انا أتهم: الشرطة ثم الشرطة ثم الشرطة

إذا رأى البعض بالعنوان تشابها بما قاله اميل زولا قبل قرن من الآن في مقال كتبه دفاعا عن درايفوس الضابط اليهودي الفرنسي، فإن الحالة رغم تباعدها في الزمان والمكان، ليست سوى نسخة القرن الحادي والعشرين لظلم دولة تجاه فئة من مواطنيها تكشفت عورة سياستها للجميع دون استثناء.

ففي حين يعتبر الأمن في هذه الدولة من اهم عناصر البقاء، يبقى امن المواطن العربي مباحا لا يهم سوى المواطن ذاته. والامثلة على هذا من حولنا ونعيشها خلال يومياتنا لدرجة لم تعد تثير الانطباع لدى أي منا. اصبحت من المشاهد المألوفة التي سئمنا الاحتجاج عليها والتذمر منها.

يكفي ان تتلقى الشرطة معلومة مفادها ان فلان يملك سلاحا وميوله “وطنية”، بمعنى ان سلاحه “امني”، حتى نرى بعد دقائق نصف الجيش الاسرائيلي يحاصر منزل المشتبه ويعتقل كافة افراد عائلته حتى أولئك المقيمين في بلدات أخرى.

ولكن حين يتعلق الامر بسلاح جنائي فإن ذلك لا يقلق سوى اهل البلد، بينما الشرطة التي تعرف بالتفصيل كل كبيرة وصغيرة عن هذا السلاح، تكتفي بتحذير من ترى انه مستهدف بهذا السلاح ليأخذ حذره، ليس أكثر.

اليست هذه مشاركة في الجريمة، أليست هذه موافقة ضمنية على وقوع الجريمة ؟ اليست الشرطة معنية بمثل هذه الجرائم ؟

لهذا السبب بالذات يجب وضع الشرطة في قفص الاتهام والاشارة اليها بالتقصير في واجبها تجاه مواطني الدولة في هذه المدينة فقط لأنها تعتبرهم صنفا ثانويا لا يستحقون ما يستحقه الصنف الاول من المواطنين.

لهذا يحق لنا ان نصرخ بأعلى صوتنا: نحن نتهم الشرطة بالتآمر على الطيبة ! المسؤولية لا تقع على من ضغط على الزناد وأودى بحياة الضحية التالية في هذه المدينة، انها الشرطة التي كانت تعلم باحتمال وقوع جريمة ولم تتخذ أي اجراء لأن الامر لا يهمها سوى كإحصاء يزعجها قليلا في نهاية العام.

قال ستالين ذات مرة: ان تقتل انسانا فهذا يعتبر جريمة، ولكن ان تقتل مائة انسان فهذا لا يعدو كونه احصائية! ونحن اصبحنا ارقاما في نظر السلطات: نسقط قتلى وهم يحصون جثثنا.

من حقنا كمواطنين ندفع كافة الضرائب ونحافظ على القانون رغم جدلنا مع بعض بنوده، ان نتمتع بالأمن والآمان في هذا البلد. وليس من حق الشرطة ان تشترط تعاون الأهالي معها لتمن عليهم بحقهم بالأمن.

في هذه المعادلة: مواطن وسلطة، المواطن يؤدي دوره وواجبه كاملا، والسلطة المتمثلة بالشرطة هي الجانب المتقاعس. لو كان الوضع عكس ذلك لرأينا الشرطة وليس غيرها تتخذ كافة الاجراءات ضد المواطن المسكين على الفور، ولكن من يتخذ الاجراءات ضد الشرطة لحثها على اداء واجبها وفرض الشعور بالأمن في هذا البلد ؟ الحكومة غير معنية ولن تحرك ساكنا سوى اعلاميا. ويبقى امر الطيبة يهم بالدرجة الأولى اهل هذا البلد الذين يرفضون ان يتعلموا صمت الخراف!

مع تحيات اخوكم: ابو الزوز  

Exit mobile version