أخبار ثقافيةالأخبار العاجلةثقافة الطيبة نت

جودي القلا: إسرائيل سرقت أطباقنا ونسبتها لنفسها

“فلسطين فى طبق طعام “، هذا هو عنوان الكتاب الذى أصدرته الشيف البريطانية من أصل فلسطينى جودي القلا، وهذا الكتاب أثار جدلا كبيرا فى بريطانيا نظرا لأنه فضح ممارسات المطاعم الإسرائيلية فى لندن من نسب الطعام الفلسطيني لنفسها، الحوار القادم يحمل رائحة أغصان الزيتون في يافا ويذكرنا بطعم الموالح القادمة من أريحا ويفتح لنا باب الأمل لمستقبل نثبت فيه تاريخ ثقافة دولة يحاولون أن يمحوها من الوجود ولكن طعامها كان باب تقديمها من جديد للعالم، فإلى تفاصيل الحوار.

ـ  أريد أن أبدأ معك من إنجلترا، حيث تعيشين كيف انتقلت للحياة هناك وهل لذلك علاقة باحتراف الطهي؟

أنا ولدت فى سوريا ثم انتقلت عائلتى لنعيش فى قطر ثم أخيرا استقرت الأسرة فى لندن بإنجلترا، ووقتها كنت أبلغ من العمر أربع سنوات، درست وتعلمت هناك ولكن سافرت إلى باريس لاستكمال الدراسات العليا والتى كنت أعدها فى العمارة والتصميمات الهندسية  ولكنى لم أكمل لأنى قررت أن أغير اتجاهى لأنى لم أكن أعرف ماذا سأفعل بهذه الدراسة بعد أن أنهيها ولكن مهنة الشيف كانت واضحة أمامى فقررت احتراف الطبخ، ومن هنا بدأت رحلتى مع الطعام.

ـ  ولكن كيف أصبح الطهى شغفا لك حتى قررت احتراف المهنة وتحويل مسارك العملى؟

أنا تعلمت الطهى فى الأساس من والدتي، فكنت أعشق الوجود معها فى المطبخ لساعات طويلة أراقبها وأتعلم منها أسرار الطهى، ولكن شعرت بعد ذلك بحب شديد للطهى  وكنت أريد أن أعرف تفاصيل عن مطابخ مختلفة فالتحقت بـ LeithsSchoolofFoodandWineوهى مدرسة معروفة على مستوى إنجلترا والعالم وفيها تعلمت أصول الأكل البريطانى والفرنسى التقليدى وبالتالى زادت معرفتى بأساليب الطهى وفنونه.

ـ  ومعنى ذلك أن حبك للطهى لا يقتصر على المطبخ الفلسطينى فحسب؟

أبدا، أنا أحب الطهى عموما، وأحب أن أتعلم طرق الطهى فى المطابخ المختلفة، ولكن عندما جئنا إلى إنجلترا لم يكن هناك مطاعم فلسطينية ولا يعرف أى شخص الطعام الفلسطينى فلذلك اخترت التخصص فى هذا النوع من الطعام الذى يمثل البلد الذى جئت منه وأنتمى إليه وبالنسبة لى الطعام الفلسطينى يمثل الماضى والمستقبل.

ـ  تحدثت عن والدتك باعتبارها المعلمة الأولى لك فى المطبخ، حديثنا عن ذكرياتك معها؟

أنا دائما أتحدث عن والدتى لأنها بالنسبة لى أهم وأعظم شخص أتبعه وأقلده وأعتبره قدوة لي، فأنا أعشق حبها للمطبخ والطهى الذى كان يسبب السعادة لها، فأتذكر عندما كنت صغيرة وأقف إلى جوارها فى المطبخ وأرى السعادة على وجهها بالطهي، أعتقد أن هذه الفترة هى التى دفعتنى لأصبح مثلها لأنى اكتشفت أن الطبخ يمنحنى السعادة مثلما كان يمنحها من قبل.

ـ  وهل كانت تروى لك قصصا عن أصل الطعام الفلسطينى وعلاقة المطبخ بالثقافة الفلسطينية؟

جدتى كانت تعيش فى يافا بجوار البحر، وهناك تربت أمى وعماتي، وكانت دائما ما تربط بين رائحة البحر والبرتقال والطعام وكان هذا يعطى جوا من الرومانسية لذكريات قد تبدو حزينة لأنها لم تعد تعيش هناك، ولكنها كانت دائما تحكى قصصا عن والدتها وعلاقتها بالمطبخ والطعام الفلسطينى.

ـ  وما هى النصائح التى أعطتها لك والدتك لتضمني نجاح الوصفات الفلسطينية؟

أن أطبخ بحب، وأن أستخدم أفضل المكونات التى أستطيع أن أشتريها حتى أضمن نجاح الوصفات.

ـ  ولكن من وجهة نظرك هل هناك رابط بين الطعام الفلسطيني والثقافة الفلسطينية؟

بالطبع، الطعام الفلسطيني بالنسبة للفلسطينيين ليس هو ما يمنحهم القدرة على الاستمرار فى الحياة مثل أى طعام آخر ولكنه الحياة بالنسبة لهم، لأنهم يمثل أرضهم وحضارتهم وتاريخهم، فهو يمثل أرضا مليئة بأشجار الزيتون والزعتر والخضروات والفواكه، وبالطبع يعمل تفاصيل من هم الفلسطينيون ومن أين أتوا وأين أرضهم.

ـ   وكيف بدأت مشروع المطعم الفلسطيني فى لندن ولماذا أغلق بالرغم من نجاحه؟

أنا بدأت المطعم فى عام  2010 وكان مكانا رائعا وكنت أستمتع بكل لحظة فيه وكنا نغير قائمة الطعام بشكل يومى وظللت أعمل فيه بشكل جاد لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة، ولكن تكاليفه أصبحت مرتفعة جدا خاصة مع ارتفاع الإيجار سنويا، فكان من الأفضل لى أن أغلقه وأركز فى فترة أمومتى خاصة أننى أستمتع بكل لحظة فيها.

ـ  وهل لذلك قررت طرح كتابك “فلسطين فى طبق طعام”؟

الكتاب صدر عن طريق المصادفة، فأنا كنت أدون طريقة طهى بعض الوصفات للعاملين لدى فى المطبخ حتى أساعدهم ليخرج الطعام بالشكل اللائق، وبعد أن أغلقت المطعم بشهور، قابلت عميلة كانت مهتمة جدا بالحصول على هذه التدوينات وقمت بإعطائها لها، وهى بدورها أرسلتها لبعض الناشرين حيث تحمس أحدهم لنشر الكتاب وأنا بالطبع تحمست مثله عندما وجدت أنه مقتنع بفكرة الكتاب وسوف يقوم بطرح الكتاب مثلما أعددته ولن يجري أى تغييرات عليه  وكان بالطبع شيئا مشرفا لى ولأمى ولوطنى فلسطين.

ـ   وما هى أهم محتويات الكتاب؟

الكتاب به فى البداية جزء صغير تاريخ فلسطين والطعام الفلسطيني، ثم طرق إعداد الأطعمة المختلفة على الطريقة الفلسطينية وقمت بتقسيمها إلى اللحوم، والدواجن، والخضروات والحلويات، وقدمتها بطرق مختلفة لتتناسب مع مختلف الأذواق التى قد تشترى الكتاب، والحمد للـه كل ردود الأفعال التى جاءتنى عليه إيجابية.

ـ  هل تحدثت فى كتابك عن تاريخ تطور الطعام والطهى فى فلسطين؟

نعم، ولكن بشكل مختصر وبسيط، فأنا كنت أريد أن أتحدث عن تاريخ الأراضى الفلسطينية ولكن كان هدفى الرئيسى هو تبسيط المعلومة وأن أشرح لكل قارئ للكتاب كيف يطهو الفلسطينيون فى منازلهم، وكيف يمثل الطهى ثقافة وفنا بالنسبة لهم.

ـ  وما الذى يميز كتابك  عن باقى كتب الطهى الفلسطينية؟

الفارق هو أنى قدمت من خلال الكتاب وصفات الطهى التى كانت تصنعها جدتى فى فلسطين قبل أن تتحول إلى إسرائيل وهو التاريخ الأصلى للطعام الفلسطيني، وبالطبع أشرت إلى البلدان التى تأثر بها الفلسطينيون فى مطبخهم مثل المطبخ المصري، اللبناني، التركي، السورى واليونانى ولكن كان هدفى هو المطبخ الفلسطينى الأصلى.

ـ  وما هو الطبق الفلسطينى الأقرب إلى قلبك وما هى طريقة إعداده؟

أعتقد أن “المسخن” هو طبقي المفضل، والذى يتكون من السماق، الدجاج، الخبز والبصل، وهو طبق بسيط جدا ولكنه يستغرق وقتا طويلا فى إعداده لأن به أكثر من خطوة خاصة إذا كان يجهز لعدد كبير من الناس، وأنا ذكرت فى كتابى تفاصيل صغيرة تمكن أى شخص من تجهيز طبق المسخن بطريقة المحترفين.

ـ  وكيف كان رد فعل البريطانيين على كتابك؟

تفاجأت بردود أفعال البريطانيين على الكتاب، لقد أحبوا كل الوصفات، والصور الشارحة المصاحبة للوصفات، والتى تمكن أى شخص من الطهى وهو بالنسبة لى شيء لم أكن أصدقه ولم أتوقعه بالمرة، وبالمناسبة الكتاب يباع فى أكثر من مكان حول العالم فيوجد فى الولايات المتحدة الأمريكية ومختلف دول أوروبا، ويباع فى فلسطين أيضا وهو أكثر شيء يسعدني.

ـ  وهل البريطانيون يهتمون بتعلم كيفية الطهي على طريقة المطبخ الفلسطيني؟

بالطبع، وليس البريطانيون فحسب، ولكنَّ الأمريكيين  والأستراليين والفرنسيين، وغيرهم من الشعوب، والذين بمجرد أن يتذوقوا روعة الطعام الفلسطينى تتولد لديهم الرغبة فى تعلم كيفية طهى هذا الطعام.

ـ  هناك العديد من المطاعم الإسرائيلية فى لندن، وهم ينسبون الطعام الفلسطينى لأنفسهم، كيف تجدين ذلك؟

المطاعم الإسرائيلية فى أوروبا لا تنسب الطعام الفلسطينى فحسب لإسرائيل ولكن معظم أطعمة دول الشرق الأوسط، ولكن أعتقد أن صوتنا بدأ  يُسمع وهذا كان الهدف الرئيسى من كتابي، أن أقول إننا عشنا هناك آلاف السنوات ولنا حضارة وتاريخ وطعام وهذا هو طعامنا وليس طعامهم.

ـ  وما هو مشروع نادى العشاء الذى تقيمينه فى لندن؟

هو عشاء فلسطينى يقدم كل فترة فى أحد مطاعم لندن ويحضره أشخاص من مختلف أنحاء العالم وذلك ليتناولوا الطعام الفلسطينى ويتبادلوا الحديث عن جودته وآرائهم فيه وأيضا ليعرفوا أننا أشخاص مهذبون، وأن الفلسطينيين ليسوا بإرهابيين كما يصورنا الإعلام، وهذا العشاء يجد قبولا كبيرا بين سكان لندن وضيوفها وينتظرونه كل فترة.

ـ   هناك حرب دائرة الآن فى العالم حول تسجيل أصول الأطعمة المختلفة وبعض الدول تنسب بعض أطعمة الدول الأخرى لنفسها فى غفلة من الشعوب، هل لديك خطة لتسجيل الطعام الفلسطينى؟

هذه النقطة هامة جدا بالنسبة لي، والكتاب كان أول خطوة نحو ذلك، لأدون تاريخ الأطعمة الفلسطينية وطرق طهيها حتى أقطع الطريق على أى دولة أخرى ترغب فى نسبها لنفسها، وأتمنى أن أستمر فى التدوين والتسجيل والحفاظ على تاريخ الطعام الفلسطيني، وهذا هو هدفى الفترة القادمة أن أعكس للعالم فلسطين عن طريق الطهى الفلسطيني.

المصدر: نصف الددنيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *