3أخبار الطيبةالأخبار العاجلةكلمة حرة

الخدمة المدنية: طريق جهنم مرصوف بالورود!، بقلم : ناضل حسنين

يبدو انه كتبت علينا المواجهة المتواصلة مع ما تحاول السلطات الاسرائيلية فرضه علينا من خدمة تطلق عليها ”مدنية“ وهي لا بد ستنتهي بنا الى “خدمة علم” ليس إلا.

1

وكلما دحرنا هذه المطالبة من حين لآخر، وكلما اخرجناها من حيزنا وابعدناها الى خارج حدودنا الاقليمية، كلما عادت تقرع الباب من جديد فتجد دائما من يفتح لها الباب ويرحب بها قبل ان يتبين ملامحها بأنها هي ذاتها “الخدمة” التي تبدو تسميتها في غاية البراءة بينما حشوتها من الجمر تكوي كل من يسايرها.

لقد تعبت من افتراض حسن نوايا المتحدثين في هذا الموضوع ! الى متى سيواصلون محاولاتهم تقديم “الخدمة المدنية” لشبابنا على انها نوع من التطوع لصالح بلدنا ومجتمعنا، كي يتلقفها كل ساذج كرغيف من الخبز الساخن؟ الى متى ستبقى الاحزاب والجمعيات ذات الصلة تتجاهل هذا الامر الخطير وتكتفي بأنصاف العبارات عند توعية الشبيبة؟

 لم يعد يكفي ان نردد بأعلى صوتنا ليلا ونهارا بأننا ضد هذه الخدمة، لأن الفريسة هم شبابنا وإذا لم تتضح امامهم اسباب رفض هذه الخدمة وإذا لم يتيقنوا من مخاطرها، فلن ننتظر طويلا حتى نشاهد شبابنا يتجولون بزيهم العسكري في شوارع الطيبة.

علينا ان نسهب في حديثنا مع الشباب وبكل ما نملك من اصرار علينا ان نوضح لهم ان الخدمة المدنية او العسكرية او أي خدمة تفرض عليهم بمحض قانون امني، إن هي في النهاية، إلا خدمة في صفوف الجيش الاسرائيلي حتى ولو بلباس مدني. وعلينا ان نوقظ الصبية او الشاب الحالم بامتيازات الجندي المسرح قبل ان يقع فريسة لمثل هذا الاعتقاد الخاطئ بأنه يؤدي خدمة لمجتمعه وكأنهم يطلبون منه ان يروي الازهار على شارع الـ 24؟

إن دعوة ضابط الشرطة حكروش خلال زيارته لبلدية الطيبة، الى اقامة مخفر للشرطة الجماهيرية في المدينة، تحت شعار حماية الممتلكات العامة والحفاظ على النظام والهدوء في المدينة، لهي دعوة مغلفة بالحق جوهرها باطل، وهي نبشت من جديد الخدمة المدنية وهزت كل من أخذته سنة من النوم عن هذا الموضوع واعادته ليكون محور الحوار الطيباوي.

اؤكد على مسؤوليتي، ان من يقع في مصيدة الخدمة المدنية، ظنا منه انه يؤدي خدمة لبلده، سيصمت على سقوطه ضحية للخديعة ولن يتراجع حتى عند اكتشافه للفخ الذي وقع فيه، لأن تراجعه يعني اعترافا بالهزيمة امام التحايل، والشاب بطابعه لا يحب الهزيمة ويفضل مواصلة الدور والدفاع عنه على انه خيار صائب…

اخشى ان تجد حملات المروجين للخدمة الإلزامية على اشكالها، اذانا صاغية تقتنع بأنهم يروجون للتطوع بما فيه خير البلد والمجتمع العربي وما يعزز الانتماء لمسقط رأس الفرد منا. هذا ادعاء مخادع ومدعيه يكاد يلامس الخيانة الوطنية حين يبدر عن ادراكه الكامل للدور الذي يؤديه. هؤلاء يتعمدون الخلط الفادح والفاضح بين التطوع والخدمة الإلزامية بغية الإيقاع بمن يترددون بين الجهل والضعف.

لا احد منا يعارض التطوع لأجل البلد، بل علينا ان نحفز باستمرار إرادتك الحرة لتأدية عمل او خدمة لبلدك بدون مقابل اينما تشاء ومتى تشاء وان تتوقف عن اداء هذا العمل او هذه الخدمة حينما تشاء وكيفما تشاء لأنك حر الارادة. ولكن مسافة شاسعة تفصل التطوع عن الخدمة، والمسألة تكمن في هذه المسافة!

تصور انك التحقت بالخدمة المدنية، وتصور هذا السيناريو الافتراضي الذي يعتبر الخدمة المدنية بكل هذه البراءة رغم انها قد تكون جاءت تطبيقا لنصوص قانونية: قد يطلبون منك في اليوم الاول ان تؤدي هذه الخدمة في بيت المسنين في بلدك (الطيبة مثلا)، فتقول في نفسك “لم لا فأنا اخدم اهل بلدي من المسنين!”….

تعمل هكذا اسبوعين او ثلاثة ثم يطلبون منك ان تؤدي ذات الخدمة في بيت المسنين في مدينة الطيرة العربية المجاورة… تبقى تعمل هناك اسبوعين واو ثلاثة ثم يرسلونك لتأديتها في بيت المسنين في بلدة كوخاف يائير اليهودية المجاورة للطيبة حيث ينقصهم أناس مثلك، ثم بعد ذلك في بيت المسنين في مستوطنة كارني شومرون اليهودية القريبة هي ايضاً من بلدك الطيبة، وهناك قد تتعرض للرشق بالحجارة فيطلبون منك حمل السلاح لأنك تتواجد في منطقة خطرة… و”هوب” اصبحت جندي احتلال من حيث تدري ولا تملك ان تقول “لا”…لقد مضغتك الماكينة.

  هذا الوصف التصويري اقصد به ان من يقع ضحية لمثل هذه الخديعة ليس حرا في تصرفه طالما تعلق الامر بمشروع الخدمة المدنية. ومن التسمية البريئة “الخدمة المدنية” الى الاسم القادم لها “الخدمة الاجبارية” يفصلنا تعديل بند او نصف بند في القانون. ما يهم السلطة ان نستجيب لها ونبدأ تأدية خدمة مجانية أي كانت بقوة القانون والبقية تأتي بسهولة… هكذا هي اللعبة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *