همسة عتاب: مراجل منتهية الصلاحية – بقلم: ام سامي

ما ان ذاع وشاع خبر فصل عبد الجبار عويضة من مهامه كمدير لقسم المعارف في بلدية الطيبة، حتى بدأ عليه قصف مركز بعيد المدى، شارك فيه التجار والاخيار والفجار والاحرار وكل من ليس له قرار، والكل يصيح جاي يا جماعة جاي وشدي حيلك يا بلدنا.

باختصار عبد الجبار عويضة غلطان وبعدما كان مربيا مخضرما جعلوا منه موظفا غير مؤهل لا يملك شهادات، بل ظهر من شكك بأنه جلس على مقاعد الدراسة ذات مرة. ثم استفاق حريص على المصلحة العامة من سباته وراح يسأل: كيف توظف فلان ؟وكيف توظفت فلانة ؟ وبقدرة قادر صار الجميع شجعان، يطلق كل منهم تصريحات من جانبه بأعلى صوته معتقدا ان ما يقوله هي الحقيقة الخالصة سعيا لتضييق المأزق على المتضرر.

اين كنتم يا ابطال الظلام ؟ لماذا لم نسمع صوت أي منكم طوال هذه السنين؟ اذا كانت كل هذه المخالفات والمحسوبيات التي تنسبونها الى الموظف عويضة صحيحة، فلماذا صمتم عليها صمت الخراف ولماذا لم تشتكونه الى وزارة المعارف ؟ ام انه اقوى حتى من وزارة المعارف ايضاً ؟ لماذا لم تشتكونه الى الشرطة اذا كان مغمورا بالفساد كما تصفونه ؟ لماذا صمتم وكنتم تختبئون في جحوركم كل هذه السنين وانتم في ظل لجان معينة لا تعترف بالمحسوبية المحلية ؟ ام انه اقوى من الشرطة ايضاً وسيتخلص من كل ورطة تلقون به فيها ؟

كثر المنتقدون فجأة ونطق الصامتون فجأة وراح كل يعد سكينه لذبح الضحية بعد ان سقطت امامهم بقرار قد يكون صائبا وقد يكون خاطئا، وليس هذا محور الحديث. ما يثير السخط هو هذا العدد الهائل من المنافقين الذين كانوا يدورون حول عبد الجبار على مدار سنين وكأنهم يدورون حول الساقية مغمضي العينين، وفجأة اكتشف كل منهم ان له لسانا وان امامه انسانا مستهدفا يصلح للتحرش والمماحكة ، فأشهر سيفه للتخلص من كافة اشكال النقص الذي يعاني منه منذ سنين. الكل راح يتغنى: “انا قادر لولا هذا المسؤول الظالم” … شماعة يعلق عليها فشله، ويفرح في الحال حين يسقط احدهم من الاعلى.

قد يكون السيد عبد الجبار محقا وقد يكون غير ذلك، فإن ملفه قيد النظر في محكمة العمل اللوائية ولا بد ان تحكم القاضية بما ترتأيه عدلا، ولكن اين سيختبئ كل الذين استلوا سيوفهم فرحا بسقوط المسؤول من على كرسيه في حال عاد الى موقع عمله ؟ ألن يشعر الزملاء الذين قدموا صمتهم رشوة  لرئيسهم الذي “يرتزق” في بلدهم كي لا يمسهم وليكن عويضة قربانا على مذبح التملق ؟ رباه كيف يرضى من اعتاد على احتساء قهوته الصباحية مع زميله ان يتخلى عنه ويستكين للرعب الذي بثه في قلبه شخص عابر على بلدية الطيبة ؟

ولكي لا يظن البعض اني ادافع عن عبد الجبار عويضة، اكرر ان الجانب الاهم من قرار الفصل هو كيفية تصرف كل المنافقين من حول عويضة، اولئك الذين فجأة اصبحوا ابطالا لا يأبهون اطلاق الشائعات والحقائق التي صمتوا عليها طويلا، بل انهم لا يزالون يعانون من ترسبات الخوف فيختبئون وراء أسماء مستعارة ويرددون بأعلى اصواتهم من خلف الستارة بما سمعوا ولم يفهموا !

نبش هذا الملف في اذهان جميع الموظفين آلاف التساؤلات: هل سيواجه نفس المعاملة في حال تعرض لنفس الغبن يوما ما ؟ هل سيتخلى عنه الجميع في لحظة يحتاج فيها للتضامن ولو من باب الزمالة ؟ هل حقا حاله يهم الآخر الذي يستفسر عنه صبح مساء بالسؤال : “كيف الحال”، ام انها ضريبة الرياء ؟

على الجميع ان يتذكر ان قوي اليوم قد يسقط غدا وضعيف اليوم قد يستجيب القدر لآمانيه بين ليلة وضحاها، وتنقلب الموازين وعندها ويل لكل من تباغته اللحظة وهو يجلس في مقعد ليس بمقاسه.

مع تحياتكم اختكم ام سامي

Exit mobile version