3أخبار الطيبةالأخبار العاجلةنفحات دينية

الجزء الثاني- ايها المسلمون إِنَّ اللَّهَ يَأْمُركمُ بِالْعَدْلِ!، بقلم الشيخ ابو عكرمة الطيباوي

 العَدل من أعظم القيم النبيلةالراقية التي أمر بها وأوجبها اسلامنا العظيم ، والمقصود العَدل بكل شموليته وأشكاله: العدل مع كل البشر والناس، العدل من حكامنا ورؤساؤنا وامراؤنا لشعوبهم، العدل بين المتخاصمين في محاكمنا الشرعية و المدنية ، العدل في جامعاتنا وكلياتنا ومدارسنا بين الطلاب، العدل في التعيينات والوظائف ، العدل بين الأولاد من الذكور والإناث في الهدايا والميراث ،العدل بين الزوجات ، العدل عند كتابة العهود والمواثيق .

1

إن العدل بحسب إسلامنا الحنيف لا يتأثَّر أبدا بمالٍ ومنصب، أو قومية وشعب ، أو بلون وجنس، أو قرابة وجاه وشرف ونَسَب ، لقوله تعالى في سورةالنساء 58: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}.والسيرةُ النبويَّة العَطِرة للرسول صلى الله عليه وسلم حافلةٌ بالقِيم الرفيعة حيث جَعلَ نبينا المختارَ العَدلَ ميزاناً في المجتمع المسلم، يُلزِمُ الجميعَ بقضاءِ ما عليهِم واستحقاقِ ما لهم دونَ تَعدٍّ ولا إفراطٍ أو تفريط، فقال صلى الله عليه وسلم : “المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا “رواه مسلم . والعدل يعني إعطاء كل ذي حق حقه ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، من غير تفرقة بين المستحقين. وبالعدل قوام الدنيا والدين ، وسبب صلاح العباد والبلاد ، به قامت السموات والأرض ، وتألفت به القلوب والشعوب ، وشمل به الناس التناصف والتعاطف والتواصل، وابتعد عنهم التقاطع والتخاصم.

وما من شيء قام على العدل، واستقام عليه،إلاّ سلم من الإنهيار والخراب والدمار الخطير في النفوس والأخلاق . إن العدل يوفر الأمان للقوي والغني، وللضعيف والفقير ، والحاكم والمحكوم ويُشْعرهم جميعا بالعزة والفخر، فيمنع الظالم عن ظلمه، والطماع عن جشعه ، ويحمي الحقوق والأملاك والأعراض ، حيث الكل سواسية عند سلطان العدل. ولا فرقَ بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى. ولكن …. عندما ينتشر ويتفشى الظلم بين الناس ، وتختفي أنوار العدل عنهم ، وتصبح السيطرة للقوي والغني والقادر والمتنفذ، حينها ستسلب حقوق العاجزين والضعفاء والفقراء . وستدمر القلوب والبيوت والنفوس !.

ومسك الختام ، جاء الهرمزان الوزير الفارسي يبحث عن أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فوجده نائما على حصيرة خشنة لا حراس ولا حراسة، نائم تحت شجرة وعليه قميص مرقع !. فهزّ الهرمزان الوزير الفارسي رأسه وقال : “حكمت فعدلت فأمنت فنمت”. وقد نظمها شاعر العربي حافظ إبراهيم:

أمنت لما أقمت العدل بينهمُ فنمتَ نوم قرير العين هانيها اللهم وفقنا واهدنا لأنوار العدل بين الناس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *