أخبار عالميةالأخبار العاجلة

“الرايات السود” كتاب يكشف قصة تنظيم داعش ومن أقامه

قصة الانفصال عن المنظمات الاخرى، بناء المنظومة السلطوية “الحكم”، العمليات الارهابية، اطلاق سرح الارهابيين المعتقلين، احتلال المدن ، القوانين الجديدة ونظام الخوف الذي سيطر على الشوارع والطرقات، كيف تحول تنظيم صغير ومتطرف الى قوة ارهابية هائلة سيطرت على دول كاملة في الشرق الاوسط ؟ اسئلة حاول الكاتب والصحفي الامريكي جوبي غريك الاجابة عليها عبر كتابه الجديد الحائز على جائزة “بولتسير” لعام 2016 والذي حمل عنوان ” الرايات السود – صعود داعش ” صدر عن مؤسسة “بانتام برس” .

1

تناول الكاتب قصة حياة ” ابو مصعب الزرقاوي” كاشفا قصصا واسرارا اخرى وتفاصيل جديدة احاطت بهذه الشخصية والتحولات التي وضعت حدا لقصته مع الارهاب .

ونشرت حيفة “الديلي ميل” البريطانية ملخصا لهذا الكتاب تضمن بعض تفاصيل تصفية الزرقاوي .

بدأت قصة ” الديلي ميل ” في 7/6/2006 حين لاحقت طائرة امريكية دون طيار سيارة فضية تبعتها ايضا اعين المخبرين على الارض كانت تقل ما يعرف بالشيخ عبد الرحمن الذي استبدل سيارته مرتين لينتهي في سيارة “بيك اب” سلك بها طريقا ترابية جعلته على مشارف قرية “هبهب” 45 كلم عن العاصمة العراقية بغداد .

دخلت السيارة الى منزل تحجبه اشجار النخيل عن الناظرين ليستقبله شخصا ملثما يرتدي اللباس الاسود ويدخله الى المنزل فيما واصلت سيارة “بيك اب” طريقها مبتعدة عن المكان.

وأصبح البيت المخفي بأشجار النخيل في تمام الساعة 4:55 محط انظار ومتابعة كل افراد طاقم العمليات المرابط في قاعدة “بلد العسكرية ” الذين تابعوا بثنا مباشرا للمنزل نقلته الطائرة دون طيار الى شاشاتهم الكبيرة التي تسمروا امامها ليعلوا صراخ الجنرال الامريكي “ماك كريستال ” يا الهي انه الزرقاوي معلنا بصيحته هذه نجاح الامريكان في رصد ورؤية الرجل المرعب الذي اسس “داعش” وكان وحشيا لدرجة لم يعد تنظيم القاعدة نفسه قادرا على تحمل هذه الوحشية ليعلن التنظيم تبرؤه منه.

واصلت “الديلي ميل ” اقتباس قصتها من صفحات الكتاب ” قبل أربع سنوات فقط من العام 2006 كان الزرقاوي مجرد مذنب بسيط في سجون الأردن قبل أن يتم تلقينه أصول التطرف الذي قذف به بعدها إلى جبال تورا بورا ليقابل بن لادن ويصبح من أعلام الإرهاب وحينها كانت إدارة بوش قد ربطته بقصة اغتيال الدبلوماسي الأمريكي في عمان عام 2002 وبدأت تبحث عن أي خيط يدل على علاقة ما بين القاعدة وصدام حسين على خلفية احداث الحادي عشر من ايلول وطرح حينها السؤال الكبير : هل يكون الزرقاوي هو الحلقة المفقودة؟ سؤال جعل إدارة بوش تصب تركيزها على الزرقاوي آنذاك خصوصا بعد أن عرفت بأنه تلقى العلاج يوما في إحدى مستشفيات بغداد الحكومية وبأنه فر من معسكر شيده بمساعدة القاعدة غرب أفغانستان متجها إلى العراق.

يقول الخبير المختص بنشاطات الزرقاوي في وكالة الاستخبارات الأمريكية نادا باكوس إن مرؤوسيه طلبوا منه إثبات أنه لا علاقة تربط الزرقاوي والقاعدة بصدام حسين في وقت خرج فيه وزير الخارجية الأمريكي آنذاك كولن باول مصرحاً بأن صدام على علاقة وثيقة بالقاعدة وأحداث أيلول 2001، فهل كان مخطئاً؟

وصنع البيت الابيض من الزرقاوي “سوبر ستار الاسلام” بعد ان طبق الزرقاوي كل ما وصفوه به من صفات على ارض الواقع وذلك في مسعى من البيت الابيض لتحويل الزرقاوي الى ذريعة اخرى لغزو العراق .

وبعد غزو العراق والانهيار الأخلاقي الذي صبغ البيت الأبيض في تلك الفترة بدأ الزرقاوي حملة هجمات بالقنابل والمفخخات على الشيعة والأمريكان على حد السواء.

وفي يناير 2004 وبعد 10 شهور من دخوله بغداد بعث برسالة إلى زعيم القاعدة بن لادن يسأله الدعم لمنظمته الصغيرة والفعالة جاء فيها “كل ما ننشده هو أن نكون رأس حربة لطلائع الإسلام وأن نكون الجسر الذي تعبر به الأمة الإسلامية إلى النصر المنشود”.

وفي 10 أيار من نفس العام ظهر الزرقاوي في مقطع فيديو مدته سبع دقائق ملثما وممسكا برأس الرهينة الأمريكية نيكولاس بيرغ والذي كان يجثو أمامه على ركبتية ومرتديا زيا برتقاليا، ووجه الزرقاوي رسالة إلى كل العالم حينها مفادها أن على أمة الإسلام أن تعلم أن بشائر الخير قد جاءت وأن رياح النصر قد هبت وأكمل خطابه الموجه إلى العالم “لن تروا منا سوى قتيل تلو الآخر ونعش تلو النعش” وأستل سكينه وقطع رأس الرهينة ووضعها على ظهر جثته التي سقطت على الأرض.

وأصبح هذا المقطع نموذجا يحتذي به أتباعه الذين أطلقوا عليه شيخ الذباحين أو أمير الذباحين أحيانا فأصبحنا نشاهد المزيد من مقاطع الذبح التي قام بها أتباعه كسائق الشاحنة البلغاري الجنسية والمترجم الكوري وآخر مصري الجنسية فيما أفلت من قبضتهم أيامها لبناني بعد أن دفعت فديته ليروي للعالم قصص مروعه عن عمليات إعدام قام بها أتباع الزرقاوي لبعض الأجانب الذين لم يتمكنوا من دفع الفدية وكيف تم قتلهم ببرود بواسطة مثقب كهربائي وآخرين صلبوا بعد أن قطعت ألسنتهم.

وفي حزيران 2004 رفعت الإدارة الأمريكية من قيمة المكافأة لمن يدلي بمعلومات عنه من حوالي 10 ملايين دولار إلى 20 مليونا ليقارب بذلك الرقم المعروض على رأس بن لادن فأحتفل بهذا بمقطع فيديو جديد مشيدا بمقاتلي الإسلام الأوائل وواضعا نفسه بينهم وداعيا المسلمين في كل مكان للانضمام إليه ومن جانبه ظهر بن لادن ليشاركه النصر ويعلنه أميرا للقاعدة في بلاد الرافدين.

في تلك الحقبة بدأ أعداؤه بالظهور للرد على أفعاله فوصل بهم الأمر للتعامل مع المخابرات المركزية الامريكية “سي آي إيه” للإدلاء بمعلومات عنه إحداها كانت تقول بأنه سيتم نقله من الفلوجة إلى الرمادي في 20 /2 / 2005، فما كان من القوات الأمريكية إلا أن أرسلت طواقم المراقبة المصحوبة بطائرة من دون طيار لترصد شاحنة صغيرة تقله إلى منزل تحيطه أشجار النخيل لكن عطلا إلكترونيا منع الطائرة من قصفه فتمكن من الفرار تاركا الشاحنة وعند وصول الأمريكان وجدوا مفاجأة غير عادية بانتظارهم عبارة عن كمبيوتر الزرقاوي المحمول ليقتربوا لأول مرة من شخصية الزرقاوي فبعد أن قضى المختصون أسابيع لفك شيفرة الجهاز والوصول إلى الملفات الخاصة به وجدوا صورا عن جوازات سفر عديدة تحمل صورته بأشكال مختلفة وأرقام هاتف وعناوين عديدة إلا أن جميعها كانت قديمة وملغية.

وعثر الامريكان في ملفات اخرى على الهيكل التنظيمي لجماعة الزرقاوي ومقاطع فيديو للقاءات الزرقاوي مع أعوانه وكلامهم عن الخلافة الإسلامية في الماضي وفضائلها وعن إقامتها في المستقبل القريب.

وتمكن الأمريكان من الدخول إلى عقله وتحليل شخصيته فوصفه خبراء في علم النفس بأنه شخص نرجسي يعتقد بأنه بطل أسطوري لا يمانع من قتل الأبرياء بدم بارد.

وعثرت المخابرات الامريكية بعد ستة اشهر على رسالة من الزعيم الثاني للقاعدة أيمن الظواهر تتألف من 6 آلاف كلمة تعبر عن رفضه لممارسات الزرقاوي الوحشية وعدم حاجة المسلمين لها إلا أنه لا يمانع من قتل الأمريكان والجنود العراقيين ولكنه يرفض تدمير مساجد الشيعة وقتل أطفالهم وحتى مقاطع قطع الرؤوس التي وصفها بالمقززة في رسالته ولكن الزرقاوي رد عليه بأن كل ما قام به تم إجازته من قبل العلماء المسلمين وبهذا انفصل الزرقاوي عن القاعدة ” شكلا” وضرب بنصائح الظواهري عرض الحائط.

وكان الأمريكان يقتربون شيئا فشيئا منه وفي الاجتماع الأمني الأول للبيت الأبيض بخصوص الزرقاوي سأل بوش جنراله كريستال “هل ستتمكن منه؟” فأجابه ” بكل تأكيد” فسأله بوش ” هل ستقبض عليه أم ستقتله؟” فأجابه أفضل أن نقبض عليه فلديه معلومات نريد الحصول عليها.

ثم جاءت أحداث عمان الإرهابية التي زادت من ضرورة القضاء عليه وبعد فترة وصلت معلومات تفيد بأن للزرقاوي أب روحي اسمه الشيخ عبدالرحمن فتمت مراقبة بيته الفاخر لمدة أسبوعين وفي السابع من حزيران غير عبدالرحمن روتينه اليومي فخرج من بغداد إلى مدينة “هبهب” حيث قابله الزرقاوي ولكن للمرة الثانية يصيب الطائرة عطلا إلكترونيا ما أثار غضب الجنرال كريستال فما كان منه إلا أن أصدر أوامره لطائرة إف 16 كانت تقوم بدورية بالتوجه للمكان وقال حينها للطيار ” لا يمكننا الانتظار أضرب الهدف” فألقت الطائرة قنبلة نتج عنها وميضا غطى شاشات المراقبة في القاعدة الأمريكية وعندما انزاح الغبار عن الموقع ألقت الطائرة بقنبلة ثانية فأختفى المنزل وبعد عشرين دقيقة وصلت الشرطة العراقية وسيارات الإسعاف إلى الموقع لتجد الزرقاوي ما يزال حيا فنقلته إلى المستشفى وتوفي حوالي الساعة السابعة وأربع دقائق من ذلك اليوم.

ومرت جماعته بمرحلة من التقهقر الذي سرعان ما تحول إلى قوة “داعش” مكنتها من تحقيق بعضا من طموحات الزرقاوي بإزالة حدود الشرق الأوسط والتمدد الذي تؤمن جماعته بأن لا حدود له.

وتناول الكاتب بتوسع وتفاصيل كثيرة انتشار “داعش” وانتقال الزعامة الى ابو بكر البغدادي وانتقال التنظيم الى سوريا والخلافات التي وقعت بين التنظيمات الاسلامية والخلاف مع جبهة النصرة الذي تحول الى هاوية سحيقة من الدم والنار .

جاءت الرايات السود من الشرق وفقا للرواية المورثة يحملها رجال اطلقوا لشعرهم ولحاهم العنان ويحملون اسماء منسوبة الى اسماء مدنهم ومسقط رؤوسهم لكنهم لم يأتوا على ظهور الخيل بل على متن سيارات “التندر” ووصلوا في بعض الاحيان ضمن قوافل ضمت العشرات من سيارات “التندر ” التي اثارت غمامات كبيرة من الغبار والأتربة اثناء قطعها الصحاري العراقية باتجاه الغرب .

وبعد عام تقريبا من دخول الدولة الاسلامية الى سوريا بدأ ابو بكر البغدادي بالسيطرة على “المشروع” الذي يعتقد انه انجرف وتأكل بشكل كامل وقرر ان يري المنشقين السوريين والعالم كيف تدار الخلافة الاسلامية .

وحتى يضمن البغدادي ممرا امنا ودون عوائق باتجاه الحدود السورية عين احد مساعديه الاكثر حيوية ونشاطا قائدة ومسئولا عن الطريق الرئيسي الممتد من غرب محافظة الانبار العراقية وصولا الى الحدود السورية وهو القائد “شاكر وهيب الدليمي” وهو القائد اللامع لمنطقة لانبار والذي حظي بالعديد من الالقاب المحلية مثل “ابو وهيب” ويعتبر احد “النجوم” اللامعين في هذه المنظمة الارهابية وهو شخصية استحواذية وحريص جدا على مظهره العام.

وصمم مبرج الحاسوب السابق البالغ من العمر 27 عاما شخصيته قاصدا الشبه ببطله وقدوته ابو مصعب الزرقاوي الذي خدم تحت امرته لفترة قصيرة حتى تم اعتقاله والزج به عام 2006 في معتقل “بوكا”.

ويسعى حاليا الى نسخ مظهر الزرقاوي فأطلق شعره وارتدى القبعة المرتبة صولا الى التقاط الصور دون قناع محاولا الظهور كـ ” اسطورة جهادية ” .

وظهرت غالبية افلام الفيديو التي وثقت ابو وهيب بصورة تافه دون ان يقصد اتباعه ذلك طبعا حيث ظهر وهو يؤدي بعض حركات الكراتيه او ثناء محاولته القفز في الهواء مطلقا النار من بندقيته فيما ظهر في فيديوهات اخرى تجمد الدم في العروق من بشاعتها .

وسجل انصار ابو وهيب في ربيع 2013 فيلم تسجيلي ظهر فيه زعيمهم يقف حاملا بندقية وسط طريق سريع صحراوي وهو يؤشر لقافلة شاحنات تحمل جرافات كانت في طريقها من سوريا الى العراق ويطلب منها التوقف وبعد ان توقفت القافلة حاصر ابو “وهيب” ثلاثة سائقين وطلب منهم ابراز بطاقات هويتهم الشخصية حتى يتأكد من مذهبهم وهل هم من الشيعة ام لا .

ورصد الفيلم الحديث الذي دار مع السائقين وجميعهم من السوريين في العشرينيات من العمر وقال لهم طبعا تفهمون خطورة تقديم اجابات غير صحيحة حيث كان الثلاثة ينفون بقوة أي علاقة لهم بالشيعة او المذهب الشيعي او النظام السوري.

انتم من الشيعة ؟

” نحن سنة من مدينة حمص” اجاب احد السائقين وهو اصغرهم وظهر كشاب جميل ووسيم يرتدي سروال من الجينز وقميصا ابيض باكمام قصيرة .

هل انتم متأكدون؟

نحن لا نريد سوى ان نعيش نحن هنا نبحث عن لقمة عيشنا ، قال اكبر السائقين .

وهنا شعر ” ابو وهيب” بالسرور وبدا يتسلى بهم قائلا كيف تثبتون لي انكم من السنة؟ كم ركعة تركعون في صلاة الفجر ؟

وشعر السائقون بالتوتر وقالوا “اربع ” فيما قال سائق اخر “ثلاثة” واخر “خمسة ” .

وهنا قال ابو “وهيب” من ايجاباتكم يتضح انكم من الرافضة ” الشيعة ” وهنا اجبرهم على الركوع وسط الجزيرة الترابية التي تفصل بين مساري الشارع واطلق عليهم صلية من الرصاص الذي اصاب ظهرهم وحين حاولوا “الفرار زحفا ” اطلق رصاصة على راس كل واحد منهم.

“الان اصبح الطريق الدولي السريع تحت سيطرة الدولة الاسلامية ” صاح احد اتباع ابو وهيب قبل ان يحرقوا الشاحنات تاركين جثث السائقين على الارض الرملية التي امتصت دمائهم لينتهي الفيلم بمقطع من صوت ابو مصعب الزرقاوي .

ونشر البغدادي يوم 9/4/2013 تسجيلا صوتيا من 21 دقيقة عبر مواقع الانترنت المحسوبة على التنظيمات الاسلامية معلنا “عملية اصلاح ” واسعة وشاملة متنصلا من جبهة النصرة نهائيا معلنا اقامة تنظيم دجديد يدعى الدولة الاسلامية في العراق والشام وصبح المتحدثون باللغة الانجليزية يعرفون هذا التنظيم الجديد بالاختصار”” ISIS.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *