اختلافاتنا لا يجب ان تخلف للود قضية

بقلم: المربي رفعت جبارة – مع هذا نلاحظ في الاونة الاخيرة ان ظاهرة التعصب اخذه بالانتشار ومن المؤكد ان نمو الاتجاهات التعصبية تفقد المجتمع وحدته واستقراره،

ومن الطبيعي أن يصبح لكل اتجاه تعصبي ضد فئة من المجتمع صدى ورد فعل عند الفئة المستهدفة، يشكل حالة مضادة للدفاع عن الذات وحماية المصالح، فيتحول المجتمع إلى ساحة صراع، وميدان احتراب، بين فئاته المتمايزة.  وكلما اتسعت رقعة الاتجاهات التعصبية، خسر المجتمع المزيد من أبنائه، الذين يتحولون إلى عناصر سلبية وهدّامة، بدل أن يبنوا حياتهم ويخدموا مجتمعهم .

بذلك تنهار وحدة المجتمع، ويتقوض أمنه واستقراره . إن تمسك المجتمع بقيمه وأعرافه وتقاليده غير المسيئة للآخرين، ليس تعصباً سلبياً، بل هو نوع من الأصالة، والحفاظ على الهوية، وممارسة حق التعبير عن الذات.ان يتمسك الإنسان بدينه الذي اختاره بقناعة وإدراك، وأن يلتزم بتعاليمه وأحكامه، فذلك أمر مرغوب ومطلوب، وإذا أُعتبر ذلك تعصباً فهو من النوع الإيجابي، كما يقول علي رضي الله عنه: “فليكن تعصبكم لمكارم الخصال، ومحامد الأفعال، ومحاسن الأمور”.

ويظهر من خلال دراسة حالات التعصب القائمة في مجتمعاتنا، أن البعض من وسائل الاعلام على مختلف انواعها ,المكتوبه المسموعه والمرئيه ، تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية في زرع بذور هذه الاتجاهات التعصبية، وتنميتها في نفوس ابناء المجتمع. إن الإمعان في تشويه صورة المستهدف أمام الأخرين ، ووصفه وتعريفه بطريقة غير موضوعية، ثم التعبئة والتحريض ضده، بإثارة مشاعر الكراهية والعداء، والذي قد يصل إلى تجريده من كل قيمة وحق ووصفه بما هو ليس عليه، كل ذلك يهيئ المتلقي للاستجابة للتوجهات التعصبية، والانخراط فيها، والتفاعل مع ممارساتها العدائية.

ولا بد من تضافر الجهود الواعية، واستنفار القوى المخلصة، لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، التي تهدد مستقبل المبنى الاجتماعي، بما تسببه من انقسام وتمزق داخلي، ومن تقويض للحمه الاجتماعيه، وتهميش للاخرين، وتأجيج الصراعات في المجتمع الواحد. إن مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، قد تزيدها في بعض الأحيان تصلباً وشدة، والمطلوب اعتماد برامج وخطط شاملة لمعالجة جذور الاتجاهات التعصبية، وللحد من قدرتها على التأثير والانتشار. ولعلماء النفس والاجتماع، دراسات وأبحاث قيمة، في مجال معالجات حالات التعصب، ومواجهة الاتجاهات التعصبية.

ومن خلال الدراسات التي اقيمت لبحث هذه الظاهره وطبقاً لما لاحظه الباحثون في علم النفس والاجتماع، حول تشكل الصورة النمطية لشخصية الإنسان. فإن الأطفال في سن الخامسة وما قبلها، لا يستوعبون حالات التمييز فيما بينهم على أساس أي انتماء عرقي أو ديني أو طبقي، بل ينجذبون إلى بعضهم،  ويشتركون في اللعب، دون وجود مشاعر تمييزية. لكنهم في سنّ السادسة وما بعدها يتأثرون بأجواء محيطهم العائلي، في تكوين الانطباعات والمشاعر للفرز بين أقرانهم وأندادهم من الأطفال، على أساس اختلاف الانتماءات. وفي مرحلة الشباب من سنّ الثانية عشرة إلى السادسة عشرة وما بعدها، يكون استعداد الأبناء أكثر للتعاطي مع حالات الفرز والتمييز، واتخاذ المواقف تجاه الآخرين. وتكون حالة الاندفاع والحماس، والعنفوان العاطفي في مرحلة الشباب، أرضية مساعدة للاستجابة للاتجاهات التعصبية. لذلك تهتم مختلف التيارات والتوجهات باستقطاب الشباب، للاستفادة من قوة حماسهم واندفاعهم في خدمة خططها وبرامجها وهنا يأتي دور التربية العائلية، من خلال مؤسسة التربية والتعليم والمناهج التعليمية، في محاربة هذه الظاهره في مرحلة الطفولة وفي أحضان العائلة، ثم عن طريق برامج التعليم، في توجيه مشاعر الأبناء، وترشيد توجهات الشباب، ليستقبلوا الحياة بروح منفتحة، ونفسية طيبة، غير ملوثة بالعقد والأحقاد . واخيرا” اختتم بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم :  لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ.

Exit mobile version