ من النِّساءِ ومدمنُ الخمرِ قالوا يا رسولَ اللهِ أمَّا مدمنُ الخمرِ فقد عرفناه فما الدَّيوثُ قال:الَّذي لا يُبالي من دخل على أهلِه فقلنا فما الرَّجُلةُ من النِّساءِ قال الَّتي تشبَّهُ بالرِّجالِ.” وفي حديث آخر يرويه الامام أحمد يقول فيه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام:”لا يدخل الجنّة ديّوث،قالوا:ومن الدّيّوث يا رسول الله؟ قال: الذي لا يغار على محارمه”.

أحيانا يعجب المرءُ حين يرى أشباه الرّجال يتهافتون ويشترون لبناتهم ولنسائهم الثّياب التي تكشف أكثر مما تستر،وتشف وتصف مفاتن الجسد وهم فرحون بعيون الذّئاب تطّلع على عورات محارمهم ومن ولّاهم الله أمرهنّ،في تصوّري انّهم اموات في لباس الأحياء.

ورحم الله الكاتب مصطفى أمين الّذي كتب مقالا يقول فيه:

“تخطىء المرأة إذا اعتقدت أن المساحيق التي تضعها بكثرة في وجهها إنّما تزيدها جمالا..إنّها تجعلها جميلة من بعيد،فإذا اقتربنا منها أصبحت تشبه البهلوان.أجمل امرأة في الدّنيا هي المرأة الطبيعيّة،أمقت المرأة المتصنّعة التي تتكلّف في حديثها وتبالغ في زينتها وتتصّور أنّ الدّنيا مسرح وأنّه يجب أن تقوم بدور “البريمادونا” فوق الخشبة وقد تسلّطت عليها الأضواء .

المــــرأة عندما تغسل وجهها تصبح أكثر فتنة منها وقد ملأت وجـــهها بالمساحيق حتـــى تصبح أشــــــبه بقوس قزح.وقد عَرفْتُ صفيّة زغلول أمّ المصريين وكانت قد وصلت إلى السّبعين من عمرها ودُهشْتُ وأنا أتطـــلّع إلى بشــــرتها فوجدتــــها تشــبه بشرة فتـــــاة في الـــــرّابعة عشــــرة من عمرها.وقالت إنّها لم تضـع بودرة أو مساحيق على وجهها طوال حياتها!خطبها سعد زغلول وعمرها سبعة عشر عاما.

وجــــاءت أمّـــها وقـــالت لها انّ العـــريـــس مــسـتشار في مــحكــــمة الاســــتئناف ويشـــترط ألّا تضع العـــروس أيّة مساحيق على وجهها.وخضعت صفيّة زغلول لأمر زوجها ولم تضع طلاء على وجهها حتى يوم زفافها!!
واستمرّت صفيّة زغلول طوال حياتها تنفّذ الأمر بغير مناقشة ولم تحاول مرّة واحدة أن تقنع سعدا بالعدول عن رأيه .وكانت لصــفيّة أختان هما زكيّة وفهيمة..وكانتا تضــعان المســـاحيق فــــوق وجهيهما.وبدت صفيّة أصغر منهما أكثر من عشرين سنة .. مع أنّ الواقع أنّها كانت أصغر من فهيمة بعامين .

ومن العجيب أنّ رأي أطبّاء التّجميل أنّ الطّلاء هو الّذي يُفسدُ بشرة المرأة ويزيد التّجاعيد فيها .. ولكنّ شركات بيع مساحيق التّجميل أعلى صوتا من صوت الأطبّاء!!”.قول ممصطفى أمين
ختاما، رحم الله من قال: “ما كانتِ العذراءُ تُبدي سترَها لوْ كانَ في هَذي الجموعِ رجالُ”

Exit mobile version