مجمع القاسمي للغة العربية – شعر: محمود مرعي

صَرْحَ الْـمَعالي قَدْ عَلَوْتَ صُروحَا ** وَمَلَكْتَ مِنْ لُغَةِ السَّماءِ الرِّيحَا

ماذا يَقولُ الشِّعْرُ وَهْوَ سَنابِلٌ ** سُقِيَتْ بِمائِكَ طاهِرًا وَصريحَا

لَـمْ تَدَّخِرْ جُهْدًا وَلَـمْ تَبْخَلْ بِما ** يَـجْلو الْـحَوالِكَ أَوْ يُطِبُّ جُروحَا

أَعْلَيْتَ شَأْنَ الضَّادِ صُنْتَ غِراسَها ** بَسَقَتْ وَآتَتْ أُكْلَها وَأُتيحَا

كَمْ فيكَ مِنْ عَلَمٍ يُشارُ لِشَخصِهِ ** وَلِعِلْمِهِ وَرُقِيِّهِ تَصْريحَا

كَمْ عالِـمٍ بَلَغَ السُّها شَأْوًا وَعا (م) لِـمَةٍ بِصَحْنِكَ  لا تَكِلُّ طُموحَا

أَصْبَحْنَ واسِطَةَ الْعُقودِ مَكانَةً ** مُتَفَرِّداتٍ طَيِّباتٍ ريحَا

أَحْجَمْنَ عَنْ دُنْيا الْقُعودِ وَراحَةٍ ** وَعَلَوْنَ أَفْلاكَ الشُّموسِ جُموحَا

وَطَرَقْنَ بابَ الشَّمْسِ جِئْنَ بِنورِها ** وَأَزْلَنَ مِنْ عَقْلِ الْـجُمودِ قُروحَا

أَمَـجَرَّةً ضاءَتْ شُموسَ مَجَرَّةٍ ** يَسْمو الْبَيانُ مَتى حَوى تَرْشيحَا([1])

فُقْتَ الْـمَجامِعَ إِذْ جَمَعْتَ خِيارَنا ** تَكْفي الْإِشارَةُ ذا الْـحِجى تَلْميحَا

يا مُدْلِـجينَ يَكادُ يَخْمَدُ ضَوْءُكُمْ ** تَتَنَكَّبونَ عَنْ الفَسيحِ سُفوحَا

قَدْ لاحَ صُبْحُ الْقاسِمِيِّ وَنورُهُ ** فَدَعوا السُّرى، أَمْ تَأْنَفونَ نَصيحَا؟

هٰذي رِياضُ الْقاسِمِيِّ تَظَلَّلَتْ ** بِالْباحِثينَ وَأَغْدَقَتْ تَرْويحَا

وَالطَّاعِمينَ بَلاغَةً وَفَصاحَةً ** تَدَعُ الْعَيِيَّ لَدى الْـخِطابِ فَصيحَا

وَهُنا نَخيلُ الضاد جادَ عُذوقَهُ ** وَقِطافُها لِلْعالِـمينَ أُبيحَا

لَكَأَنَّ قُرْطُبَةَ السَّوالِفِ قَدْ صَحَتْ ** وَاسْتَنْهَضَتْ غِرْناطَةً  تَوْشيحَا

وَمَنائِرَ الشَّرْقِ اسْتَعادَتْ نورَها ** وَسَرى الضِّيا، مِنْ قَبْلُ كانَ شَحيحَا

يا سائِلينَ عَنْ الْـمَجامِعِ وَاللُّغى ** في الْقاسِمِيِّ الْـمَتْنُ يُحْيي الرُّوحَا

فَدَعوا حَواشي النَّصِّ، أَشْرَقَ مَتْنُهُ ** مَنْ حادَ عَنْ مَتْنِ الْعَلاءِ أُزيحَا

وَاطْعَمْ جَنى “الْقاموسِ” وَانْهَلْ عَذْبَهُ ** وَ”الْـمُعْجَمِ الْوافي” الْفَريدِ وُضوحَا

تُـحْرِزْ ثِمارَ الضَّادِ شَهْدًا سائِغًا ** تاجِ اللُّغاتِ غَزارَةً وَشُروحَا

حِكَمٌ تَسيرُ مَعَ الزَّمانِ شَوارِدٌ ** كَنَسيمِ صَيْفٍ إِذْ هَمى لِيُريحَا

في الظِّلِّ أَوْ في الشَّمْسِ يَنْعَفُ بَرْدَهُ ** وَيُحيلُ صَمَّاءَ الْـهَجيرِ مَريحَا([2])

وَالرِّيحُ تُعْقِبُ في الْـهُبوبِ خَرائِبًا ** وَتَؤُزُّ أَبناءَ الْـحَياةِ نُزوحَا

ضِدَّانِ أَصْلُهُما الْـهَواءُ، فَلَيِّنٌ** يُزْجي حَياةَ وَالْعَنيفُ ضَريحَا

كُلُّ النَّقائِضِ بِنْتُ أَصْلٍ واحِدٍ ** وَسَلْ الْقُرونَ السَّالِفاتِ وَنوحَا

قَدْ أَفْصَحَتْ بِالْـخَيْرِ فَوْقَ جُذوعِها ** وَاسْتَعْجَمَتْ آثارُها تَوْضيحَا

فَالدُّرُّ في قَعْرِ الْـمُحيطِ، وَما طَفا ** زَبَدٌ تُغادِرُهُ الْـمِياهُ طَريحَا

ما لي سِوى التَّشْبيهِ لِلْمَعْنى الَّذي ** خَلْفَ الْـمَعاني قَدْ طَغى تَرْجيحَا

إِنْ جازَ عَدُّ التِّبْرِ وَهْوَ مِنْ الثَّرى ** وَرِقًا، بِرَغْمِ الْأَصْلِ، بَلْهَ صَفيحَا

أَوْ جازَ عَدُّ الْأَصْلِ فَرْعًا تابِعًا ** أَوْ جازَ عَدُّ نُعومَةٍ تَبْريحَا

أَوْ جازَ عَدُّ النَّسْرِ بُلْبُلَ رَوْضَةٍ  ** أَوْ جازَ عَدُّ صَفيرِهِ تَسْبيحَا

أَوْ جازَ عَدُّ الْفَحْلِ دونَ فُحولَةٍ ** أَوْ جازَ عَدُّ لِقاحِهِ تَلْقيحَا

سَأُجيزُ أَنَّ الْقاسِمِيَّ كَغَيْرِهِ ** وَأُجيزُ في تَعْديلِهِ تَـجْريحَا

وَأَشُكُّ في ضَبْطِ الْـمُتونِ وَأَدَّعي ** يَـحْتاجُ في تَـحْقيقِهِ تَنْقيحَا

لٰكِنْ هُنا الْياسينُ وَالْفاروقُ وَالْفَهْدُ الْأُلى شادوا الْبَيانَ صُروحَا

فَهُمْ الْأَثافي وَالْقُدورُ بِدونِها ** لا تَسْتَوي وَاسْأَلْ بِذاكَ نَصوحَا

مَنْ يَأْتِهِمْ لِلْجودِ يَأْتِ حَواتِـمًا ** أَوْ يَأْتِهِمْ لِلْعِلْمِ يَأْتِ صَحيحَا

مَنْ شاءَ وِرْدًا فَالْقَراحُ هُنا هَنا ** مَنْ ذا يُـجيزُ عَنْ الْقَراحِ بُروحَا؟

يا مَـجْمَعًا ضَمَّ الْـجَهابِذَ وَارْتَقى ** اَلشِّعْرُ يَعْجَزُ أَنْ يَفيكَ مَديحَا



[1] – ترشيح : ( بلاغة ) ذكر ما يلائم المُشبَّه به في الاستعارة تقويةً لها .

[2] – غُصْنٌ مَرِيحٌ ومَرُوحٌ: أَصابته الريح؛ وكذلك مكان مَريح ومَرُوحٌ، وشجرة مَرُوحة ومَريحة: صَفَقَتْها الريحُ فأَلقت ورقها.

Exit mobile version