الأخبار العاجلةالعالم العربي

إعدامات وقصف وحرمان: مؤرخ يدون يوميات الموصل تحت وطأة تنظيم “داعش”

منذ شهر يونيو/حزيران 2014، يروي مدون من الموصل الحياة اليومية لأهالي المدينة. وإن كان الأمل بدأ يطبع حكاياته مع تقدم القوات العراقية نحو المدينة التي يسيطر عليها تنظيم “داعش”، فهي تعكس في نفس الوقت مخاوف عديدة بشأن مصير المدنيين.

1
“الزمن الذي انقضى منذ اجتياح تنظيم “داعش” للموصل: 869 يوما، أي 20856 ساعة أو 1251360 دقيقة”. بدأ المؤرخ يعد الأيام منذ 18 يونيو/حزيران 2014، قبل بضعة أيام من سيطرة التنظيم المتطرف على ثاني كبرى مدن العراق، ومبايعة أبو بكر البغدادي “خليفة للمسلمين في كل مكان”.

تحول المؤرخ مدونا يسجل على موقع “عين الموصل” Mosul Eye شهاداته على الفظائع التي يرتكبها الجهاديون في مدينته. طبعا لا يكشف اسمه، فأي مؤشر عن هويته كاف ليعرض حياته وحياة ذويه للخطر. يروي المدون لصحيفة “نيويورك تايمز” أنه لم يتوقف، أحيانا حتى أثناء الليل، عن تغيير مكان أجهزته الإلكترونية حفاظا على أمنه وأمن عائلته.

ورغم المخاطر التي يعرض لها نفسه، لم يتوقف صاحب “عين الموصل” عن الكتابة يوميا حول ما يدور في المدينة وحياة أهاليها اليومية. فتتطرق المدونة لوقائع مختلفة مرورا بالإعدامات التي ينفذها تنظيم “داعش” وحتى مسألة نقص الغذاء، وذلك بأسلوب المؤرخ المنهجي والدقيق. وكان المدون قد تعهد في إحدى أولى رسائله في يونيو/حزيران 2014: “لن أنقل سوى الأحداث التي أشهد عليها بنفسي”.

“التنظيم لغم كل الجسور بالمتفجرات”

لم يرو المدون سوى الوقائع: في 31 يوليو/تموز 2014 أربع غارات جوية تستهدف حي المنصور والتنظيم المتطرف يوزع منشورات تمنع “ممارسة التعددية الدينية”. في 19 ديسمبر/كانون الأول تستمر قيمة الدينار العراقي في الانخفاض بعد انهيار سوق الأسهم في الموصل. وكانت التبعات ملموسة، فمعاشات مقاتلي تنظيم “داعش” شهدت تخفيضات جذرية. في 5 يونيو/حزيران 2016 تباع الطماطم في سوق الموصل بسعر 1500 دينار عراقي للكيلوغرام (نحو 1.17 يورو)، والضرائب التي يفرضها التنظيم بلغت 50 ألف دينار في الشهر (نحو 39 يورو)، وبات سعر أمبير الكهرباء يبلغ 7 آلاف دينار (نحو5.5 يورو).

ازدادت وتيرة نشر المدونات على “عين الموصل” منذ أن أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في 17 أكتوبر/تشرين الأول بدء عمليات استعادة الموصل من تنظيم “داعش”. وصارت صبغة النصوص المنشورة شخصية أكثر ومقلقة أيضا فهي تشهد على مدى الدمار الذي لحق المدينة وعلى تضاعف عمليات إعدام سجناء التنظيم المتطرف وحتى على مصادرة شرائح هواتف السكان.

صاحب “عين الموصل” يروي أيضا الارتفاع المشط في أسعار المواد الغذائية ومخاوف الأهالي من أزمة إنسانية كبرى. وللسكان مخاوف عديدة أخرى، فهم يدركون أن التحرير الكامل للمدينة سيكون أمرا صعبا ومعقدا. فالأغلبية سنية وتخشى مصيرها عند وصول قوات الحشد الشعبي (وغالبيتها شيعية) التي تتقدم من الجنوب.

“أحلم بإنشاء دار أوبرا في الموصل”

أما القوات الحكومية التي تسعى لدخول الموصل من الجبهة الغربية وباتت مساء الإثنين على بعد بضعة كيلومترات من وسط المدينة، فقد يعوق تقدمها نهر الفرات الذي يعبرها. ولغم تنظيم “داعش” كل الجسور بالمتفجرات وخبأ سيارة مفخخة تحت الجسر الخامس”، حسب “عين الموصل”.

في نصوصه الأخيرة أكد المؤرخ أنه أصبح مسكونا بالخوف، “ذلك الوحش ذو العينين الحجريتين”، وأن سبب هذا الخوف هو جهله لمآل معركة الموصل الأخيرة. رغم ذلك يبقى الأمل قائما فأكد المدون ليل الثلاثاء الأربعاء: “لن أكتب عن الخوف هذه الليلة بل عن الأحلام والتخيلات”، لعل أهمها وأجملها: “أحلم بإنشاء دار أوبرا في الموصل، ومدرسة للموسيقى والباليه، وأن يزدهر فن النحت في المدينة”. ثم أسر: “كنت دائما أتمنى أن أرى ذلك وأنا حي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *