هذه طيبتي

مخطط برافر، التحريض وخطاب عسكرة النقب

صادقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع  الوزارية هذا الأسبوع مشروع قانون بيغن- برافر. وقد أجرت هذه اللجنة بعض التعديلات على التوصيات التي أدخلها الوزير بيغن على المخطط الأصلي – مخطط برافر.

3

وشملت هذه التعديلات تقصير مدة تنفيذ المخطط من خمس سنوات إلى ثلاث و إرفاق خارطة تحدد المناطق التي ستعطى للسكان البدو كتعويض جزئي عن الأراضي التي ستصادر. أما التعديل الثالث فيشمل إقامة لجنة وزارية, على ما يبدو, برئاسة وزير الإسكان المستوطن اوري اوريئيل لمتابعة تنفيذ المخطط. هذه التعديلات لا تغير من حقيقة كون المخطط مفروض على عرب النقب وفي نفس الوقت مرفوض من قبلهم كونه سيؤدي إلى نكبة صغيرة تشمل هدم حوالي عشرين قرية غير معترف بها  وتهجير أكثر من 45 ألف مواطن من قراهم. هذا القانون  يرافق بعملية تحريض ممنهجة من وسائل الإعلام الإسرائيلية وقوى سياسية وغيرها.

هناك من يعتقد أن التحريض على عرب النقب هو أنجع الوسائل  لكسب الرأي العام الإسرائيلي وتمرير مخطط برافر- بيغن. لذلك لم نفاجأ من المقالات التحريضية في صحيفة معاريف من أن “البدو يحتلون النقب ويستولون عليه” وأن بيغن “يمنح” البدو هدايا وان البدو قد “ربحوا اليانصيب” وما إلى ذلك من إرهاصات. لكن أن تصل الوقاحة في الإعلام الإسرائيلي المتمثل في معاريف ومن وراءه من مجموعات متطرفة مثل “رغابيم” وحزب “البيت اليهودي” وليبرمان والمستوطنين أن يدعوا بأنه لا أراض كافية في النقب حتى بالكميات القليلة التي يقترحها بيغن في توصياته، من أجل تعويض بدو النقب،  فهذا افتراء. وأكثر من ذلك فالقول بأن هذه “التعويضات” ستعرقل عمل المؤسسة الأمنية وتأتي على حساب مناطق عسكرية مغلقة  تابعة للجيش الإسرائيلي فهذا افتراء دموي على عرب النقب. لقد أصبح الكذب والتضليل ثقافة المؤسسة الإسرائيلية بكل اذرعها. اكذب وكرر الكذب حتى تصدق نفسك على أمل أن يصدقك الآخرون. هذا هو حال المؤسسة الإسرائيلية. كل شيء متاح بهدف تمرير المخطط الجهنمي بالاستيلاء على أراضي عرب النقب.

وإلى بعض الحقائق والتي يجب أن يعرفها كل عربي أو يهودي في البلاد يؤمن بأن عرب النقب هم جزء من المشهد في هذا الوطن الذي لا وطن لهم سواه. لا توجد هناك دولة في العالم تسيطر على هذا الكم الهائل من مساحتها الجغرافية. فدولة إسرائيل ومؤسساتها تسيطر على 93% من مساحتها. هذه الحقيقة تضع إسرائيل في مصاف دول مثل : كوبا، الصين وكوريا الشمالية والتي تعرف نفسها كدول اشتراكية.  حقيقة أخرى هي أن أجهزة الأمن والمؤسسة الأمنية في إسرائيل تسيطر أو ـ تأثر تخطيطيا- على أكثر من 50% من مساحة الدولة. هذا الأمر يبرز في منطقة النقب حيث يعيش هناك أكثر من 200 ألف نسمة من العرب البدو يشكلون ثلث السكان هناك.

في إسرائيل هناك 8,900 كم مربع والتي تعرف كمناطق إطلاق نار. منها 6,650 كم (حوالي 75%) في منطقة النقب. منها  حوالي 4,000 كم في شمال النقب لوحده. كما تشمل البنية التحتية الأمنية في النقب حوالي 1,000 معسكر ومنشئات عسكرية منها أربع مطارات عسكرية هي: حتسيريم، رامون، نفاطيم وعبده. إن عسكرة النقب تشمل مدينة بئر السبع نفسها والتي تتواجد فيها هيئة أركان الجنوب ومن حول المدينة وداخلها هناك عدة معسكرات للجيش.

وحسب خطة متروبيلين بئر السبع فأن الحكومة الإسرائيلية تنوي الاستيلاء على المزيد من أراضي عرب النقب بهدف العسكرة. فهناك مخطط بدأ تنفيذه بإقامة مدينة التدريبات العسكرية في مفترق النقب على أراضي عشيرة العزازمة. كذلك الأمر فهناك مخطط لمحو قرية المكيمن غير المعترف بها وجزء من قرية أخرى هي عويجان من اجل إقامة قرية الاستخبارات العسكرية في مفرق السقاطي. وهناك مخطط لتوسيع مطار نفاطيم العسكري من اجل استيعاب جهاز النقل لسلاح الجو الإسرائيلي وآخر لإقامة مدينة الاتصالات العسكرية والتي ستقام في المنطقة الصناعية التكنولوجية في عومر.

لقد مر على إقرار مخطط برافر في الحكومة سنة ونصف، هذا بعد إصدار 18 مسودة مختلفة قبل إقراره. وقد تم تعديل المخطط مرتين منذ إقراره في الحكومة. والآن جاء التحريض العنصري من جديد من اجل تعديل ثالث يقلل من كمية الأراضي القليلة أصلا التي خصصت لتعويض عرب النقب.

المخطط العنصري، والذي وصفته المؤسستان الدوليتان، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بأنه مخطط عنصري ومميز ضد عرب النقب لن يمر. لن تنجح المؤسسة الإسرائيلية بتمريره لأنه يفتقر إلى البعد الأخلاقي وهدفه تهجير سكان يعيشون في قراهم قبل قيام دولة إسرائيل. هذا المخطط سيتحطم على صخرة القانون والعرف العشائري الذي يمنع من أي عربي نقباوي أن يعيش فوق ارض غيره. لذلك حسنا لو أبطلت حكومة إسرائيل مخطط برافر وبادرت لحوار مع سكان القرى غير المعترف بها حول خطتهم البديلة والتي تتضمن الاعتراف في كل قراهم حسب المعايير التخطيطية الإسرائيلية للاعتراف بقرى جديدة وضمان قانون واحد مساو لمواطني هذه البلاد عربا ويهودا.

بقلم: د. ثابت ابو راس – مدير مشروع عدالة في النقب

تعليق واحد

  1. كلنا فلسطينيون وكلنا عرب ومعركتنا من أجل البقاء والصمود واحدة وتوحدنا جميعا فكلنا في خندق واحد . بارك لله فيك عزيزي د. ثابت والمجد وولنصر لأشقائنا في النقب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *