عنواني: الشارع الثاني بعد الفرن إلى اليسار

من منكم يعرف عنوانه ؟ أنا لا أعني عنوان صندوق البريد، وإنما العنوان الارضي المتعارف عليه عالميا في كل الدول ولدى كل الشعوب المتحضرة والذي ينص على شارع كذا وبيت رقم كذا ؟

الطيبة وشوارعها بلا اسماء

نحن أبناء مدينة الطيبة لا زلنا نعيش في العصور القديمة بهذا المعيار. شوارعنا بلا أسماء وبيوتنا بلا أرقام ولا زلنا نوصف الطريق للضيف القادم إلى بيتنا بمحل فلان وبشجرة الكينا وبالبناية الحمراء والبيت الذي أمامه سيارة زرقاء والقريب من محل الفلافل وهكذا.

لي صديق يصف مسار بيته لكل قادم من خارج الطيبة بأن يقول له عند دخولك البلد من مدخلها القديم قبالة القبور، عليك أن تنتبه للمطبات، وبعد مرورك المطب السابع ادخل إلى اليسار مباشرة.

وتذمر صديق آخر أمامي فقال: ما أسوأ حظي، فقد أحرقوا مقر البريد الذي كان معظم أصدقائي من خارج الطيبة يعرفون أنني اسكن بجواره، والآن كل من يأتي إلي من خارج الطيبة يستفسر عن مقر البريد فيشيرون له بالمقر الجديد على شارع الـ 24 الشمالي.

إطلاق الأسماء على الشوارع عملية سهلة ولا تحتاج للكثير من البيروقراطية، بل قليل من الإصرار وأسماء ملائمة مقبولة على قاطني الحي حيث الشارع الذي يطلق عليه الاسم.

صحيح أن هذه العملية يجب أن تتم بقرارات من البلدية وبلديتنا حاليا عبارة عن صوت واحد يقرر بالإجماع دائما ما يجب وما لا يجب فعله (حاكم بأمره).

ترى ما الذي سيحدث لو أننا تعارفنا على تسميات وأطلقناها على الشوارع ووضعنا لافتات بهذه الأسماء عند مطلع كل شارع، تماما كما نثرنا اللافتات التي تحمل الآيات القرآنية والعبارات الدينية في كل مكان.

ما الذي يمنعنا من القيام بذلك؟ هل نفتقر للتاريخ وللأبطال والشخصيات التي تستحق أن يسمى شارع باسمها؟ أم أننا مرتاحون للتوصيف المهين لكل من يستفسر عن مكان سكنانا؟

بعض الأمور لا تنتظر القرار الرسمي كي تتحول إلى حقيقة، وأحيانا من المفيد أن نسير عكس السير كي نصل بسرعة (مجازا)، وفي هذه الحالة لا ينبغي إلقاء اللائمة على البلدية بالتقصير ومن الأفضل لنا التغاضي عن الإدارة الحالية للبلدية. لأن هذه الإدارة بنظري مندوبة الحكومة لدينا وليست مندوبتنا لدى الحكومة.

أذكر في الماضي حين نشطت البلدية ومنحت للشوارع وللبيوت أرقاما، ولا زلت اذكر رقم شارعي ورقم بيتي وحين احتاج لتدوينها في مستند رسمي اكتبها بخط كبير 13/29 من باب التباهي والاقتران بالتمدن وليس من باب الدقة لأني لست ادري أيهما يشير إلى البيت وأيهما يشير إلى الشارع من الرقمين.

في مدينة الطيرة المجاورة الشوارع تحمل أسماء عربية من التاريخ العربي ومن تاريخ المدينة، وكم اعتز حين اسمع صوت جهاز GPS حين أمر عبر مدينة الطيرة يبلغني بأنني أسير في شارع “طارق عبد الحي”، فأشعر بأنني وصلت الحضارة التي تبعد عنا مسافة 7 كيلومترات فقط.

من ليس له عنوان لا يمكنه الادعاء بأن له وطنا وبأن له هوية، لأن العنوان جزء من الهوية ومن الوطن.

دمتم في بلدكم تائهين: من أخوكم ابو الزوز 

Exit mobile version