الأخبار العاجلةالعالم العربي

إقرار اتفاقية تيران وصنافير: إنجاز سعودي وانقسام مصري.. ومكسب إسرائيلي؟

 البرلمان المصري يقر في 14 يونيو/حزيران، اتفاقية تيران وصنافير المثيرة للجدل بعد أكثر من عام من الإعلان عن توقيعها، ولم يبق سوى تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليها لتدخل حيز التنفيذ. فماذا ستستفيد السعودية من استرداد الجزيرتين؟ وماذا ستجني مصر؟ وهل سيتغير شيء بالنسبة لإسرائيل؟

7
على الرغم من إقرار البرلمان المصري اتفاقية تيران وصنافير، إلا أن السجال السياسي والقضائي والحراك الاجتماعي في مصر لم ينته بعد. وعلى عكس الانقسام داخل المشهد المصري، فالسعوديون يفتخرون “بالإنجاز” التاريخي للملك سلمان. أما إسرائيل التي تعتبر معنية مباشرة بالاتفاقية، فقد رفضت التعقيب.

الموقع الجغرافي والأهمية الإستراتيجية لتيران وصنافير

جزيرتا تيران وصنافير تقعان أقصى شمال البحر الأحمر، وتبلغ مساحة تيران 80 كلم2في حين تقدر مساحة صنافير بـ 33 كلم2.

تتمتع الجزيرتان الخاليتان من السكان بموقع جغرافي إستراتيجي هام، حيث أنهما تقعان في المدخل الجنوبي لخليج العقبة، وبالتالي فإنهما تتحكمان في حركة الملاحة الدولية فيه، ويصبح بإمكان الدولة التي تسيطر عليهما إغلاق حركة الملاحة تجاه الخليج في حالات الحرب.

وتمثل الجزيرتان أهمية إستراتيجية لإسرائيل على وجه الخصوص، إذ أن مضيق تيران يعتبر الممر الملاحي الوحيد من وإلى ميناء إيلات، في جنوب البلاد.

عبد الفتاح السيسي يبحث عن فراغ قانوني للتصديق على الاتفاقية

ويأتي تمرير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية بالرغم من استمرار الصراع القضائي أمام المحاكم المصرية حول مدى شرعية توقيعها.

فبين حكم المحكمة الإدارية العليا النهائي بعدم شرعية الاتفاقية، وحكم آخر لمحكمة الأمور المستعجلة بإبطال حكم الإدارية العليا، كان من المتوقع أن تحسم المحكمة الدستورية العليا الأمر إلا أن البرلمان المصري لم يمهل القضاء ليقول كلمة الفصل وأسرع الخطى لتمرير الاتفاقية دون انتظار رأي المحكمة الدستورية.

وأصدرت المحكمة الدستورية العليا في 21 يونيو/حزيران قرارا بوقف كل الأحكام الصادرة بشأن الاتفاقية حتى الفصل في دستورية تلك الأحكام. فحكم المحكمة التي تعتبر أعلى هيئة قضائية في البلاد لم يتطرق لمحتوى الاتفاقية ولكن أوقف الحكمين المتناقضين بشأنها.

ويقول أستاذ القانون الدولي عبد الله الأشعل في حديث لفرانس 24 إن قرار المحكمة الدستورية العليا جاء ليحدث فراغا قانونيا وبالتالي يفسح المجال أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي للتصديق على الاتفاقية.

الحراك السياسي والشعبي المصري

وجاء إقرار الاتفاقية ليصب مزيدا من الزيت على نار الغضب الشعبي المصري الذي كان يعلو ويخبت بين الحين والآخر طوال العام الماضي ومنذ الإعلان عن الاتفاقية في أبريل/نيسان 2016.

وأصدرت العديد من الأحزاب المصرية الخميس الماضي بيانات تدين فيها الاتفاقية وتدعو إلى احتجاجات شعبية مناهضة لها، بينما دشن ناشطون مصريون وسوما عدة تعكس الرفض الشعبي للتفريط في الجزيرتين مثل “السيسي خاين” و”التفريط خيانة”.

أما السلطة المصرية، فلجأت إلى مزيد من القمع لوأد أي تحرك شعبي ومنع انتقال الاحتجاجات الشعبية من شبكات التواصل الاجتماعي إلى الشارع. وقامت الشرطة باعتقال عشرات الناشطين في أنحاء البلاد يوم الجمعة الماضي.

ماذا سيتغير بالنسبة لإسرائيل؟

ولأجل تحديد وفهم تبعات انتقال السيادة على الجزيرتين من مصر إلى السعودية على دولة إسرائيل، فيجب العودة إلى تصريح أدلى به وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون لصحيفة”هآرتس” في 12 أبريل/نيسان 20166. وقال حينها إن عبور إسرائيل من مضيق تيران قد تم تأمينه من خلال وثيقة وقعت عليها المملكة السعودية، تتعهد من خلالها بضمان حرية الملاحة الإسرائيلية وفقا لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.

وأضاف يعلون في هذا التصريح أن تل أبيب تلقت طلبا للموافقة على تحويل تبعية الجزيرتين من مصر إلى السعودية حيث أن موافقتها كانت ضرورية لتمرير الاتفاقية، بما أن المجرى الملاحي في مضيق تيران يندرج ضمن معاهدة السلام المصرية الإسرائيليةالموقعة العام 19799.

وتابع وزير الدفاع الإسرائيلي أن تل أبيب وواشنطن والرياض والقاهرة اتفقت على نقل سيادة الجزيرتين إلى السعودية بشرط أن يحل السعوديون محل المصريين في البروتوكول العسكري الملحق لمعاهدة السلام.

مصر والسعودية وإسرائيل: من الرابح من اتفاقية تيران وصنافير؟

فسواء وقعت الجزيرتان تحت السيادة المصرية أو السعودية، فإسرائيل لن تخسر شيئا في الحالتين، حيث أن واقعيا مصر كانت ملتزمة بحرية الملاحة في المضيق وبالتالي نقل السيادة والتزام السعودية بهذا الشرط أيضا لن يغير شيئا بالنسبة لتل أبيب على صعيد الملاحة من وإلى إيلات.

إلا أن الدولة اليهودية ربما تكون كسبت على الصعيد السياسي بتوقيع الرياض على البروتوكول العسكري الملحق بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.

ويرى بعض المعارضين لنقل تبعية سيادة الجزيرتين للسعودية أن الرياض كانت في غنى عن الانخراط في اتفاق مع تل أبيب عبر توقيعها على البروتوكول العسكري الملحق بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.

ولكن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال في تصريحات أوردتها السفارة السعودية بالقاهرة عبر حسابها على توتير في 11 أبريل/نيسان 2016 إنه لن يتم توقيع معاهدات مع إسرائيل فيما يخص الجزيرتين، وهو ما يناقض ما صرح به وزير الخارجية الإسرائيلي.

أما عن المكاسب التي ستجنيها السعودية من استراد الجزيرتين، فيرى السعوديون أن هذه الخطوة تعتبر إنجازا يحسب للملك سلمان الذي استطاع استعادتهما بعد أكثر من نصف قرن، حيث يقول السعوديون أن الجزيرتان كانتا تخضعان فقط للحماية المصرية منذ العام 1950 بناء على طلب من الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس السعودية.

أما مصر، فلن تجني سوى المزيد من تأجيج الغضب الشعبي ضد القيادة السياسية الحالية.

المرصدر: فرانس 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *