قديش علامتك في الامتحان؟

عندما كنتُ في الأسبوع الماضي في إحدى المدارس تفاجأت من طابور كبير أمام غرفة إحدى المعلمات. استفسرت، ظننتهم في البداية يبحثون عن مديرة المدرسة، ولما لم يجدوها توجهوا إلى النائبة.

الاعلامي نادر ابو تامر

ولما استفسرت عن سر هذا الطابور الحاشد تبيّن لي أنَّ الضيوف هم من الأهالي. رجالا ونساءً. وأنهم أتوا لمراجعة معلّمة الرياضيات. علامات العديد من الطلاب لم تكن جيدة. فجاء الأهالي قلقين مهمومين لتزبيط أوضاع أولادهم، خوفًا عليهم من المصير المجهول…. هكذا صارت العلامة التي يحصل عليها الطالب هي الأهم.

وتكلّلت مساعي العديد من الأهالي بالنجاح. وحصل أبناؤهم على علامة المائة المرجوّة والمأمولة. وبعد تصحيح الظلم اللاحق بالأبناء من علامات التسعين والخمسة وتسعين راح الأهالي يلوِّحُون بالشهادات وكأنها راية النصر في ختام معركة حامية الوطيس.. وتساءلت بيني وبين نفسي مَنِ الذي دخل إلى قاعة الامتحان، هل هم الطلاب الذين يلهون في الساحة بدون أن يقلقوا على مصيرهم المشبوه بعد الفشل، أم هم الأهالي الذين يعانون من الهواجس المقلقة بسبب علامات أبنائهم المتدنية…

هكذا صارت العلامة التي يحصل عليها الطالب هي الغاية المبتغاة.

وليس مهمًّا إذا فهم الطالب المادة أم لا. ليس مهمًّا إذا دَرَسَ أَمْ لا. أمَّا إذا جاء أفراد عائلة عمّه إلى أهله فيجب أن يُطلع الأهل الزوّار على النتائج المشرّفة التي حقّقها الولد، حتى لو كانت بعد مائة رجاوة من المعلم.

وإذا كانت العلامة أقل من المتوقع فإنّ البهدلة في انتظار الولد الفاشل. ويسمع الكثير من العبارات التي لا ترحمه أبدًا. ولا ينجو من المقارنات التي تقوم بها أمّه، أو أبوه، أو أخوه الكبير حتّى، بينه وبين أصدقائه الآخرين وبينه وبين أولاد عمه وجيرانه ليشعر عندها أنه صفر مثل الصفر الذي حقّقه في الامتحان.

لماذا لا نحوّل امتحاناتنا إلى وسيلة، إلى أداة لقياس مدى تقدّم الطالب في المادة، وجعلها وسيلة نفهم من خلالها أين يقف هذا الطالب، وفي أية محطة من الاطلاع على المادّة؟ لماذا يجب أن تأتي البهدلة والشرشحة بعد النتائج غير الجيدة؟ ولماذا نقارن بينه وبين أخيه الأكبر أو الأصغر أو ابن الجيران؟ لماذا لا نحاول أن نستفسر مِن الطالب ما الذي استصعبه في المادة؟ وما هي العوائق التي واجهته؟ وكيف سيستطيع في المرة القادمة اجتياز المطبات الحالية؟ لماذا لا نستفيد مما حصل لنجعل الامتحان فرصة لإنعاش معلوماتنا ومعطياتنا وانطباعنا عما يحدث مع أبنائنا؟ ولماذا يجب ان يخاف منّا أكثر مما يخاف من الامتحان ذاته؟ هل يجب أن تكون علامة الامتحان عقبة تليها عقوبة؟

مع تحيات : الاعلامي نادر ابو تامر

Exit mobile version